«الإخوان»: المقاومة تمثل فلسطين وسنقطع اليد التي تمتد على الأردن
في رسالة سياسية بامتياز… وبعد البقعة وإربد والاستقلال
عمان ـ «القدس العربي»: يمكن ببساطة فهم الإشارة الظرفية المكانية التي اتجه إليها المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن الشيخ مراد العضايلة، مباشرة بعد تمكن الحركة الإسلامية من إظهار حضور قوي في انتخابات مجلسين لاتحاد الطلبة في أهم جامعتين حكوميتين في البلاد، وهما جامعة العلوم والتكنولوجيا، وقبلها أم الجامعات؛ الجامعة الأردنية.
في رسالة سياسية بامتياز، حصدت قوائم طلاب الاتجاه الإسلامي نصف عدد المقاعد في الجامعتين، فيما قدر السياسي والبرلماني المخضرم ممدوح العبادي بأن ذلك «لا يثير الاستغراب» ليس فقط بحكم خبرات التيار الحزبي الإسلامي، ولكن أيضاً بحكم اتجاهات تصويت واضحة الملامح وسط الأردنيين تتصور بأنها تقدم الصوت لغزة ولمن يناصر المقاومة.
الشيخ العضايلة قد يكون أكثر مراقب عام لجماعة الإخوان المسلمين ينزل إلى الميدان ويظهر وسط الجماهير ويتحدث بمعادلة وطنية وسياسية.
مؤخراً، ظهر في مخيم البقعة، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في المملكة الأردنية الهاشمية، ولاحقاً في مدينة إربد بمناسبة الاستقلال… تلك بحد ذاتها ظرفية مسيسة في مثل هذا التوقيت.
في البقعة وعلى هامش فعالية خاصة، ظهرت رسالة المراقب العام للإخوان بغلافها السياسي المركزي، وهي رسالة يقول فيها بوضوح أو يكشف في الواقع بوضوح جوهر تفكير مطبخ الإخوان المسلمين على الأقل في هذه المرحلة، على أساس أن مساندة المقاومة الفلسطينية هو مفصل أساسي في الدفاع عن مصالح الوطن الأردني. ولم يتردد العضايلة بكشف الواقع القائل إن «معركة طوفان الأقصى هي معركة الإخوان المسلمين أيضاً والشعب الأردني».
هنا حصرياً، شرح الشيخ العضايلة بعض التفاصيل، واعتبر لأول مرة في خطابات التيار الإسلامي، بأن فصائل المقاومة الفلسطينية هي التي تمثل الآن عنوان الشرعية لتمثيل الشعب الفلسطيني، لا بل القضية الفلسطينية. وفي ذلك نقد باطني لمعادلة الحكومة الأردنية التي تتعامل فقط مع السلطة الفلسطينية، علماً بأن اتفاقية أوسلو التي أفرزت السلطة الفلسطينية ترنحت وأجهضها العدو الإسرائيلي، برأي العضايلة، كما أخرجها عن السكة الكيان نفسه، حتى برأي مسؤولين أو شخصيات سياسية بارزة، وليس أي طرف آخر. وهو ما تبناه في نقاش مفصلي مع «القدس العربي» رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، كما تحدث عنه وزير البلاط الأسبق مروان المعشر وهو يدعو بلاده إلى مقاربة جديدة تتعامل مع تطورات الحدث.
في رسالة سياسية بامتياز… وبعد البقعة وإربد والاستقلال
لعلها المرة الأولى في أدبيات الإسلاميين والأوركسترا المعزوفة مؤسسياً من جهتهم، ترد قصة شرعنة المقاومة الفلسطينية واعتبارها العنوان الأساسي لتمثيل الشرعية الفلسطينية.
«قطع اليد»
لكن المراقب العام للجماعة طور من موقفها في إربد مؤكداً بأن الجماعة ستساهم في «قطع اليد التي تمتد على الأردن» مع استعادة كل الحديث المألوف عن محاولات اليمين الإسرائيلي حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن والأردنيين.
وهذا يعني أن الإخوان المسلمين تقريباً يمهدون أو قد يفكرون بالتمهيد لحملتهم الانتخابية في انتخابات البرلمان 10 أيلول المقبل على هذا الأساس، وهي صفحة مستجدة في الاشتباك الانتخابي السياسي الأردني في الواقع، قوامها «الشراكة في الدفاع عن معنى الاستقلال».
ربط العضايلة أيضاً في مخيم البقعة بين مصالح الدولة الأردنية ومؤسساتها السيادية وبين المقاومة الفلسطينية باعتبار ما تفعله وتقوم به تلك المقاومة هو جوهر الحفاظ على المصالح الوطنية الأردنية. ذلك أيضاً درس جديد، والعضايلة نفسه اشتكى في نقاش مع «القدس العربي» مباشرة من أن بعض الآراء والطروحات وبعض الأقلام مصرة على أن تفصل الشعب الأردني عن معركة طوفان الأقصى.
واعتبر أن مثل هذا الخطاب غريب جداً، لأن ما يجري في فلسطين المحتلة الآن يؤثر مباشره على كل تفاصيل المصلحة الوطنية الأردنية، معبراً عن الارتياب من هذه المقترحات التي يصفها بأنها عابثة أو عبثية.
في موقع آخر من مداخلة في مخيم البقعة، وجه العضايلة رسالته الأخرى المهمة سياسياً عندما أعلن بوضوح عن أن الإخوان المسلمين في الأردن ينظرون لمعركة طوفان الأقصى باعتبارها معركتهم، لا بل معركة الشعب الأردني. ذلك تأطير سياسي يحاول أن يشرح خلفيات الاندفاع الإخواني الأردني باتجاه مساندة ودعم صمود أهل قطاع غزة.
تجديد في الخطاب
لم يقتصر الأمر على هذا السياق، فحتى في البيان الذي أصدره حزب جبهة العمل الإسلامي، وهو الذراع الحزبية لجماعة الإخوان المسلمين، حاول الترميز المباشر إلى أن معركة طوفان الأقصى ينبغي ويجب أن تكون أردنية، وأن هذه المعركة هي التي تحافظ -بمناسبة الاستقلال طبعاً- على مظاهر السيادة الأردنية مع الإشارة في بيان صدر بمناسبة عيد الاستقلال إلى أن واجب الحكومة الأردنية هو إلغاء كل الاتفاقيات المؤثرة على السيادة الأردنية، بما فيها اتفاقية الغاز مع العدو الإسرائيلي، وطبعاً اتفاقية وادي عربة، وأضاف لها الإسلاميون بصورة مباشرة اتفاقيات القواعد العسكرية الأمريكية في الأردن.
هذا يعني أن عناصر تجديد في خطاب التيار الإسلامي عشية الانتخابات في طريقها للنفاذ للشارع الأردني، وأن معركة طوفان الأقصى يحيلها الإسلاميون في الأردن إلى مسألة مبدئية تدخل في صلب معاني الاستقلال ودلالات السيادة الوطنية، لا بل تمثل حقيقة موقف الشارع الأردني.
اللافت أكثر أن عناصر التجديد تلك في الخطاب أعقبت تحقيق التيار لنتائج مربكة ومبهرة في انتخابات طلاب جامعتين حكوميتين، كما تكمل الإطار السياسي النظري الذي يتوقع دوماً بأن حصة لا يستهان بها من مخزن الأصوات في انتخابات أيلول سيخصصه الأردنيون بالتأكيد لغزة.