مفاجآت قضية «إمبراطور التبغ» الأردني: الحكومة والبرلمان يخالفان «حظر النشر» والمتهم الرئيسي يطلب «توكيل» رئيس لجنة فلسطين للدفاع عنه
: تبدو لعبة الزج بأسماء شخصيات مناكفة وحراكية في الشارع الأردني ضمن معطيات قضية «التبغ والسجائر» مراهقة، وإلى حد ما، محفوفة بالمجازفة خصوصاً بعدما تبنى معارضون في الخارج وجهة النظر التي حاولت إلحاق عضو البرلمان الحالي غازي الهواملة والمعارضة هند الفايز عضو البرلمان السابقة ضمن سياق القضية.
لم يثبت ذلك بكل حال، ويزداد الشعور العام بأن مواجهة تصفية حسابات تحصل على خلفية القضية. الفوضى النخبوية تدب مجدداً على خلفية قضية التبغ والسجائر في الوقت الذي تنشغل فيه الحكومة بتسريب أنباء عن قرب التوصل إلى صفقة مع رجل أعمال ملياردير يقيم في الخارج ومطلوب للقضاء الأردني.
على جبهة ملف السجائر، وبعد تسليم تركيا للمتهم الرئيسي عوني مطيع، لا شفافية من أي نوع في معطيات التحقيق. النواب بالمقابل يتسابقون في تأزيم وشحن الأجواء على هامش التعاطي مع الأزمة التي تسببها في السياق نفسه قصة إمبراطور التبغ وتداعياتها .
سيناريو «تسوية» محتمل في ملف «الفوسفات» والنائب خوري يعلن عن «صفقة مطيع»
هنا حصرياً قرر النائب الإشكالي والحليف العلني للنظام السوري في الأردن، طارق خوري، المشاركة في الحفلة، فألمح في تغريدة له، أمس الإثنين، إلى أن قضية تسلم وتسليم وسجن مطيع فيما يبدو صفقة تم ترتيبها بعناية .
وامتنع النائب خوري عن إبلاغ الرأي العام بالمعطيات التي توفرت لديه حتى يتجه نحو ترويج رواية جديدة، في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز- وفي آخر لقاء تلفزيوني له قبل المغادرة إلى واشنطن- قد أعلن بأن التحقيق مع رجل الأعمال الغامض مطيع قد يكشف المزيد من الوقائع، مشيراً في عبارة سمحت أيضاً بالتكهن واستبقت الأحداث إلى أن وجود رشوة يعني وجود طرفين؛ الأول هو الراشي والثاني هو المرتشي .
كان ذلك إيحاء خارج القانون لاحتمالية حصول مفاجآت في قضية التبغ والسجائر ومطيع، والتي فرض الادعاء حظراً للنشر حولها من الواضح أن من يخالفه عملياً فقط الحكومة وأعضاء البرلمان.
في الوقت نفسه، خاض النائب المثير للجدل وصديق مطيع، يحيى السعود، الذي يترأس لجنة فلسطين بالقضية نفسها، علناً، عندما فاجأ الرأي العام بأن مطيع بعد توقيفه طلب منه تمثيله قانونياً كمحام له.
على شاشة تلفزيون «المملكة» المحسوب على الجهات العميقة في الدولة، تقدم النائب السعود بمفاجأة جديدة عندما قال إنه لم يحسم أموره بعد، وإنه قد يترافع عن المتهم مطيع ولصالحه. ثم سأل السعود المذيع الذي يحاوره : .. هل انتهت عمليات التهرب من الجمارك باعتقال مطيع؟!
السؤال استنكاري ويحاول الوصول إلى نقاط محددة يتهم فيها الحكومة بتضخيم ملف السجائر والتبغ، ثم تحدث السعود نفسه مستنكراً تحويل قضية تهرب جمركي عادية إلى محكمة أمن الدولة.
«القدس العربي» كانت قد استمعت للركن القانوني في الحكومة وزير الشؤون القانونية، مبارك أبو يامين، وهو يشرح الأسباب التي دفعت باتجاه تصنيف قضية التبغ باعتبارها جريمة اقتصادية.
والسعود تحدث أيضاً لـ»القدس العربي» في لقاء جانبي، من الصعب نشر تفصيلاته، عن دوافع شعبوية يرى أنها ساهمت في تضخيم هذه القضية، مشيراً إلى أنه صديق شخصي لمطيع وسبق أن عمل في تمثيله قانونياً في العديد من المرات وبدون أتعاب.
لافت جداً ظهور السعود وهو مقرب جداً من سلطات القرار ومن أجهزة الدولة في هيئة من يسعى إلى تقليص التوقعات في قضية التبغ ومن يجتهد لإبلاغ الجمهور بأن الحسابات السياسية والشعبية قد لا يكون لها علاقة- كما فهمت «القدس العربي» منه مباشرة – بوقائع القانون وحيثيات الاتهامات، خصوصاً وأن المجتمع القانوني الذي يمثله السعود يتحدث عن مخالفات جمركية خضعت للتسوية القانونية في العديد من المواقع، وليس عن جريمة اقتصادية رافقتها كل الدراما الإعلامية، حيث سبق للرزاز أن أعلن استعداده للاستشهاد وهو يقاوم الفساد.
طلب السجين مطيع من النائب السعود تمثيله، وفي اليوم التالي أعلن النائب خوري عن صفقة يبدو أنها مكتملة تمت مع المتهم مباشرة. ومثل هذا التناقض بين نواب مقربين من السلطات أصلاً لا يحصل صـدفة.
ويوحي بأن التجاذب بدأ بين مراكز قوى عدة حتى داخل الدول وخارجها وتحت قبة البرلمان وخارجه على خلفية قضية التبغ، لأن جرأة السعود في الظهور العلني تضامناً مع المتهم بقضية التبغ واعتراضاً على طريقة التعامل مع الملف والقضية لا تظهر بكل هذه الجرعة بدون تنسيق مسبق .
ذلك يبقى انطباعاً في كل حال.
لكنه انطباع يثير الجدل والارتياب ويوحي بالكثير من الدلالات، خصوصاً وأن التسريبات تتحدث عن تفاعل في قضية الفوسفات وعن قرب التوصل إلى صفقة مماثلة لتلك التي يتحدث عنها النائب خوري مع رجل الأعمال المقيم خارج الأردن وليد الكردي.