من هو رئيس الوزراء «الاحتياطي» وبديل الرزاز في حال اتخاذ قرار «التغيير» في الأردن؟
عملية «تقويض» تجربة الحكومة الحالية بدأت وحصتها في عمق الدولة أضعف
ما الذي يعنيه هذا الزحام السياسي في منطقة ضيقة تحاول النيل من جبهة الطاقم الاقتصادي لحكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز في الأردن؟
المقربون من الرزاز كانوا للتوّ يتحدثون عن رغبته الشخصية في إجراء «تعديل وزاري» محدود ينوع عبره في طاقمه الاقتصادي، تحديداً في بدايات شهر أيلول وبعد يومين على الأقل.
سافر الرجل في رحلة عائلية تستمر ثلاثة أيام إلى إيطاليا، حسب صحيفة «عمون» المحلية، وقد يعود ويعرض ورقة التعديل الوزاري. وليس سراً عندما يتعلق الأمر بالطاقم الاقتصادي الوزاري تحديداً بأن صلاحية استثمار وتوظيف الرزاز لنائبه القوي الدكتور رجائي المعشر شارفت على الانتهاء، حيث لا مجال لمزيد من الكيمياء الوهمية بين الرجلين.
وليس سراً أن تنفيذ المعشر لتلويحاته الدائمة بالاستقالة إذا ما صمدت حكومة الرزاز برمتها أصلاً يعني أن تقفز أسهم رجل قوي آخر في الطاقم هو الدكتور محمد العسعس، وزير التخطيط والتعاون الدولي، وهو المسؤول عملياً عن «فارق الأوهام» الناتج عن إخفاق متابعة مقررات «مؤتمر لندن». سأل الملك مباشرة على الأرجح لسبب عميق عن «مخرجات مؤتمر لندن» وكيف تابعها الفريق الاقتصادي؟
و«لاحظ» الملك بقسوة، مع الملاحظين، أداء حكومة الرزاز خصوصاً في الجبهة الاقتصادية وسط استمرار التقديرات الدبلوماسية والدولية التي تؤشر إلى إن فرصة الصمود الاقتصادي قد تكون أصعب من أي وقت مضى، خصوصاً أن أزمة الأردن اليوم «سياسية» بامتياز قبل أن تكون اقتصادية. وهي أزمة ليست ناتجة عن «قصور في أداء الحكومة».. هذا ما يقوله خندق الرزاز خلف الستارة والكواليس، على أساس أن الحكومة أصلاً «لا تصنع السياسة» حتى تكون مسؤولة عن عوائدها وإدارتها ونتائجها.
يمكن ببساطة استنتاج ذلك من قول الرزاز شخصياً أمام «القدس العربي»: حكومتي ليست منتخبة»، خصوصاً أن الظرف الذي أعلنت فيه الحكومة صعب ومعقد على جميع أطراف القرار.
ويمكن ببساطة تلمس مستوى القلق حتى عند وزير الاتصال الناطق الرسمي جمانة غنيمات، وهي تشرح لـ»القدس العربي»: «التركة كانت ثقيلة».
في المقابل، عندما يتعلق الأمر بالحساسيات السياسية الإقليمية التي تعصف بأزمة الاقتصاد الأردني وتفاقمها، تؤشر بعض مواقع القرار العميق على أن المطلوب من حكومة الرزاز في المرحلة الصعبة التالية ألا تكون حلقة في مسلسل الضغط على البلاد أيضاً.
ثمة ما يوحي، قبل الرؤية الملكية النقدية التي صدرت علناً في مسألة المربع الاقتصادي، بأن المستويات العميقة في القرار لم تعد حليفة لخيار الرزاز وحكومته، وبأن بعض الاتجاهات النخبوية في الدولة خارج الوزارة تحاول التركيز على سلبيات الرزاز وطاقمه أكثر بكثير من هضم الطاقم ومساندته وتمكينه.
ذلك لا يحصل في العادة في بلد مثل الأردن مجاناً وبدون سبب. ويسبق، حسب المجريات التي اختبرت سابقاً، محاولة العصف بالحكومة وترحيلها أو ولادة تيار قوي داخل الدولة يؤسس لإقصاء الطاقم الوزاري، وهو منطق مألوف لكن مشكلته تنحصر في أنه لا يقدم لصانع القرار المركزي إجابة عن السؤال الأكثر حساسية: من هو البديل عن رئيس الوزراء الحالي، وما الذي يمكن أن يفعله فعلاً؟
مثل هذا السؤال يقفز طبعاً للواجهة عند البحث عن «بدائل الرزاز»، الذي بدأت مؤخراً تظهر ملامحه الانفعالية في الخطاب والتداخل قبل أن تكمل الرؤية الملكية مؤشرات النقد. كذلك عند الحديث عن مخاطر «التيار المدني» التي يتم الترويج لها الآن بطريقة التيار المحافظ نفسها في ترويج مخاطر الإخوان المسلمين، حيث صناعة مزدهرة للخصوم والأعداء المتربصين بالدولة والوطن.
ويقفز أيضاً لأن كل جبهات الرقابة والتشخيص والأداء تعرف مسبقاً أن حكومة الرزاز لا يمكنها عملياً إحداث فارق في الوضع الاقتصادي وتحسينه قبل نهاية العام الحالي، في مهلة أصبحت ضمنية وبمثابة سقف ملكي لعمل الحكومة وعمرها، خصوصاً مع ستة أشهر صعبة ومهمة مقبلة في الطريق.
وعملياً، الثابت سياسياً في بلد كالأردن بأن عملية النهش والتحرش بحكومة قائمة على هذا النحو وإضعافها في توقيت حساس وحرج ليس خياراً يبرز على السطح بدون تحضيرات مسبقة في مستوى البدائل التي لا تزال مجهولة. وبمعنى آخر، في اللحظة التي تبدأ فيها أي تحركات داخل الدولة ضد رئيس وزراء عامل، تكون قائمة البديل فيها ثلاثة مرشحين على الأقل من باب تنويع الخيارات والقفز للاستنتاجات بدون تكريس المخاوف، وهي عملية تحتاج بالعادة إلى عدة أسابيع، ولا تنشط وسط ضجيج التكهنات.
من يقفز لموقع الاحتياطي هنا كرئيس وزراء على الأرجح شخصية بخلفية «اقتصادية» ودبلوماسية، مقبولة للمجتمع الدولي، وقادرة على الاختراق، ولديها عمق اجتماعي، وخبيرة بالأمريكيين والإسرائيليين، وتستطيع ملاعبتهم والتأسيس لأفضل صفقة تفاوض ممكنة في قطار صفقة القرن. هذه المقاييس نادرة، وتتوفر في شخصيتين فقط في الحالة النخبوية الأردنية اليوم.