اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن: «فوبيا» الإخوان – الانتخابات باقية والإضافة الجديدة «دراما» ما بعد «المعلمين»

نقاطع أم نشارك؟… سؤال الأجنحة والنخب في أوساط عمان

 

 

 لا ينظر الإسلاميون، تحديداً في الأردن، باحترام شديد لمن يتحدثون في الصف الرسمي عن نزاهة الانتخابات المقبلة، التي دخل فيها تماماً الآن المزاج الشعبي وحتـى البرلماني والبيـروقراطي.
الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات جاهزة تماماً لعقد الانتخابات في أي وقت يصدر فيه القرار السياسي. الحكومة الحالية بدأت تدرك مؤخراً فقط بأنها قد لا تكون الحكومة التي ستشرف على الانتخابات المقبلة بصرف النظر عن تبكير أو تأخير سقفها الزمني.
وزير الداخلية الحالي المخضرم سلامة حماد، بدوره، يبدو جاهزاً للانتقال إلى مرحلة لاحقة يدير فيها العملية الانتخابية، سواء شكلت حكومة لاحقة بوجوده وزيراً للداخلية أو بوجوده في موقع أرفع وقتها.
«فوبيا» الإخوان المسلمين تتمدد وتتوسع أفقياً في أجهزة وأروقة الدولة والقرار، والقصة القديمة لا تزال على قيد الحياة، حيث تحذيرات من إجراء انتخابات بقانون متطور يخدم الإسلاميين دون غيرهم، وحيث تحذيرات من نفوذهم القوية بالشارع.
لسبب أو لآخر على مستوى الدولة العميقة، وحتى بالقرب من رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، المخاوف متواصلة لا بل تنمو من ولادة قوى جديدة في الشارع تحظى بحضور قوي في البرلمان المقبل، والعقدة الدرامية الأساسية حتى الآن هي ما فعلته نقابة المعلمين بصفة حصرية، الأمر الذي ظهر حتى في ثنايا و زوايا ومضمون التقرير الجديد لحالة الحريات في البلاد للعام 2019.

ما فعلته نقابة المعلمين، وعلى أساس التحالف مع أجندة إخوانية، هو الهاجس المقلق الأكثر لكل المطبخ الذي يحاول اليوم ترتيب المشهد الانتخابي الأردني، حيث البرلمان الحالي في دورته الدستورية الأخيرة، والوضع الاقتصادي صعب وحساس ومعقد، وحيث الحكومة تقترب من نهايتها، مع أن الرئيس الرزاز يهمس في أذن المقربين جداً عندما يسألونه عن الإصلاح السياسي وقانون الانتخاب، مشاركاً غيره من صناع القرار في فوبيا الإخوان المسلمين، لكن من زاويته على أساس مجازفة حتى بالمعيار الاقتصادي يمكن أن تطال منظومة النادي الخليجي ودول الخليج، وأن تجازف بعلاقات رديئة مع دول من بينها الإمارات والسعودية ومصر.
يعلم الإسلاميون، بدورهم، كل ذلك، ويتابعون تفاصيل التفاصيل. ويعلمون بأن مبادرتهم لتصدر الحراك الشعبي الحزبي ضد اتفاقية الغاز الإسرائيلي مؤخراً هي أقرب لمغازلة على أساس البوصلة الانتخابية لاحقاً، سواء قبلوا بالاتهام الرسمي لهم تحت عنوان حراك المعلمين، أو على أساس أنهم يعبثون بالطبق في ملف القطاع العام وفي مرحلة حرجة.
أجواء فوبيا من هذا النوع تتواصل مع أن جناحاً في الحركة الإخوانية يعرب عن تقديره لموقف القصر الملكي الذي رفض الانحياز لأجندة متطرفة في الإدارة الأمريكية تحاول تصنيف الإخوان المسلمين بالإرهاب. وسط هذا المناخ، يبدو السؤال مبكراً جداً، لا بل يستحق طرحه مبكراً ما دامت تلك الفوبيا باقية وتتمدد. وهو سؤال بعنوان موقف جماعة الإخوان المسلمين في ظل المعطيات الحالية على الأرض وفي الميدان.
من المشاركة في الانتخابات المقبلة، حيث نقاشات وحيثيات ووقائع، يقر الشيخ مراد العضايلة الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، وأمام «القدس العربي» مباشرة بأنها لا تخدم الإيجابية. وبالتالي، بصورة مرجحة، لا تخدم الإصلاح السياسي، وقد لا تقنع الناس بجدوى وإنتاجية المشاركة في عملية انتخابية يعتقد أنها ضرورية جداً قبل نهاية العام الحالي، وتتأثر سلباً أو إيجاباً بكل الملفات الإقليمية العالقة.
نمط التأثر، بالمقابل، يبدو واضحاً عندما ينقسم الإسلاميون مبكراً اليوم إلى جناحين، يحاول الأول إحصاء المؤشرات التي تدفع باتجاه عدم نزاهة الانتخابات المقبلة في حكم مسبق على مجريات الاقتراع، ويسعى الجناح الثاني إلى تثبيت تجربة المشاركة في الانتخابات 2016 الأخيرة، حيث عشرة مقاعد للإخوان المسلمين وخمسة أخرى لحلفائهم وكتلة الإصلاح الصلبة، وحيث -وهذا الأهم- تجربة سابقة في التحالف الانتخابي العلني مع قوى وطنية يمكن تكراره.
برأي القائلين بالمشاركة، بكل الأحوال، وفر وجود ممثلين عن الحركة الإسلامية بالبرلمان عليها الكثير من الأعباء، وحماها في بعض الأحيان خلافاً؛ لأنه أبقى رموزها على تماس مع مصالح الشارع واحتياجات الناس. بالمقايسة، دعاة مقاطعة الانتخابات يحاولون مبكراً تقييم التجربة المشاركة موضوعياً وعلى أساس أن العبث والتزوير استمر أصلاً، والاعتقالات والمراجعات لا تزال -كما قال العضايلة- تطال أبناء الحركة الإسلامية.
وعلى أساس أن الاتهامات ضد الإخوان المسلمين بالجملة في الساحة، والانشقاقات لا تزال تحظى بالرعاية، ومقرات الجماعة لم تعد لها بعد أن سيطرت عليها السلطة.
طبعاً يمكن القول إن الوقت مبكر للحسم، فمسألة مثل المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها تدرس ضمن آلية يعرفها الجميع في الحركة الإسلامية وبناء على استشعارات من الـطراز العميـق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى