«حمار الإسعاف»: هدف لمجلس الحرب الأمريكي الإسرائيلي… شارع غزة يسأل وما من مجيب!
يعود المشهد، وكأنه مسلسل تركي طويل من الألم والخيبة والصمود.
مراسل «الجزيرة» يقف هذه المرة – بعد الهدنة الهشة – أمام مستشفى الأقصى، فيما يتحول النازح نفسه إلى «هدف»!
طفل رضيع يتقلب بعدما بترت ساقه الصغيرة، وأم تصيح بين أطباء بلا حول ولا قوة. أب تلتقطه كاميرا «الجزيرة» في مخيم المغازي، وهو يحفر بيديه تحت سقف إسمنتي فيرشف سيجارته ويواصل الحفر ويجيب المراسل المتجول على طريقة «أبو عنتر» بكلمة واحدة.. عن من تبحث يا حاج؟ «عن ابني».
يقول محدثنا العائد للتو من غزة إن المجتمع قرر مع موجات النازحين أن تنام النساء والأطفال في البيوت المكتظة، فيما ينام الرجال والذكور في الحواشي وعلى الأرصفة.
تعرف الطائرات الإسرائيلية ذلك، ولا مجال أمام العائلات لأي ترتيب آخر، لأن النساء والأطفال لا يمكنهم النوم على الرصيف، وبالتالي وأي غفوة تحت سقف في القطاع المستهدف اليوم يمكن أن تودي بحياة صاحبها.
غفوة طفل أو أم، رضيع أو عجوز، تكلف حياة بأكملها، لأن معشر الآباء لا يمكنهم استبدال الفراش الصخري.
ولأن العدو وهو يخفق في كل ميادين المواجهة مع «رجال المقاومة» يجد ضالته فقط بأجبن وأحط ما يمكن أن يفعله «جنرال خسيس» وهو الانتقام من الضعفاء.
وجه «الفتى اليهودي» بلينكن الأصفر
مجددا على تلفزيون فلسطين الرسمي مجرد نقل لأرقام وعدد الضحايا وتركيز على التصريحات المنددة للرسمي الفلسطيني فلا فعل حاسم ولا قرار ولا إجراء.
لا رغبة لأي مراقب اليوم في التحدث عن «السلطة» ومؤسساتها بعد «الشلل الكامل» المرصود، فيما وجه «الفتى اليهودي» أنتوني بلينكن أصفر وملامحه محايدة، وهو يتحدث لميكروفون قناة «سي أن أن» على باب الطائرة، قائلا بكل قباحة الكون إن تلك البلاد التي سماها لا ترى أن «وقف إطلاق النار» الشامل الآن خطوة منطقية، محملا بكل صفاقة السلطة وحركة حماس مسؤولية «تخريب الهدنة»، لأنها دعمت عملية القدس الأخيرة.
بالتوازي يصفعنا رئيس وزراء بلجيكا، ما غيرها بالمقولة المعلبة نفسها «إسرائيل لها حق الدفاع عن نفسها.. ولكن».
وحده شفى غليلنا وزير خارجية الأردن، عندما ظهر على شاشة فضائية «رؤيا» الوطنية ليقول «المحتل لا يملك الحق في الدفاع عن نفسه».
العالم برمته مفصوم ومفصول عن الواقع، وإسرائيل، وهي تثأر من «خيبتها» في السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تشرب الدم الفلسطيني، وتسقط في الأثناء كل القواعد والقوانين، ولا تحفل بأحد، لأن نتنياهو قرر مبكرا أن «المعركة مع العماليق»، الذين يطالب كتابه المتطرف بقتل نسائهم وأطفالهم، وحميرهم، وقططهم وكلابهم!
قالها درويش مبكرا: «خذوا حصتكم من دمنا وارحلوا».
تحية لحمار الإسعاف
اليوم يريدون أطنانا من «الدم»، دون أي رحيل، ومعلق مضحك على شبكة التلفزيون 13 الإسرائيلي سأل المذيعة: الجيش يريد القضاء على المنظومة الصحية.. حسنا لماذا لا يقصفون الحمير أيضا، لأنها تحولت إلى سيارة إسعاف؟
طبعا، الرجل تحدث بعد ورود عبارة «اقتلوا حميرهم أيضا»، ضمن خطاب لبنيامين نتنياهو شخصيا، أي والله، متزعم يمين إسرائيل وفي خطاب بثته «بي بي سي» طالب بذلك، وهو يتلو على الكون تلك النصوص التراثية المخبولة.
في إحدى نشرات «الجزيرة» كان مدير أحد المستشفيات يتحدث عن الاعتماد الكامل في بعض المناطق على نقل الشهداء والجرحى بواسطة «الحمير».
هذا الحيوان «المحترم»، الذي ظلمناه تاريخيا، يثبت جدارته كأقدم وأصبر وسيلة نقل لا تحتاج إلى وقود ولا منظمات أممية.
«حمار الإسعاف» يقاوم ويعمل بجهد ملموس في غزة، وبالتأكيد رصدناه أثناء القيام بالواجب في خلفية كل كاميرات الفضائيات، لا بل رصدته وبالقرب من وائل الدحدوح عدة مرات.
تحية لكل حمار مسعف في القطاع الأبي، وما لفت نظرنا، هو أن أحدا في تلك الشبكات الأممية لم يطالب بإدخال أي كمية من العلف المناسب للحمير، التي تقوم بالحد الأدنى من العشب الجاف الآن بواجبات سيارات الإسعاف.
ثمة من قال إن الكويت أرسلت سيارات إسعاف حديثة تم استبدال بعضها بأخرى قديمة.
وبما أن جهة ما تسرق سيارات الإسعاف، وإن وصلت لا يوجد وقود لتشغيلها أو تقصف فورا، لا نستبعد أن يطل علينا المتحدث باسم الجيش المحتل بقرار اتخذه مجلس الحرب، وبمعية بلينكن بعنوان «توسيع بنك الأهداف» ليشمل ما تبقى من حمير.
«انقذوا حمير غزة»، هذا نداء قد يلهم نشطاء الرفق بالحيوان في الغرب، فتلك الحمير قد تتحول ببساطة في غرف العمليات إلى «بنك أهداف» إسرائيلية تستدعي قنابل أمريكية بوزن «2000» رطل؟!