اراء و مقالات

الأردن: «الإخوان» في رسالة جديدة بعنوان «الأولوية للطوفان»

رابطة الكتاب: لماذا صوتت لصالح غزة؟

عمان ـ «القدس العربي»: لا يتعلق الأمر بانتخاب كاتب وناشط ومفكر صلب هو الدكتور موفق محادين، رئيساً لرابطة الكتاب الأردنيين فقط بقدر ما يتعلق بضرورة فهم وقراءة ما بين أسطر فوز قائمة من الكتاب تحمل اسم «غزة» بأغلبية واضحة ومريحة في رابطة الكتاب. عملياً، من يريد التنظير وسط مثقفي السلطات في عمان لـ«عمليات جراحية» وإجرائية سريعة تمنع «تغلغل» غزة وحكايتها في أوصال وأعماق الأردنيين ومؤسساتهم مثل «رابطة الكتاب» هو ذاته من «يكابر» ويسترسل في «تضليل المؤسسة والذات» بوهم اسمه تأسيس مسافة بين المجتمع والمقاومة. سهل جداً في الحالة البيروقراطية الأردنية العودة لإجراءات تعسفية «تعاقب» أعضاء رابطة الكتاب أو غيرهم على «خياراتهم الانتخابية» بالعزف مجدداً على أوتار «دعم مؤسسات بديلة» تنطق باسم الحكومة.
لكن الأصعب حقاً هو الاعتقاد بأن «خدمة المؤسسة» تتطلب الاستمرار في «إنكار الحقائق»؛ فمن يقود المبادرات اليوم في عمق مؤسسات المجتمع لصالح غزة والمقاومة ليسوا الإخوان المسلمين إطلاقاً.
ومن أراد دليلاً، يمكنه تتبع التيارات القومية الصقورية التي حسمت انتخابات «الكتاب» وفي طريقها للتأثير في نقابة المحامين، ويمكنه أيضاً رصد الحضور المكثف اجتماعياً لاحتفالات الأعراس التي تغني الآن لغزة فقط.

«قائمة غزة»

في المقابل، إطلاق اسم فرط عقد التحالفات اليسارية والتقدمية والقومية التي حكمت رابطة الكتاب «المستهدفة» بيروقراطياً بكل الأحوال، ومن تقدم وحصد الأغلبية هم مرشحون «يبايعون علناً» يوم 7 أكتوبر، وميزتهم الأساسية أنهم جميعاً من خصوم «الفكر والأيديولوجيا» للتيار الإسلامي.
هل يعني ذلك مستجداً مهماً؟ على الأرجح، الإجابة بـ «نعم»؛ لأن كل عمليات التنظير داخل المؤسسة الرسمية في الأردن بعنوان «قضم الإخوان المسلمين» وتقليص حضورهم، لا علاقة لها إطلاقاً بمن يتصدرون المجتمع الآن دفاعاً عن غزة والمقاومة من دوائر الخصومة التاريخية مع الإخوان المسلمين، حيث «كتلة حقيقية في عمق المجتمع» تشكلت، كما قال الدكتور أنور الخفش سابقاً لـ«القدس العربي» ومن يمثل مصلحة الدولة عليه أن يقرأها.

رابطة الكتاب: لماذا صوتت لصالح غزة؟

الأهم هو القناعة اليوم بأن «استراتيجية» ضرب تغلغل حضور المقاومة الفلسطينية في عمق المجتمع عبر «استهداف الإخوان المسلمين» باعتبارهم «الحليف التقليدي لحركة حماس» غادرت سكة «الإنتاجية والخدمة» مبكراً؛ لأن ما تفعله «حماس» في القطاع في ظل العدوان «خطف أبصار» نخبة من كبار رجال الدولة أيضاً ورموز المؤسسات العميقة، ولأن غزة تغلغلت أفقياً في أوصال المجتمع رغم كل نشاط التيار الطارئ المناهض لها، وتحديداً من ممثلي شريحة «إخواني سابقاً».
حتى في اجتماع نظامي لنقابة المحامين، كانت غزة حاضرة بقوة وانفعال وتحت عنوان الارتقاء إلى مستوى التحدي الذي تتطلبه المعركة. وفي اختيارات مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، التي جرت مساء الجمعة، كان التصويت واضحاً في موقع «المراقب العام» للشيخ مراد العضايلة، صاحب الرأي العلني القائل إن «الأولوية في الأردن ـ دفاعاً عن مصالحه ـ هي لمعركة طوفان الأقصى».
العضايلة نجح في التفوق على المخضرم حمزة منصور، وخطف موقع المراقب العام بفارق صوت واحد فقط، ليحصل على 27 صوتاً فيما حصل منصور على 26 صوتاً من أعضاء مجلس الشورى.
الإصرار قبيل الانتخابات النيابية على توجيه «رسائل إقصاء» ضد الإخوان المسلمين لتحقيق أهداف غير مضمونة، هو سلوك قد لا يحقق النتائج المرجوة؛ لأن جواب قادة الحركة الإسلامية بما في ذلك أعتى المعتدلين بينهم، كان واضحاً لدى المؤسسات العميقة بعنوان «الإخوان المسلمون في الأردن ليسوا يافطة ولا مقراً ولا رخصة».
تلك مقولة مسجلة تماماً لصالح المراقب العام الجديد الشيخ مراد عضايلة، وسمعتها «القدس العربي» منه عشرات المرات. لكن الأهم قد يكون ما ألمح له المراقب العام الأسبق عبد الحميد الذنيبات، عندما لوح أحد الموظفين أمامه بمسألة «ترخيص الجماعة» فقال الشيخ: «بسيطة، سنغلق المكاتب والمقرات ونعتصم عندها بعشائرنا ومناطقنا، ونستقبلكم في مضاربنا ومنازلنا».

الخطأ الأكبر

أهمية التلميح المشار إليه تكمن في لفت نظر القرار العميق إلى أن السلطة قد ترتكب الخطأ الأكبر إذا لجات لـ «حل جماعة الإخوان المسلمين» قبل توفير «بدائل حقيقية وموضوعية» عنها في الملعب والمسرح والساحة، خلافاً لأن السلطات عليها أن تجيب عن سؤال مختلف: «أين سيذهب أو يتجه الأخ المسلم إذا ما تم حل التنظيم؟».
لا أحد من كل المنظرين لسياسة التشدد مع «الإسلام السياسي» لديه «أدنى استعداد» لمحاولة الإجابة عن السؤال الأخير، لأنه باختصار «أصعب الأسئلة وأخطرها»؛ فقد بقي العضايلة يقول إن جماعة الإخوان «سبقت تأسيس الدولة» في الأردن، فيما غالبية قادة الجماعة أشاروا إلى أن ما يصلح في «دول المحيط العربي» لا يصلح في الأردن؛ لأن الإخوان «جزء في تكوين الدولة» وليس «نسيج المجتمع» فقط، وحرصهم على الدولة يتغلب على أي حرص آخر. وعليه، اكتسبت انتخابات الشورى الأخيرة رداء سياسياً عندما صوت الأعضاء أيضاً لصالح «غزة وأولويتها» وسط الأردنيين، ليس بين الإسلاميين فقط لا بل بين القوميين في نقابة المحامين والتيار العروبي، وحتى العلمانيين في أروقة رابطة الكتاب.
مكانة ما يحصل في غزة اجتاحت الأردنيين تماماً، ومن باب التفاعل بغرض الإحساس بالخطر، وبعدما أفتى رجال دولة كبار بينهم أحمد عبيدات وعلي أبو الراغب علناً بأن مصلحة الأردن تقتضي أن تحسم المواجهة في غزة لصالح المقاومة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading