اراء و مقالات

نهاية «السلام» في الميزان الأردني: هل يتم التمهيد لعودة خدمة العلم ولماذا؟

العبادي هو السياسي الأول الذي طالب بعودة خدمة العلم وتسليح الأردنيين وتدريبهم على القتال وتمنى أن يشمل برنامج خدمة العلم الجديد الفتيات والنساء أيضا.

عمان ـ «القدس العربي»:  لا يريد السياسي والبرلماني الأردني الدكتور ممدوح العبادي فقط تجديد مشروع خدمة العلم والخدمة العسكرية لمواجهة «حتمية قادمة لا محالة»مع إسرائيل، لكن مؤخرا وفي حديث لإحدى المحطات الإذاعية قال العبادي إن المطلوب أيضا إشراك نصف المجتمع أي المرأة الأردنية في الخدمة العسكرية وتدريبهن على السلاح لأن «إناث ونساء» العدو لا يحملن السلاح فقط بل يستعملنه ويقتلن ويفتكن به ضد شعبنا.

المقاربة التي يقترحها العبادي كانت مبكرة وفكرتها أن المواجهة «العسكرية» قادمة لا محالة وبلا ريب بين الشعب الأردني ومؤسساته العسكرية والحكومية وبين إسرائيل التوسعية، معتبرا أن التشكيك بحتمية هذه المواجهة التي قد لا تحصل اليوم أو غدا لكنها ستحصل، لا يعفي الجميع من الاحترازات والقيام بالواجب.
لذلك العبادي دعوته إلى برنامج عودة خدمة العلم أي الخدمة العسكرية تحسبا للظروف والاعتبارات التي تتطلبها أو قد تتطلبها لاحقا المواجهة المفتوحة مع حكومة اليمين الإسرائيلي.
ورحب العبادي بالتعليمات التي صدرت مؤخرا عن القوات المسلحة الأردنية بخصوص إعادة توثيق ملف قانون خدمة العلم معتبرا أن هذه القرارات إيجابية وتوحي بأن المملكة ينبغي أن تستعد لكل الاحتمالات ومواجهة التحديات.
لكن العبادي وهو السياسي الأول الذي طالب أصلا بعودة خدمة العلم وتسليح الأردنيين وتدريبهم على القتال تمنى أن لا يقتصر الأمر على الذكور من النشامى وبأن يشمل برنامج خدمة العلم الجديد الفتيات والنساء أيضا من بنات وكريمات الشعب الأردني.
«الأردنيات نشميات وأخوات وبنات رجال»… يشرح العبادي ثم يضيف، ونحن نرى العدو الإسرائيلي يدرب ويسلح الفتيات لممارسة الاعتداء على أهلنا وشعبنا في فلسطين المحتلة وبالتالي الأفضل للمجتمع الأردني أن تتدرب المرأة على السلاح والخدمة العسكرية أيضا.
المرجح أن ملف الخدمة العسكرية أصبح مطلبا شعبيا عارما بين الأردنيين والأهم بدأ يزحف ويتقدم الصفوف خصوصا بعد ما أعلنت القوات المسلحة الأردنية خطوات وصفها المذيع الإعلامي عامر الرجوب بأنها تنظيمية وتوثيقية في تحضير ملف متطلبات ومقتضيات قانون خدمة العلم.
ولم تعلن السلطات الرسمية والعسكرية والحكومية بعد عن عودة تطبيق قانون خدمة العلم لكنها طلبت من المكلفين بخدمة العلم بموجب القانون والذين تبلغ أعمارهم من الذكور ما بين 18 إلى 40 عاما مراجعة الدوائر المختصة وإعادة تأجيل دفاتر خدمة العلم العسكرية، والحرص على إصدار شهادات الإعفاء للذين يعفيهم القانون من الخدمة العسكرية ثم الحرص على عدم المغادرة والذهاب إلى السفر والمطار قبل التأكد من تلك الوثائق.
ويبدو أن هذه المرحلة توثيقية بمعنى إعادة قراءة سجلات المكلفين بخدمة العلم وإعادة إصدار الوثائق المرتبطة بحالات ومقتضيات الخدمة العسكرية خطوة أولى باتجاه برنامج له بعد وطني لاحقا لم يحظ بعد بالتوافق الحكومي ولم تدرس بعد أسبابه الاقتصادية ولا حتى أسبابه الأمنية، لكن الخطوة التنظيمية توحي ضمنا بأن خيار العودة للخدمة العسكرية في ظل طبيعة التحديات التي تعاني منها المنطقة والإقليم أصبح على الطاولة…لماذا الآن وبعد دعوات شعبية؟ هذا هو السؤال الذي تتأجل الإجابة عليه.
ملف خدمة العلم على الطاولة خطوة مثيرة للانتباه تحصل عمليا لأول مرة بين الأردنيين منذ عام 1994 حيث وقعت اتفاقية السلام مع إسرائيل فيما تبين الآن أنها في الواقع ليست «ضامنة» لأي شيء.
وحيث سبق أن ترافقت أحداث ما بعد 7 أكتوبر في غزة المحتلة مع دعوات شعبية متعددة وحزبية لعودة خدمة العلم ورحب جماعة الإخوان المسلمين بخدمة العلم وعودتها لا بل طالبت فيها كما طالبت بتسليح الشعب الأردني وتدريبه وتأهيله لمواجهة معركة باتت حتمية مع مشاريع وأطماع اليمين الإسرائيلي كما وصفها المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين قبل عدة أيام الشيخ مراد العضايلة.
وما يبدو عليه الأمر أن السلطات العليا في البلاد تتجاوب بمرحلة أولية للاستشارات وللمطالبات الشعبية لكن الظروف والاعتبارات السيادية لا تزال هي النقطة الفاصلة والأساسية في ملف إعادة خدمة العلم كاملة إلى الأردن، وهو الموضوع الذي ينبغي أن يناقش على مستوى سيادي ومؤسساتي مرجعي قبل أي اعتبار آخر. هذه الترتيبات الأولية تعود في الواقع اليوم بالتزامن مع ارتفاع مستوى الاحساس بالمخاطر الإقليمية خصوصا في ظل تجديد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اتهاماته العلنية لإسرائيل ولحكومة اليمين الإسرائيلية بجر المنطقة عموما إلى حرب إقليمية مفتوحة وشاملة.
وتعبيرات الحرب المفتوحة الشاملة هي التي قد تدخل المنطقة أمنيا وعسكريا بحالة من غياب اليقين السيادي والمؤسساتي والأمني، الأمر الذي قد يتوجب فعلا لاحقا تجهيز الأوراق والتحضيرات اللازمة لعودة خدمة العلم في وسط الأردنيين استجابة لمطالب ملحة لكنها شعبية وإن تحولت إذا ما تطورت الأمور إلى «استجابة سيادية» توافق ولو بنسبة جزئية على استنتاجات الكثير من الأطراف في المنطقة بأن العدو المقبل للأردن والأردنيين والعدو المتربص هو اليمين الإسرائيلي.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading