تقارير أردنية: تحريك «ديموغرافي خطر» في الضفة الغربية واستهداف لـ«السلطة»
فيديو متداول يلهب المشاعر: «أريحا تستقبل الملك حسين»
عمان ـ «القدس العربي»: ثمة من حضر من رام الله مؤخراً وهمس في أذن الحكومة الأردنية: «عملية التهجير في الضفة الغربية تبدو منهجية ومراحلها بدأت مع خطة الوزير سموتريتش العملية».
في الهمسة نفسها تثبيت حالة ووقائع على النحو التالي: «جزء لا يستهان به من مخيم جنين لم يعد صالحاً للعيش والإقامة والسكن بنسبة 40٪ وغادرته فعلاً عشرات العائلات إلى وسط مدينة جنين.
ومخيم نور شمس يتضرر بنفس الصيغة وبعض العائلات فيه تبحث عن خيار التنقل أو الانتقال.. كذلك مخيم الفارعة خلافاً طبعاً لـ 38 تجمعاً سكانياً على شكل قرية صغيرة في صحراء النقب وبعض قرى محيط بلدتي دورا وبيت أمّر في الخليل.
المعلومة الأردنية هذه المرة الأكثر حرارة هي تلك التي تراقب النطاق العملياتي العسكري الإسرائيلي في مخيمين للاجئين الفلسطينيين في مدينة أريحا. ولتذكير الأردنيين أكثر بمخاطر الترانسفير الذي بدأ داخل الضفة الغربية الآن، تنفض جهة غامضة الغبار عن شريط فيديو قديم صور عام 1966 عندما كانت مدينة أريحا أردنية حيث يتجمع الأهالي والسكان لاستقبال الملك الراحل الحسين بن طلال وولي عهده الأمير الحسن بن طلال اللذين حضرا رفقة كبار المسؤولين إلى أريحا لرعاية مهرجان خاص بالإنتاج الزراعي. الفيديو يلهب المشاعر ويعود بأهل الضفة الغربية ومعها الشرقية إلى ذكريات قديمة.
لكن المعلومة الأخطر قد تكون تلك التي حذر منها سياسيون كبار اقترحوا مراقبة زحف المستوطنات في مدينة أريحا وجبالها. قال رئيس الديوان الملكي الأسبق الدكتور جواد العناني، أمام «القدس العربي» إن على الجميع مراقبة ما يجري غرباً جيداً، واقترح رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري بأن اليمين الإسرائيلي ورغم كل الضجيج وما يقال، يطبق خطته الآن في ضم الضفة الغربية وحسم الصراع.
خطة اليمين الخبيثة
مساء الإثنين، شدد المسؤول البارز في الخارجية الأردنية السفير ماجد قطارنة خلال استقباله وفداً دولياً، على التحذير من «الخطوات الأحادية الإسرائيلية» التي تتخذ في الضفة والقدس. ووصف قطارنة تلك الإجراءات بـ «لا شرعية».
علناً وقبل ذلك، صرح رئيس الوزراء الأسبق الدكتور مروان المعشر، المطلع على بعض الزوايا الأمريكية بحكم الخبرة والعلاقات والاتصالات، بأن من يحكم تل أبيب اليوم هم أنفسهم دعاة الوطن البديل والتهجير.
فيديو متداول يلهب المشاعر: «أريحا تستقبل الملك حسين»
قال الأردن الرسمي علناً عدة مرات بأنه سيعتبر أي تهجير لأهل الضفة الغربية بمثابة «إعلان حرب». لكن ما لاحظه طاقم وزير الخارجية أيمن الصفدي مؤخراً، هو أن موقع وموقف السلطة الفلسطينية يبدوان محيرين وأقرب إلى لغز مربك، حيث تجد عمان صعوبة في تأسيس حالة مبادرة للسلطة لكي تناور في الملفات الأساسية. ورغم ذلك، بعض المعلومات والتقديرات التي تصل للمؤسسات في عمان مرعبة.
الأمريكيون يطمئنون الجانب الأردني في مسألة التهجير وضم الأغوار والضفة الغربية. لكن القيادي الفتحاوي عباس زكي، وبحضور «القدس العربي» أعاد التأكيد على قناعته بأن التهجير يحصل الآن.
الدكتور العناني كان قد أفاد بعدم وجود ما يوحي أمنياً بنتائج يتوقعها الإسرائيلي من تجريف شبكة المجاري مثلاً وإطلاق النار على مولدات الكهرباء وتحطيم مواسير المياه قبل الوصول إلى الخلاصة التي تقول بأن يمين إسرائيل يفعل في الضفة الغربية وعلى أكتاف مصالح الدولة الأردنية ما يفعله في قطاع غزة، لكن بنمطية أبطأ وأخبث، وهو تفريغ بعض الأحياء في المخيمات ومساحات الأراضي من سكانها وإجبارهم على الرحيل من خلال تأسيس ما يسميه الدكتور ممدوح العبادي بالهجرة القسرية المكلفة بغلاف من الطوعية وأسباب معيشية.
الهامس نفسه، وهو بالمناسبة من قادة حركة فتح، عندما همس في أذن الحكومة الأردنية مؤخراً، لفت النظر إلى أن بعض الحارات والأزقة في مدن مثل أريحا والخليل وطولكرم وجنين، لم تعد صالحة للسكن، ويتسلل أهلها بحثاً عن مكان آخر، وفي الحارة القديمة في نابلس تحديداً، وفي بعض قراها، ثمة خطوات منهجية على الطريق نفسه.
استهداف «السلطة»
الوزيران سموتريتش وبن غفير ومعهما رئيسهما بنيامين نتنياهو، يتحدون بوضوح المصالح الأساسية للدولة الأردنية في الضفة الغربية. حتى التقارير الواردة من رام ألله أردنياً، بدأت تشير إلى مناطق خالية تماماً من خدمات البنية التحتية في الضفة الغربية، وبدأت تخلو من سكانها، فيما لاحظ أحد التقارير الأردنية وليس الفلسطينية بأن قوات الاحتلال كلما اقتحمت موقعاً في مدن الضفة الغربية حاصرت فوراً المستشفيات والمراكز الصحية.. ما الذي يعنيه ذلك بصورة محددة؟
في رأي خبراء القطاع الصحي، ذلك يعني أن الاحتلال يستهدف البنية الصحية في الضفة الغربية ويحجب الأموال عن السلطة الفلسطينية ثم ينفقها على توسيع الاستيطان.
ذلك طبعاً جوهر خطوة الوزير سموتريتش، التي تحدث عنها مبكراً عضو الكنيست أيمن عودة في عمان أمام نخبة من الشخصيات الأردنية.
في اجتماع رسمي لبحث هذه التطورات الحرجة، سأل أحد الموظفين الكبار: هل نرسل المزيد من الأدوية والمستشفيات الميدانية والمحروقات للأهل في الضفة الغربية؟
سؤال بيروقراطي بامتياز، لكنه لا يوفر أي حاضنة للإجابة السياسية؛ لأن خطوط إرسال المساعدات لقطاع غزة يستهدفها الإسرائيلي أحياناً؛ ولأن السلطة الفلسطينية عندما يتعلق الأمر بمشكلات وتحديات الضفة الغربية حصراً، تحتجب أو تحجب المعلومات عن الأردن. وما يحصل حتى وفقاً لتقدير الغرف العميقة في عمان هذه الأيام هو تقليص لفرص العيش في بعض بؤر الضفة الغربية الساخنة.
ذلك يعني دعم وإسناد اليمين الإسرائيلي بخطة تهجير داخلية في هذه المرحلة، بمعنى النزوح داخل مدن الضفة في خطوة أولى قد يعقبها التهجير الذي اعتبره الخبير البارز الفريق، قاصد محمود، عندما استفسرت منه «القدس العربي» بالخطر الصريح الذي يكرس اعتداء بالمعنى العسكري والسيادي، ويستوجب رداً يعلم به الخبراء.