خاص

أبو السعيد رحمه ألله..”عكازة” وسيجارة رفيعة وعلم غزير:

يأسرني إصراره العنيد عندما يكرمني بزيارة دورية للمكتب على منعي من “مرافقته” إلى باب المصعد أو حتى إلى سيارته.
يشير إلى “عكازة أنيقة” يحملها ثم يبتسم قائلا..”معها لا حاجة لك ولغيرك “.
في الأثناء يحتسي فنجان واحد من القهوة ويتناول سيجارته الرفيعة جدا ويستأذن بلياقة الكبار عند الحضور والمغادرة ونتحدث بكل شيء. يأسرني أيضا بقدرته على الإستذكار والسرد وسأفتقد بالتأكيد بعد الأن تلك النظرة الثاقبة التي يغلق فيها الجفن متأملا حتى نصل لتعريف مناسب لمصطلح او مفهوم أو مفردة باللغتين.
لا أذيع سرا إذا قلت بان فقدان مفكر كبير من وزن عدنان أبو عوده ينطوي حقا على”خسارة شخصية كبيرة” فغياب الأخ أبو السعيد لي شخصيا ولإطاري المهني والسياسي يعني بكل المعاني والدلالات فقدان”رفيق حقيقي وشخصي” في أي رحلة لها علاقة بالإستكشاف او التعقيب على نص أو تحليل حيث الجندي الأول المحترف في محراب العلم والمعرفة والمعلومة بين الذين عرفتهم.
أدهشني مرارا وهو يستفسر ويتوثق حتى ولو من “معلومة صغيرة” حتى يصنفها لاحقا..”لا هاي عادية أو أبدا هاي مهمة كتير”.
فقيدنا في حالتي المهنية الصغيرة كان دائم الإتصال والملاحظة والتعليق والحوار…ودائم الزيارة والتواصل أيضا. لا أعتقد إطلاقا بأن أبو السعيد يمكن أن يعوض أو يستبدل ولم أسمع أو أرصد من هو أكثر منه عمقا في تحليل “الصهيونية” وتركيبة الصراع وفي فهم الأردن وفلسطين والإقليم.
خسره الجميع في الأمة وفي الوطن وخسر كل من لم يسمعه حقا وهو ينصح .
لدي بكل أمانة “أرشيف ذكريات ومقابلات” من المساجلات والنقاشات وبعض أوراق المحاضرات وغيرها مع راحلنا الكبير وعايشت ولادة كتابين على الأقل وأرى من واجبنا أن نبلغ الأجيال المقبلة بمن كان الرجل حتى عندما نختلف او نتفق معه أو نلاحظ على صراحته الموجعة أحيانا في التشخيص. قد تتاح يوما فرصة الإفصاح.
غادر أبوعوده هذه الفانية وهو بين يدي الحق والحقيقة الأن. رحم ألله أخانا وغفر له ونعزي أنفسنا به مع عائلته ومحبيه الكثر. وللحديث دوما “بقية”..
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى