“كورونا يا بنت المجنونة” في مصر… التعليم بـ”الحفاية” في الأردن… والرهان على “وعي الفيروس” في السودان
سؤال القطايف الرمضانية الشهيرة، على كل لسان، ونقيب المخابز قال إن السلطات لم تبلغه بعد ما إذا كان مسموحا بيع العجينة الساحرة، التي تعتبر من أهم طقوس شهر رمضان المبارك.
مباشرة بعد الجدل، الذي أثارته في الأردن واقعة “العطوة” العشائرية، التي تمردت على أوامر الدفاع، تبادل عدد كبير من النشطاء الأردنيين وضمن موجة “خفة الظل”، التي ترافق الحالة في المنازل العبارة، التي تعلن “سقط الرهان على وعي المواطن الأردني والرهان الوحيد اليوم على الفيروس”.
محطة “المملكة” حاولت الاتصال في حزمتها الحوارية مع كل المسؤولين، الذين يمكنهم الإجابة على سؤال، ما حصل في الرمثا، خصوصا وأن الحادثة لها تداعيات في الصف الرسمي.
في الصوت وبدون صورة ومع المذيع هاني البدري، عبر وزير الصحة سعد جابر عن شعوره العميق بالأسف، ووصف “العطوة” بأنها “تدمير” للجهد العسكري والطبي والأمني.
وهو أسف ظهر تماما على شاشة التلفزيون الأردني في المؤتمرات الصحافية، حيث الوزير نفسه يعود للنغمة القديمة: “إغسلوا أيديكم… إجلسوا في بيوتكم… تباعدوا مترين… ساعدونا”.
تعليم عن بعد
خفة ظل الأردنيين في “زمن كورونا” لا حدود لها، فمطبخ فضائية “رؤيا” الوحيد الفعال في ظل الأزمة، لم يبلغ المواطنين بعد بالسؤال الأكثر إلحاحا: ما هي وصفة صنع حلويات القطايف في المنزل؟
سؤال القطايف الرمضانية الشهيرة، على كل لسان، ونقيب المخابز قال إن السلطات لم تبلغه بعد ما إذا كان مسموحا بيع العجينة الساحرة، التي تعتبر من أهم طقوس شهر رمضان المبارك.
مثلا “نكتة كورونا” الأبرز في المنصات المحلية، تحت عنوان التعليم عن بعد هي التالية: جارتنا بتدرس إبنها على البلكونة بسبب الحظر. الولد صار نازل عالشارع 20 مرة لإحضار “الحفاية”! الحذاء بمعنى آخر هو تقنية التعليم الأساسية عند الأمهات في زمن الحظر، حيث أعداد ضخمة من الأمهات لا يعرفن شيئا عن الكومبيوتر وآلاف المنازل لا يصلها الإنترنت بسبب الفقر.
ثمة رسالة في سياق خفة الظل وجهها المئات للحكومة “إذا لم تسامحونا كمواطنين بفواتير الكهرباء سننزل إلى الشارع و”نبوس بعض”.
السودان والفيروس
حتى على فضائية السودان اليتيمة بقي الرهان على “وعي الفيروس”، حيث استيقظ الأشقاء متأخرين عن العالم. فقط ظهر يوم السبت قرر الحكم السوداني فرض العزل والحظر الاجتماعي، بينما الدول كلها مشغولة بوسائل تفكيك العزل.
ما علينا الزملاء في فضائية السودان استضافوا مسؤولا لإعلان النبأ، وفي الخلفية صورة لأسواق الخرطوم مباشرة، مع كاميرا لا توحي بأي استجابة، حيث الغبار والتجول بالعكاز، ولا أحد يحفل بسيارة الشرطة العابرة، التي لا تحفل هي الأخرى في سؤال الناس.
في كل مكان هي “كورونا المجنونة” على حد تعبير الإنشودة المصرية، التي تبثها كفاصل محطة “دنيا”: “كورونا… يا بنت المجنونة”.
أعجبتني تلك الأغنية وترنمت قليلا بها، خصوصا وأنها تنسجم مع وصلة الإفتاء الدافئة المتدفقة من الشيخ الدكتور عبد الفتاح مورو في برنامج حواري بثته فضائية “التونسي”، حيث حديث عن الصيام وشهر رمضان والتواصل مع الزوجة والبقاء في البيت.. إلخ.
يفهم المشاهد من تلميحات كورونا أن الرجل ينبغي أن لا يشعر بعد عقود من الزواج بأنه “عريس طازج”، خصوصا في وقت كورونا مصرا على عودة القواعد الشرعية إلى “الاختصاص”، حيث الأطباء هم أصحاب القرار وطاعتهم لا تخالف الشرع في أي مسألة.
لا أحد من إياهم يريد الاستماع للشيخ مورو، فعلى شاشة “البغدادية” إعادة مكررة لخطبة أحد المواطنين العراقيين على أبواب مقامات الصحابة الأتقياء والإمام الأكبر، ورجل دين شيعي يصرخ “هاي مقامات مستشفى. مصاب الكورونا بس ييجي عنا ويتطهر”، ثم يتدخل رجل آخر “هاي كورونا مال الكفار وأعداء سيدنا علي وإحنا ما تصيبنا”!
لولا العيب لقال صاحبنا إنها “مال أهل السنة”، حتى يؤسس لتوازن شاشاتي يعادل بضاعة محطة “العربية”، وهي تكاد تقسم بين الأحرف والأسطر بأن “السعودي الشيعي” نقل العدوى للوطن من “العتبات المقدسة”!
حتى الفيروس يعجز عن ملاحقة خطاب متلفز من هذا النوع!
حويطي – خاشقجي
النسخة الثانية من المرحوم جمال خاشقجي. نتحدث هنا عن تسليط محطة “الجزيرة” الضوء على الموصوف السعودي الراحل أيضا بـ”شهيد نيوم” عبد الرحيم الحويطي.
الشريط، الذي يتحدث عبره الحويطات الراحل، وصلنا قبل أكثر من أسبوع من شيوع نبأ مقتله، على أيدي رجال الأمن السعودي، فقط لأنه رفض مغادرة قريته وأرضه، التي صادرتها شركات تستولي على الأراضي وتسرقها لنفع مشروع “نيوم الساحر”!
الرجل ضحية مظلومة. ومشروع “نيوم” أصلا متوحش وغامض وخطير.
وكل من يفتح فمه في المملكة يغلق إلى الأبد، وفي طرق عدة، وحجم التعسف لا يطاق هنا، وما حصل مع الحويطي جريمة إنسانية بشعة في كل حال، لكن الرجل دفع ثمن خياره المعلن وتوقعه أن يموت، لأنه قرر مقاومة “نيوم”.
كل ذلك صحيح ونبصم عليه، لكن خاشقجي، رحمه الله، مسألة مختلفة في المقاييس كلها، وقد قتل غدرا أيضا.
مدير مكتب “القدس العربي” في عمان