«هايد بارك» على حائط البراق للمطبعين فقط… والشعب الأردني يسأل: كاميرات لضبط مخالفات الحكومة!

أحدهم بحث عن الأضواء لسبب غامض فقرر ارتداء غطاء الرأس الأردني التقليدي ووقف على حائط البراق في القدس برفقة مستوطنين، وتحدث فقط باسمه الشخصي عن التعايش ووحدة الأديان في القدس المحتلة.
«هايد بارك» استثنائي على حائط البراق، خصص للمطبعين الأردنيين فقط، من معارضين تستضيفهم إسرائيل.
لاحقا، قامت الدنيا ولم تقعد في عمان، فقد أثار الرجل سخط وغضب الحجر قبل البشر في أرض النشامى.
ما يثير الانتباه في المشهد مايكرفون القناة الإسرائيلية 14 وهو يخصص مساحة لتغطية «حدث بائس» عن معارض أردني خارجي مطبع يقر ضمنا برواية المحتل بخصوص القدس.
لكن ما يثير الانتباه أكثر هو تلك الألقاب التي ألقاها أحد الزملاء في قناة «مكملين» الفضائية على «المطبع إياه»، فقد وصفه بأنه «أحد مشايخ القبائل»، واعتبره دليلا على «جرأة الباطل»!
أصل القصة مفردة أردنية محلية يعرفها النشامى، هي «مقاهرة» ورجل حائط البراق رسالته واضحة «حسنا لا تخصصوا وظيفة عليا لي سأتحول من المعارضة إلى الوحل لفضحكم، مستثمرا في أوراقي الأمريكية».
بالنسبة لقناة «مكملين» لا بد من تصحيح روايتها: الرجل لا علاقة له بعشيرته أو قبيلته، وهو لم يكن يوما زعيما أو وجيها في قومه، قبل المغادرة إلى ضفاف «هايد بارك» نيويورك في محطة تسبق القدس.
«الحريديم» وبن غفير
نعود لشبكة الفضائيات الإسرائيلية، حيث منع المتظاهرون من طائفة الحريديم مراسلة «القناة 13» من الحضور بينهم لتغطية نشاطهم، ونقل شكاويهم، ليس لأي سبب سياسي أو مهني، بل لأنها «امرأة» ولا يجوز لها الاختلاط بالرجل.
أحدهم، وهو فتى يافع هدد بتحطيم الكاميرا، ورفاقه طردوا المراسلة، فيما القناة المعروفة شوهد معلقوها يقولون: إسرائيل لم تعد كما كانت.
«الحريديم» لا يشاركون في الخدمة العسكرية، ويفضلون «الموت»، وسبب الإصرار على مشاركتهم أساسه «نقص الكادر البشري» والصعوبة في تدبير «تمويل» لاستدراج المرتزقة، بعدما ثبت للجميع أن من يوظفهم لا يطالب حتى بجثثهم عندما يقتلون.
ما علينا، الأهم أن الحريديم كل ما يريدونه رواتب ومخصصات شهرية وتأهيل ديني أيديولوجي، وشعوب أخرى تقاتل نيابة عن أسطورتهم الملحمية، رغم أن حاخاماتهم يجلسون وراء الوجبات الأيديولوجية المسمومة، التي ترافق جنود الاحتلال في رحلات ارتكاب الجرائم.
على كل حال، جل ما نتمناه أن يبدد الله شملهم فعلا، ويوكل كيانهم للأسوأ فيهم، وحتى لا نسترسل في الوهم، إسرائيل تتحول إلى «نظام بائس مأزوم إجرامي ديكتاتوري». كل من شاهد على «الجزيرة» صورة إيتمار بن غفير – وهو الى جانب زنازين الأسرى الأبطال، من أبناء الشعب الفلسطيني ويسخر منهم – يعلم مسبقا أن الكيان في طريقه لأن يشبه دول العالم الثالث النائم، وتلك على الأغلب بداية النهاية.
الحفلة الحقيقية قد لا تبدأ فعلا إلا بعد انتخابات إسرائيلية يتوج فيها بن غفير رئيسا للعصابة، التي أسست دولة من أجلها برعاية غربية.. هنا حصرا نريد التوقف والتأمل والإصغاء لما يقوله المطبعون والإبراهيميون ودعاة السلم واستقرار المنطقة.
وهنا قد نفهم ما قاله المرجع القانوني البارز الدكتور أنيس القاسم، وهو يظهر الاستعداد لتقديم الشكر لسموتريتش عندما يسقط حقا النظام الفلسطيني الحالي «يقصد السلطة»، التي لا تقوى على عمل حقيقي لحماية الشعب الفلسطيني.
عمليا، تكفي جولة لمدة ساعة في نشرة أخبار التلفزيون الرسمي الفلسطيني، فيما الجريمة تتواصل في الضفة وغزة لإدراك مقاصد القاسم أو غيره.
كاميرات تضبط الحكومة
وتكفي في المقابل جولة أخرى، لمدة نصف ساعة يتابع فيها المواطن الأردني البشرى الجديدة لفهم أن الحكاية «مش حكاية فلوس» عمليا.
تلفزيون «المملكة» شارك تلفزيون الحكومة الرسمي في «تفصيح وتثقيف المواطن» بالمكاسب العملاقة التي سيحصل عليها مع الوطن، جراء قرار بلدية العاصمة نشر 5500 كاميرا في الشوارع لضبط المزيد من مخالفات السير، حفاظا على الأرواح والممتلكات وسلامة الطرق، ومساهمة فعالة أيضا في الديون المتراكمة على البلدية، والتي وصلت لنحو مليار دينار.
المواطن الأردني متخصص في «الإفلات من مخالفات السير» وعليه يستوجب المشهد إحاطته بمئات الكاميرات أينما تحرك، لأن الفرضية تقول إن المخالفة حاصلة لا محالة، ومن أمن العقوبة أساء الأدب.
اجتهد رجال المسار التطبيقي في شرح العملية.
وظهر على أثير إحدى المحطات شاهد عيان يتحدث عن مخالفة تم تسجيلها لأن لون القميص عند السائق هو لون حزام الأمان نفسه، فيما الكاميرا العصرية لم تميز بين اللونين.
هنا وجب على الشعب الانتباه، لأن كاميرات البلدية تلتقط صور الأخضر واليابس، وللنجاة لا بد من الحرص على ارتداء «تي شيرت» يختلف في اللون عن لون الحزام، درءا لأي شبهات.
الجميع يصفق للضبط الأمني.
لكن تلفزيونات الحكومة لا تجيب على السؤال التالي: كيف يستجيب شعب مرهق مديون تلاحقه الكاميرات والقروض للوعظ والإرشاد؟
الأهم: هل توجد كاميرات تلتقط أو تصطاد «إيقاع الحكومة» عندما يخالف ثوابت الشعب وخطاب القيادة معا؟
