الأردن قد يواجه “كمين الأسعار” مجددا والحضور “الدولي” للرزاز يثير الجدل
يغادر رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز في رحلة رسمية جديدة إلى قمة دافوس ويظهر كمفكر اقتصادي على الهامش الإعلامي متحدثا عن الانتقال في بلاده من خط إنتاج له علاقة بالإصلاح المالي والضريبي إلى “مصفوفات” لبناء اقتصاد تشغيلي ومنتج.
اللهجة التي استعملها الرزاز في دافوس تطرح هوية جديدة له ولم يسمعها الأردنيون منه.
والرجل بعدما أنجز وبصلابة ودون الإصغاء لانتقادات الحراك والشارع بدأ يقدم لكل خصومه والمتربصين بتجربته بعضا من “مواهبه” في السياق الدولي حيث رئيس حكومة بخلفية اقتصادية تفتح له أبواب البنك الدولي وصندوق النقد ويتحدث في منابر دافوس مع إعلاميين دوليين وخبراء ويظهر في عدة جلسات.
لا توجد قرائن من أي نوع توحي بأن هذه الصورة للرئيس الرزاز هي المطلوبة أو تحظى بالإجماع في الداخل خصوصا وأنه بدأ “يزعج” بعض رموز الحرس القديم وتطاله نقدا ملاحظات “مرجعية” لها علاقة بعدم الوضوح أو “البطء الشديد”.
بعد زيارة أنقرة وبغداد وبيروت وواشنطن ثم الظهور على واجهة قمة دافوس العالمية، تتشكل هوية مختلفة إن لم تكن جديدة للباحث الأكاديمي الذي كان وزيرا للتربية والتعليم فأصبح فجأة وبضغط شعبي رئيسا للوزراء.
المشهد في دافوس برز تماما ومباشرة بعدما حسم الرزاز وبصيغة غريبة إلى حد كبير ورقة التعديل الوزاري بتعديل محدود شمل دخول عنصرين فقط للطاقم الوزاري وبدون قيمة إضافية في البعد السياسي.
لافت جدا أن الرزاز ضرب ضربته الأقوى وهو يهم بمغادرة المطار إلى قمة دافوس عندما صدر عن حكومته الضوء الأخضر لتوقيف مسؤولين سابقين كبيرين على ذمة التحقيق في قضية فساد التبغ والسجائر وهما وزير المياه الأسبق منير عويس ومدير عام الجمارك الأسبق وضاح الحمود.
حقق الرزاز بهذا التوقيف نموا ملحوظا في المستوى الشعبوي لكن الخشية تلازم مسار الحكومة من ان تؤدي الشعبوية للظلم أو تحرق أوراق المزيد من الأشخاص من العاملين سابقا في مؤسسات الدولة وعلى حساب القانون والعدالة.
واحتجب الرزاز عندما تعلق الأمر بتعديل وزاري موسع ولجأ إلى تبرير له علاقة بفترة التقييم المرتبطة بسقف زمني على صعيد الأداء الوزاري.
هذا النمط من التقييم الموثق قد يساعد الرزاز في اختيار شخصيات يرغب بضمها للطاقم وفي إقصاء أو إبعاد شخصيات وزارية أخرى موجودة.
لكنه لم يتمكن من استغلال التعديل لإبعاد وإقصاء أربعة وزراء على الأقل يعرف الجميع أن رئيس الحكومة لا يتحمس لبقائهم وفكر عدة مرات بإزاحتهم لكن بعض مراكز القوى أبقت عليهم بهدف عدم تحويل موقع رئيس الوزراء لمركز قرار متفرد ومتمكن.
بمعنى آخر يسعى رئيس الحكومة لإظهار الانطباع بأن عملية التقييم الفني للأداء هي التي تبعد الوزراء أو تحافظ على حقائبهم وليس اعتبارات الرئيس الشخصية أو الأسباب والمبررات السياسية أو البيروقراطية.
لكن ذلك لم يحصل عمليا فعلى الأقل استمر في الحكومة وبدون رغبته الشخصية أو رغبة الرئيس نائب الرزاز الدكتور رجائي المعشر وأخفق التيار الموالي للرئيس في إبعاد وزير التنمية السياسية موسى المعايطة كما أخفقت كل محاولات التأثير على موقع وحقيبة وزير الداخلية الذي يقدم أداء هادئا وبدون ضجيج سمير مبيضين في الوقت الذي اخفقت فيه سيناريوهات الشغب ضد الوزير وليد المصري.
ورغم ان التعديل المحدود جدا على أساس “ملء الشاغر” ينتهي بالعادة بنمو سيناريو التغيير الوزاري في وقت أقرب، يستبعد خبراء عميقون رحيل الرزاز أو تغييره قبل توقيتات محددة لها علاقة بالأجندة المطلوبة منه بعنوان المزيد من القرارات غير الشعبية في شهر اذار/مارس على الأبعد حيث يعتقد بأن حكومة الرزاز مطلوب منها رفع أسعار المياه وبعض الخدمات مجددا في مشهد سيعيد تحريك وتوسيع الراكد من الحراك الشعبي.
ولم تعرف بعد الآليات والوسائل التي يمكن للحكومة أن تنتهجها للإفلات من كمين رفع الأسعار مجددا استجابة لشروط جديدة من صندوق النقد الدولي لها علاقة بما وصفته الحكومة بأضخم قرض حصلت عليه المملكة.
لكن من الصعب التحمس لأفكار لها علاقة بتشكيل حكومة جديدة وتوفير بديل عن الرزاز قبل اكمال المشوار الذي بدأه في الخضوع لاشتراطات واستحقاقات ما تريده المؤسسات المالية الدولية.
وهو وضع معقد دفع الرئيس لوعد الأردنيين بأن لا تعالج أزمة المديونية برفع المزيد من الضرائب وهو ما التزمت به أيضا وزيرة الاتصال الناطق الرسمي جمانة غنيمات ودون الإشارة لأن عدم رفع الضرائب لا يعني عدم رفع الأسعار.