«ملائكة المستوطنات» في عيون «نتفلكيس» فمتى «تغريبة الطوفان»؟ الأردن و«حشوة ترامب»: أين قمة الإحراج؟

جاسوسة أمريكية اسما «كاي»، متخصصة في «الملف الأفغاني» تزور لأغراض العمل «الضفة الغربية»، وتقف على بوابة صديقة لها في مستوطنة «معاليه أدوميم».
اللقطة الأهم في المسلسل، الذي تبثه حاليا شبكة «نتفليكس» هي تلك التي تراقب فيها الجاسوسة أثناء انتظار عميل روسي» 3 أطفال» يرتدون قلنسوات ويتقاذفون ببراءة كرة قدم ويلعبون في زقاق.
حجم البراءة الملائكية في تصوير عيني الجاسوسة، وهي تنظر بـ»حنان وشغف» للأطفال يدرس في عالم التصوير في حصة اسمها «كيف يمكن تقديم الشيطان باعتباره أحد الملائكة؟».
الأطفال الثلاثة لديهم أيضا فائض لهو، ولأن المسلسل تم تصويره عام 2019 يمكن الافتراض أن هؤلاء الأطفال تحولوا إلى شباب وشاركوا في حرب الإبادة، ولهم أذرع قوية مثل أقرانهم في «جيش الرب»، وساهموا في قتل ما لا يقل عن 20 ألف طفل من أبناء غزة، حسب أرقام الأمم المتحدة.
يثير المشهد كل الذكريات الحزينة عن عبقرية بتوع السينما في تحويل الباطل إلى حق، وتخاذل جماعة الفن والدراما العرب والمسلمين، ومعهم بعض الفلسطينيين.
المشهد يقول كل شيء تقريبا لصالح «السردية الإسرائيلية» المقيتة.
«تغريبة» الطوفان
عموما، التقاط المشهد من قنوات «نتفليكس» فرصة لتذكير المهتمين حاليا بما يسمى «السردية الفلسطينية أو الأردنية» بتلك الأساليب التي تستخدمها الرواية الصهيونية المجرمة، وهي تتسلل إلى بيوتنا عبر إنتاج سينمائي مشبوه، لكنه مؤثر ومنتج ويقلب الحقائق، حيث لا مسلسلات بعد لا في هوليوود ولا عبر نتفليكس تتحدث عن طحن عظام أكثر من 20 الفا من أطفال غزة.
سألت المؤرخ الدرامي الدكتور وليد سيف في ندوة عامة مؤخرا: بعد مسلسل «التغريبة»، هل نتوقع مسلسل «الطوفان»؟
الجواب كان مفاجئا ومضمونه: «لا نعرف الرموز وما يجري بعد؟» لا بد من وجود مؤسسات واجبها «التوثيق» على الأقل لأغراض الدراما التلفزيونية».
يمكن مثلا التأسيس لحلقات جديدة من مسلسل الجاسوسة كاي، لكن في نسخة فلسطينية بعرض يبدأ من مشهد أطفال المستوطنات مع كرة القدم، ثم كاميرا تتابع مسيرتهم وصولا لانضمامهم للجيش في دولة تعربد.
الحبكة الأهم «هي تلك التي تقول إن الأطفال الأبرياء بتوع كاي تحولوا إلى صفة معتل اجتماعي ونفسي يتمكن من معدات عسكرية أمريكية ويفتك بأطفال فلسطين».
تلك نصيحة فنية لمجموعة التلفزيونات الوطنية.
قمة الإحراج… أين؟
نفهم من إطلالة عمر العياصرة، عضو مجلس الأعيان الأردني على شاشة فضائية «رؤيا» المحلية أن «قمة الإحراج» قد نشهدها إذا قرر الأمريكيون لاحقا تصنيف حزب «جبهة العمل الإسلامي» المعارض باعتباره حالة إرهابية تتبع تنظيمات مصنفة، وفقا للصيغة التي طرحها الرئيس دونالد ترامب.
شاشة «رؤيا» لم تتوسع بالتفاصيل وسعت فقط لـ»أردنة» النقاش.
نتمنى على الشاشات المحلية مثل «المملكة» استضافة شخصيات إسلامية خبيرة يعتد بها للتحدث عن الجزء الأردني في خطة ترامب ما دام الأخير حشر اسم البلد في أمره التنفيذي بطريقة فجة للغاية وبصيغة «حشوة» ينتج عنها الإحراج.
أين؟ وما هو «الإحراج»، الذي يتحدث عنه زميلنا العياصرة بصورة محددة؟
ألا يوجد فيكم رجل حكيم؟ السؤال موجه لمنظري شيطنة التيار الإسلامي ودعاة التحريض عليه، حفاظا على المساعدات الأمريكية.
لاحظنا على الشاشات الرسمية المحلية مستويات ابتهاج غير مفهومة بقرار ترامب، الذي تجاهلته حتى محطة «سي إن إن» حتى يتخيل المراقب أن حجم المهتمين بأوامر الرئيس التنفيذية في عمان أكبر منهم في واشنطن.
تعالوا معا نسعى لمحاولة «تعريف قمة الإحراج».
هي تمثل تلك المساحة التي تجلس فيها الشاشات المرعوبة أو المركوبة متوسعة في الحديث عن قوم لا متحدث بلسانهم على الهواء.
أو تلك المساحة التي تريد القول إن «حل حزب كبير» مرخص بصفة قانونية فيه تضحية وفداء، حفاظا على مصالح يعرفها الجميع وكأن السفير الأمريكي الجديد المحب للمشاوي والزيتون سيتولى «وظيفة مراقب سجل الأحزاب الأردنية».
الإحراج الحقيقي أن نتحول من خطباء راشدين واجبهم توفير «خيارات إستراتيجية متعددة» أمام الدولة إلى مجموعة «لطم ساذجة» وظيفتها فقط التحريض على مكون أساسي في الشعب والمجتمع والدولة معا.
الجلوس على «خازوق قمة الإحراج» يتمثل في العبث باستقرار الداخل للترويج لإرضاء قرار تنفيذي لم نعرف بعد أصله من فصله أو كلفته على الجميع حيث يوجد دوما في مواجهة السلطة ضوء ما نحو «السيناريو الثالث».
إذا شطبنا – السؤال لتلفزيون رؤيا – حول حزب مرخص لإرضاء طواقم ترامب.. ما هي الضمانة ألا يطلب سفير واشنطن لاحقا بشطب حزب «الميثاق»، لأن اسمه يماثل عبارات وردت في بروتوكولات معادية للسامية أو حزب العمال لأن اسمه يذكر أحد ما بـ»ليخ فاونسا»؟
للتذكير فقط المساعدات الأمريكية «ثمن بخس» للغاية مقابل «خدمات خاصة جدا» تقدم لمصالح أمريكا وأمنها القومي في المنطقة.
أحسن من قال يوما لنا: «المساعدات كذبة كبرى نصفها يعود لواشنطن ونصفها الثاني لا يعني شيئا، مقابل 13 قاعدة عسكرية» على التراب الأردني»!
٭ مدير مكتب «القدس العربي» في عمان
