مونديال العرب: غزة تشجع منتخب الضفتين… تونس توزع الكوفية ومحمد عبده مطلوب لـ«النشامى»

كرة القدم مثل «الغاز» تماما.. تتسرب أحيانا «أسرع مما هو متوقع» إلى مناطق لا علاقة لها بالرياضة أو الملاعب.
ليست صدفة أن المخرج المختص في قناة «أبو ظبي» الرياضية مثلا، وهو ينقل مباراة منتخبي العراق والأردن نقل الكاميرا 5 مرات على الأقل في الشوط الثاني لرصد الفنان العراقي «كاظم الساهر» برفقة 3 أشخاص، وقد حضر لتشجيع فريق بلاده.
لسبب مفهوم تنتقل الكاميرا لمقعد الساهر، بعد تسجيل الأردن لهدف المباراة الوحيد فترصد لمحة أسف إنسانية عفوية من الفنان الكبير.
الجمهور الأردني بدوره التقط ما هو جوهري في المسألة، فمنصات التواصل بعد نهاية المباراة توسعت وهي تتأمل لقطة مماثلة في المدرجات نجمها الفنان الكبير أيضا محمد عبده.
جمهور «النشامى» هنا مارس حقه في المطالبة بحضور محمد عبده لمباراة مهمة مع المنتخب السعودي الشقيق مساء الإثنين والمشهد فيه بعض من منافسة وكيدية مدرجات ومفارقات تظهر أهمية تلك الكرة الساحرة المجنونة عند الجماهير.
غزة… تشجع «منتخب فلسطين»
اللقطة الأكثر إثارة هي تلك التي يظهر فيها «مشجع» من قطاع غزة، وهو يتحدث لمراسل قناة «الجزيرة» وسط البؤس والدمار والسيول عن سعادة أهالي غزة بأداء منتخب فلسطين، رغم ما فعله «الحكم المصري» وتوق الغزيين لتأهل فريق النشامى تحديدا للنهائي في البطولة وعودته إلى عمان بالكأس.
ما الذي يعنيه ذلك بصورة محددة؟
أحد الخبراء وعبر تفاعلات وسط شبكة تواصل تتبع قناة «الميادين» لاحظ ما يلي: إسرائيل قتلت في جريمة الإبادة 5 لاعبين من الصف الأول في كرة القدم من أبناء القطاع، بينهم كابتن منتخب فلسطين الأسبق، وقتلت أيضا ما لا يقل عن 35 نجما رياضيا بارزا.
الفريق الفلسطيني تم تشكيله في رام الله، رغم ذلك منتخب «الفدائي» شجعه جميع أهل غزة بحرارة أظهرتها 3 تقارير على الأقل لمراسلي الحرب العاملين مع «الجزيرة» و»العربية».
الإبادة هنا لم تمنع رموز الحياة والصمود من شباب غزة من التحلق وسط الرياح في «خيمة ما» قرب خانيونس لـ»تشجيع منتخب بلادهم».
أحدهم ظهر على شاشة فضائية فلسطين في حديث «كريه» يلمح فيه إلى «منتخب السلطة والضفة وليس غزة» مستكثرا على أحد لاعبي المنتخب الفلسطيني أن يخرج على فضائية اسمها «الرياضية» ثم يهدي الفوز لـ»ضحايا الإبادة».
صاحبنا هذا، حتى في كرة القدم قرر فجأة أن «الرياضة المحترفة لا تحتمل تعبيرات سياسية» مع أن الحديث عن «الإبادة» مسألة «أخلاقية ووطنية» في المقام الأول مثل الرياضة.
مزيج «النشامى والفدائي»
مفارقة إضافية سجلتها ملاعب الدوحة الأسبوع الماضي: أحد المشجعين ألهب المنصات الاجتماعية، وهو يستعير كل ذكريات «فريق نادي الضفتين» في عمان، قائلا «صحيح منتخبنا الفلسطيني خرج من دور الثمانية، لكن فريقنا الثاني وهو منتخب النشامى صعد».
ظهر المشجع الفلسطيني هنا على نشرة دعائية تحمل اسم «قناة البصرة الرياضية» برفقة عنوان عريض يقول «تصريح مؤسف لمشجع فلسطيني».
ما اعتبرته القناة العراقية مؤسفا هو القول:» لم نغادر البطولة.. فريقنا الثاني «الأردن» سيهزم العراق.
طبعا يمكن وضع 10 خطوط تحت عبارة «فريقنا الثاني»، ثم الاسترسال ببحر من التحليلات والرسائل، التي تحتاج لما هو أبعد بكثير من خبراء رياضة وملاعب.
هنا تعليق بسيط أشار له بخجل معلق استضافته قناة «المملكة» للحديث عن «الظهور المميز لمشجعي النشامى» في مونديال العرب، وعلى أساس أن أداء النشامى لفت نظر كل الجمهور، مع أن عبارة فلسطينية من طراز «لم نغادر البطولة وفريقنا الثاني.. إلخ» تؤسس «دلالات» أبعد بكثير مما قصدته قناة «المملكة».
تونس توزع الكوفية
النشرة الرياضية في أخبار «الجزيرة» أبرزت واقعة رفض لاعب تونسي الاحتفال بتسجيله هدفا في مرمى «فلسطين».
ورجل أعمال حضر مباراة فلسطين وتونس بين الجمهور أبلغ كاتب هذه السطور بما يلي: فوجئت بفتاة تونسية تحمل علم البلدين.. لاحظت أني فلسطيني ولا أحمل كوفية فأخرجت واحدة من جيوبها وطالبتني برفعها ثم قام مشجع تونسي آخر بإخراج كوفية فلسطينية وإهدائها لأبني.
صاحبنا مشجع الفدائي والنشامى معا سجل هدفا صاروخيا في مرمى كل دعاة الفتنة والانقسام بين «شعبين».
وجماهير الكرة قالت في المونديال العربي للقاصي والداني إن نهر الأردن مجرد فاصل بين «شعب واحد في ضفتين».
الخلاصة: ما توحي به شبكات التلفزة الرياضية، وهي تتجول وسط مفارقات المدرجات واللاعبين والكرة أخطر وأهم بكثير مما تقدمه لنا من «متابعات مغرية ومدهشة» للرياضة الأكثر نفوذا في الكون.
أين وما هو «نبض الشارع العربي»؟ سأل باحث ما عبر الموقع الإلكتروني في محطة «سي أن أن» بالتركية .
الجواب مباشر وصريح وبسيط، ويمكن الحصول عليه عند مراقبة تلك الرسائل الصامتة أو الصاخبة التي تلتقطها كاميرات الشبكات الرياضية بعبقرية تثبت أن المعدين والمصورين والمخرجين أيضا مسيسون، ولديهم «عدو واحد» وتواقون لـ»الوحدة»، والأهم لـ»تحرير فلسطين»، حتى وهم يمتنعون عن قول ذلك علنا، طبعا لأسباب تعرفها القيادة.
