اراء و مقالات

«إفادة» مسيسة لـ«إخوان الأردن» مع «رسالة ودية»: نشارك في انتخابات أيلول من أجل «طوفان الأقصى» ونراقب «النزاهة»

عمان ـ «القدس العربي»: حاجة التيار الإسلامي الأردني كانت ملحة لاتخاذ قرار نهائي منتظر بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة في البلاد أو مقاطعتها ضمن السعي للإجابة على سؤال عالق في ملف الانتخابات والتحديث السياسي وبأسرع وقت ممكن.
أجابت قيادة حزب جبهة العمل الإسلامي على السؤال مساء الأحد. وبعد اجتماع سريع لمجلس شورى الحزب الذي يعتبر بمثابة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، فقد قرر المجلس المشاركة في الانتخابات، بمعنى عزل سيناريو المقاطعة.
ولاحظ الجميع أن المراقب العام الجديد لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة، وهو نفسه الأمين العام للحزب، قرر توجيه تحية سياسية لطمأنة المرتابين بأن أعلن المشاركة في الانتخابات اللاحقة بعد أقل من 4 أشهر مع غطاء من مجلس الشورى.
العضايلة كان قد غادر للتو معركة استقطاب ومواجهة ساخنة داخل أطر مجلس شورى جماعة الإخوان، وتمكن طبعاً من التوافق الذكي على تقاسم بعض المناصب من الفوز بثقة رفاقه، والقفز إلى موقع المراقب العام في وضع يحسم الجدل داخل تنظيمات الحركة الإسلامية، ويدفعها نحو الاستقرار للتعامل مع الاستحقاقات الوشيكة. الأكيد تماماً أن نشاط العضايلة وصلابته في الدفاع عن الحراك الشعبي المناصر لغزة والمقاومة، والأهم في الدفاع عن الموقوفين من نشطاء الحزب والحركة، كان له تأثير أساسي في حسم الأمور لصالحه. والمعروف مسبقاً أن السلطات الحكومية والرسمية لا ترحب ولا يعجبها وجود مراقب عام صلب لجماعة الإخوان يطرح خطاباً يعتبر أن معركة طوفان الأقصى هي أساس وجوهر الدفاع عن مصالح الدولة الأردنية العميقة.
أقلقت خطابات ومداخلات العضايلة العديدين في الأوساط الرسمية، خصوصاً أثناء حرصه بعد 7 أكتوبر على استدعاء كل النزعات الوطنية التي تبرز أن الشعب الأردني ومؤسساته في مواجهة مع المشروع الإسرائيلي. رغم ذلك، قررت قيادة الحزب بعد الانتخابات الداخلية الأخيرة في الجماعة، توجيه رسالة السلام الإيجابية بالتأسيس لغطاء قرار المشاركة في الانتخابات حتى لا يقال إن قيادة الحركة الإسلامية من تيار الصقور، وفقاً للتسمية الإعلامية فقط، لديها أجندة صدام بعنوان مقاطعة الانتخابات.
وعليه، يحسم قرار جبهة العمل الإسلامي الجدل في هذا المربع الضيق. والفكرة أن التيار يريد طمأنة القلقين والمتشددين في دوائر القرار الرسمي الذين يمكنهم الاستعانة بواقعة عدم نجاح الشيخ المخضرم حمزة منصور، بالوصول إلى موقع المراقب العام للجماعة وعلى أساس القول إن ما جرى ليس بهدف التصعيد.
طبعاً، الحوار خلف الكواليس بهدف ترتيب الملف الانتخابي أو غيره أصبح صعباً أكثر، لكن الأهم أن حسم الجدل وقرار المشاركة في الانتخابات يوحي بأن حزب المعارضة الأكبر في البلاد جاهز تماماً للاشتباك الإيجابي، وإن كان قرار مجلس شورى الحزب لجأ إلى جرعة تسييس كبيرة عندما ربط المشاركة في الانتخابات بجهد للبناء الوطني يهدف أيضاً إلى حماية مصالح الأردن في مواجهة الأطماع الصهيونية.
يقول الإسلاميون هنا ضمناً بأنهم سيشاركون في الانتخابات لحماية المسألة الوطنية في مواجهة مشاريع اليمين الإسرائيلي، وهو نفسه الأساس الذي جادل فيه الإسلاميون طوال الوقت وهم يوفرون مظلة واسعة لحاضنة اجتماعية وحزبية تضمن دعم وإسناد المقاومة في غزة.
في التسييس الإجرائي، كرر قرار المشاركة ما كان قد ورد دوماً في بيانات الإسلاميين بمواسم الانتخابات عندما تحدث عن آلية لمراقبة منظومة النزاهة في العملية الانتخابية، فيما الاسراع بحسم مسألة المشاركة مباشرة بعد الانتهاء من نسخة الانتخابات الداخلية في جماعة الإخوان كان بمثابة رد فني وتقني على كل من يقولون بأضرار محتملة للتأخر في حسم مسألة المشاركة أو المقاطعة.
ثمة مشكلتان في السياق لا يحب الإسلاميون التحدث عنهما علناً. الأولى أن قرار المشاركة في الانتخابات، على أهميته، لا يتميز بأي شعبية داخل صفوف وكوادر الحركة الإسلامية. والقيادة الحزبية التي قررت المشاركة، عليها أن تبذل جهداً إضافياً في الأسابيع القليلة المتبقية لإقناع قواعد التيار بالحماسة والابتعاد عن العزوف الانتخابي للعملية. وهو أمر يتطلب إحساس الناخبين الإسلاميين وحاضنتهم الاجتماعية بارتفاع حاد في منسوب النزاهة، الأمر الذي لا يمكن ضمانه الآن، لا من جهة قيادة الحزب ولا غيرها.
والثانية هي تلك الخلافات والانقسامات التي يمكن أن تظهر بين الطامحين من داخل التيار بمقاعد برلمانية خلافاً لتأخر الحزب لوجستياً في الخوض بتجهيزات المشاركة الانتخابية.
بعيداً عن كل ذلك، وبقرار مجلس الشورى الأحد، يغلق حزب المعارضة الأكبر في البلاد صفحة القول بأن الأولوية لمعركة طوفان الأقصى، وتصبح المعادلة أو الإفادة الجديدة هي تلك التي تقول إن الأولوية المرتبطة بطوفان الأقصى والدفاع عن الأردن في مواجهة الأطماع الإسرائيلية هي التي تقتضي وتتطلب الآن المشاركة في الانتخابات.
في السياق والأثناء، ثمة تفاصيل مزعجة أو مقلقة، والمعادلة التي تطرحها قيادة الجناح الصقوري بعد السيطرة على مفاصل القرار فيها من التسييس الكثير، بانتظار ردة فعل البيروقراطي الأمني الرسمي على كل الترتيب المعروض.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading