روبل أم دولار؟: «بالروح بالدم نفديك يا فلاديمير»… والشعب يسأل: «أين ضمانات الأردنيين»؟
مدهش أن يتذكر متابع مراقب أننا أول من تحدث عن «ضمانات» ينبغي توفيرها للدولة العميقة في الأردن حتى نمضي ولو قليلا في مشوار «الإصلاح السياسي»، وتحديدا على شاشة تلفزيون «رؤيا» وعلى الهواء مباشرة.
مدهش أكثر أن «يتذاكى» أحد مسؤولي الظل لاستذكار تلك الجملة المتلفزة، مع أني لا أمثل – عندما أتحدث – ولا حتى أولادي أو جاري وبالتالي الإصغاء لا يعني الإستماع إلى “ما يطلبه الجمهور».
في السياق تجتهد فضائية «المملكة» يوميا وهي تزف بشرى «الانتخابات النزيهة» فيما «حليمة» مصرة على العادة القديمة، فبدلا من الاستثمار في مشروع «تحديث المنظومة» ووقف «هندسة الانتخابات» صعدت «هندسة الأحزاب»، التي ستقحم في رأس الشعب الأردني تحت رافعة التحديث.
ما علينا. نعود لشاشة «رؤيا»، صحيح قلت وأكرر بإيمان إن للدولة «احتياجات» وإذا عرفناها نستطيع مساعدتها في «تلبيتها» على شكل ضمانات.
بين العمق والعقم
قلنا ذلك ونعيده الآن مع تسجيل ملاحظتين: أولا: لم يكن يدور في ذهن أو خيال أي كائن على الكوكب الأردني عند الحديث عن «ضمانات» مفاجأة الجميع بالتعديلات الدستورية، ودون أي تحضير مسبق.
ثانيا: وهذه جزئية نتمنى على تلفزيون الحكومة مناقشتها – حتى لا ننتقل من «العمق» إلى “العقم” حان الآن وقت «ضمانات الناس»، بعدما حصلت الدولة على الحد الأعلى من الضمانات .
باختصار ومن الآخر، «الحد الأدنى» من ضمانات الناس تجنبا للانفجار بعد الفيلم برمته: وقف الفساد. العودة لاختيار مسؤولين كبار من «طينة الشعب». إنقاذ سمعة التعليم والصحة وبقاء خدمات القطاع العام مع قليل من الإنصاف والحكم الرشيد.
الأهم بكثير من «الصلاحيات» هو كيفية استعمالها بإدارة رشيدة. دون ذلك «الخسارة تعم» والأدوات التنفيذية هي دوما من يشوه الصلاحيات.
بين الروبل والدولار
الروح «الفدائية» والمائلة للانتحار باسم «الشعب السوري» تحيرنا حقا، وكأن المواطن السوري الغلبان في الشام – التي كانت «مدهشة» – لا يكتفي بأنباء القتل والتدمير، التي يبثها الإعلام التعبوي في الفضائية السورية، حيث صوت المذيع الجهوري يطرق السمع كلما اقتربت «مصيبة».
الإعلامان الغربي والشرقي مشغولان بالفصام العجيب بين «الأشقاء السوريين»، حيث مئات منهم وجدوا أن تحرير الجولان يبدأ بالقتال مع الرفيق «أبو علي بوتين» في المناطق الانفصالية التي سلخت بالدبابات عن أوكرانيا.
بثت قناة «الجزيرة» على الهواء الاجتماع «الحربي» الأخير للرئيس بوتين، حيث «أمر مباشر» لرئاسة الأركان بـ”تسهيل استقبال المتطوعين بنكهة الشرق الأوسط» وأغلبهم من شباب الغوطة وحلب وطرطوس ومن جماعة «خبطة قدمكم ع الأرض هدارة» سيحاولون التعبير عن «الامتنان» للرفيق بوتين بإرسالهم إلى حتفهم في الصفوف الأمامية.
روح «أممية وقومية» وثابة وفدائية التقطتها مبكرا الفضائية الخاصة بالجيش الروسي، وهي تنقل مقطعا يهتف به المتطوعون. «بالروح.. بالدم.. نفديك يا بشار»، مع أن الهتاف الصحيح .. «نفديك يا فلاديمير»!
«السوري المقاتل» لا تأخذه رحمة عندما ينفصم أو يتحول إلى «محارب مبدئي» فجيش المرتزقة الذي يتوافد إلى أوكرانيا أيضا حافل بفدائيين سوريين وليبيين وخليجيين وشيشان وكوكتيل مستعربين ومستغربين أعلنوا الانضمام لزيلينسكي ما غيره، نكاية ببوتين وجماعته.
ولولا العيب وقصة «الممثل الكوميدي» لهتفت الملامح الأوسطية أيضا «نفديك يا زيلينسكي»، لكن الاسم الأخير يبدو صعبا عند الهتاف به بلسان عربي أو أوسطي.
الجميع ومن مختلف الطوائف يريد أن يموت في تلك المساحات البعيدة إما دفاعا عن «شرف أوكرانيا» أو تحت إمرة الجيش الأحمر، أما سوريا نفسها فيهجرها أولادها العسكر مع أن أجرة الغرفة الواحدة شهريا مؤخرا، وحسب صديق دمشقي أصبحت تعادل رواتب أربعة أشهر بـ”الليرة السورية” التي تكاد تختفي عن الخارطة.
معيبة تلك الحرب التي تغذيها القوى الكبرى على حساب الأبرياء من أبناء الشعب الأوكراني. ساقطة أخلاقيا بامتياز كل تلك المحاولات لاستجلاب مقاتلين بـ”الأجرة” ومن طرفي النزاع .
مخجل بكل الامتيازات أن يتحدث الطرفان عن «متطوعين من الشرق الأوسط»، والمخجل أكثر أن يتنافس «سوريون» شعبهم مشرد ومدنهم مدمرة على تصنيفات الارتزاق، فيما «المازوت» غير متاح لأغلبية أهل الشام ومحافظات سوريا تجوع وتتحول إلى مركز دولي في مجال تهريب المخدرات والخطف والقتل والسرقة، حتى عندما يكون القبض هو النضال بالروبل الروسي أو بالدولار الأوكراني!
«صدمة» هائلة
بثتها محطة «سي إن إن» بكل هدوء على لسان رئيس بنك أمريكي عالمي «نطاق الصدمة سيكون هائلا».
صاحبنا طبعا يتحدث عن «صدمة الطاقة» في ظل المشهد الأوكراني اليوم.
«الله لا يبشركم بالخير ويسود وجوهكم». تلك كانت ردة فعل جارتنا «أم العبد»، بعدما تلي عليها خبر الفضائية الأمريكية، ورغم أن الحرب في أوكرانيا يهاجمون في عمان «التجار» حصريا مع أنهم «ترنحوا» كفاية بسبب الفيروس وتقلبات «خلايا الأزمة».
لكن «أم العبد» نفسها لا تبدو قلقة من “صدمة الطاقة»، فالمجتمعات المتخلفة غير المترفة أصلا مستعدة للتنازل عن الكهرباء والإنترنت والتدفئة على الحطب والتنقل عبر «الحمار»، صديق رحلة الإنسان الأزلي القديم.