Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

«نقلق لكن لا نخاف»… خطاب العرش الأردني: «جرعة» الرهان على الشعب… كيف «تستجيب» المؤسسات؟

عمان – «القدس العربي»: معادلة «نقلق لكن لا نخاف إلا الله» وبعيداً عن الانحراف والشطط في التأويل والتفسير، يمكن قراءتها باعتبارها الرسالة المركزية في خطاب العرش الدستوري الذي ألقاه بعد ظهر أمس الأحد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بعد سلسلة من اللقاءات والتشاورات التي اشتبك فيها مع المجتمع الدولي.
المعادلة قيلت للأردنيين عموماً، ولكن في غلاف المؤسسات الدستورية، تحسب بجرأة هذه المرة لصالح مشاركة المؤسسة لعموم المواطنين بالمخاوف وقراءة الوقائع وعلى أساس توفر كل الطاقات وأوراق القوة المرجعية والمؤسسية التي تكفل للأردنيين البقاء كما كانوا برسم القوة والصلابة مهما تعاظمت الأحداث.
خطاب العرش سأل عملياً نيابة عن الأردنيين عن القلق والمشاعر، لكن أهم ما فيه أنه قدم الجواب؛ فالقيادة تشعر مثل المواطنين، بالقلق لكنها لا تخشى إلا الله، ولا تهاب شيئاً مادام الشعب الأردني في ظهرها ومعها، وتشتد به.
تلك مقاربة لا يمكن الاستهانة لا في تحليلها ولا تأويلها، بعيداً عن النص المرجعي، لكنها في كل حال مقاربة تقر بالوقائع، لا بل تخاطب المخاطر الخارجية المحتملة في سياق واقعي، وتعرض أوراق القوة أمام الشعب الأردني، وأبرزها خبرة الصمود وسط ألغام الأزمات، والجيش العربي المصطفوي، والمؤسسات السيادية، ثم الحرص على الاستمرار في نهج التحديث السياسي والاقتصادي حيث لا تملك المؤسسات -وفقاً لمنطوق خطاب العرش- ترف الوقت الطويل، ولا مجال للتراخي.
استمر خطاب العرش بمناسبة افتتاح دورة البرلمان العادية 8 دقائق صفق خلالها الحضور 16 مرة.
وغلبت إشارات المصارحة الوطنية في التشخيص وإظهار القدرة على تحدي المخاطر عبر التمسك حصراً بخطاب الثوابت؛ فقد أوضح الملك الأردني بعيداً عن أي التباس، بأن الأردن سيبقى إلى جانب أهل قطاع غزة في كل إمكاناته، وأنه لن يقبل باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية بالضفة الغربية، حيث الموقف هنا راسخ ولا يلين، فيما قال الخطاب الملكي بوضح إن الأردن ليس بصدد إلا الاستمرار بالوصاية الهاشمية ورعاية الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس.
وخصص خطاب الدقائق الـ 8 عملياً لدعم خطط التحديث في المسارين الاقتصادي والسياسي. لكن الحصة الخارجية في الخطاب خصصت لصالح أهل غزة والقضية الفلسطينية، فيما يرى المراقبون الخبراء أن جرعة الرهان على الشعب الاردني كسند للمؤسسات كانت ظاهرة بوضوح في خطاب العرش، وتزاملت مع معادلة «نقلق لكن لا نخاف»، وهو أمر يخصص مساحات من الواجب والالتزامات عملياً لبقية المؤسسات في الدولة.
سؤال الرهان على وقوف الشعب خلف خيارات القيادة مرهون الآن بقدرة سلطات التنفيذ والتشريع على تقديم الإجابة، وهو ما يمكن تلمسه عندما يقرر مجلسا الأعيان والنواب صفة الرد على خطاب العرش الملكي، فيما واجب الحكومة والسلطة التنفيذية بعد الإقرار ببعض المخاطر الوجودية، العمل على برمجة ترفع مستوى تأهيل الشارع الشعبي والجمهور إلى المهمة التي راهن عليها الخطاب في إسناد الدولة والمرجعيات والمواقف والثوابت.
تلك مهمة قد تكون هي الأصعب في المسار التنفيذي، لكن أطراف التنفيذ محظوظة عملياً؛ لأن خطبة العرش رسمت حدود الرهانات وأظهرت التمسك بالمواقف والثوابت، وما على بقية المؤسسات التمثيلية والتشريعية إلا الامتثال برامجياً، والاستثمار في القيم التي عرضت في أهم خطاب دستوري تحت قبة مجلس الأمة وسلطة التشريع.
يحتاج النواب والأعيان وبعدهم الوزراء للارتقاء إلى مستوى التكليف الدستوري والتوجيه الملكي.
وبعد جرعة المصارحات في الخطاب، يمكن القول بأن بقية المهمة الآن مرتهنة بالمؤسسات التنفيذية والتشريعية؛ لأن المسار الدستوري لخطاب العرش بطبيعته توجيهي وتكليفي، وعلى المؤسسات وأجنحتها المبادرة والاجتهاد فوراً، بحثاً عن حسن الالتزام والتنفيذ.
هنا قد تغرق النخب السياسية والبيروقراطية في الكثير من التفاصيل.
السؤال السياسي يصبح بالتالي: هل تضمن خطاب العرش إشارات مبكرة تحت عنوان العودة إلى الداخل في المرحلة المقبلة؟
الإجابة المفترضة عن السؤال أصبحت بدورها رهناً بمستوى استجابة المؤسسات والسلطات لمضامين خطاب العرش العميقة، الأمر الذي يوحي في المقابل بأن خطوات إضافية وتغييرات على أساس إكمال تجربة التحديث قد تكون في طريقها للولادة بعد افتتاح الدورة العادية للبرلمان.
وهو جزء من الدور المنوط عملياً برئيس مجلس النواب الجديد الجنرال مازن القاضي، الذي أصبح بعد عصر الأحد رئيساً لمجلس النواب، وحظي بالموقع بالتفاوض والتزكية، ولم يترشح لمنافسته أي زميل له، ما كرسه لاعباً جديداً في قمة المؤسسات في مرحلة معادلة «نقلق ولا نخاف».
وهي معادلة يعتقد ان القاضي من أبرز الخبراء فيها، بحكم تقلده في الماضي لعدة مواقع أمنية متقدمة، وخبراته في دعم وإسناد التعددية الحزبية والجبهة الداخلية.
والاستجابة لموضوعة «التوجيه الملكي الدستوري» الذي عبرت عنه وثيقة خطاب العرش، لا تقتصر على القاضي ولا على نائبه في الرئاسة النائب خميس عطية، وبقية أعضاء المكتب الدائم، بل على قيادة مجلس الأعيان ورئيس السلطة التنفيذية رئيس الحكومة الدكتور جعفر حسان.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading