اراء و مقالات

«بدنا نبطل نفكر بأصل الناس» الهوية الوطنية الجامعة تثير نقاشا عاصفا في الأردن

والتشكيكات على الأرجح بأطروحة المعشر وبمخرجات لجنة تحديث المنظومة وبالعبارة نفسها التي تثير الجدل ستتواصل حيث اصطياد إصلاحي في غير مكانه.

عمان-»القدس العربي»: «بدنا نبطل نفكر بأصل الناس».

تلك عبارة تختصر وتقول الكثير في المشهد السياسي الأردني وخصوصا في الجزء المتعلق فيه بالكيفية التي اثيرت فيها النقاشات والتجاذبات بعد ورود مصطلح أو عبارة «الهوية الوطنية الجامعة» في بند الأسباب الموجبة لوثيقة تحديث المنظومة السياسية التي حظيت بمصادقة ملكية بالتوازي.
العبارة الأولى اقترحها بصيغة سؤال استنكاري وعبر برنامج خاص في فضائية «رؤيا» المحلية وزير البلاط الأردني الأسبق الدكتور مروان المعشر، وهو يرد على سلسلة من الاتهامات والتحرشات التي طالته شخصيا بطرح إطاره الفكري السياسي الجديد وتحت عنوان يقول إن الهوية الوطنية الجامعة للأردنيين هي الرد الأكثر نجاعة على سيناريوهات التوطين ومشروعات الكيان الإسرائيلي.
في محاولة منه لهز الغربال قليلا حاول الدكتور المعشر مناقشة مخاوف عند بعض الأردنيين ظهرت مؤخرا بعد استعمال عبارة الهوية الجامعة في ديباجة تحديث المنظومة، مقترحا بان الشعب الأردني إذا أراد مجابهة المشروع الإسرائيلي فسلاحه الأهم هو الهوية الجامعة، لأن الطريق الوحيد ليس فقط نحو الإصلاح بكل تعبيراته لكن أيضا نحو تحصين الجبهة الداخلية.
اقترح المعشر أيضا عدم تحميل كلمتي الهوية الجامعة أكثر مما تحتملان خلافا لأن إسرائيل طول الوقت لديها مشروع لحل القضية الفلسطينية على حساب الشعب الأردني والمصطلحات بالتالي لا تهمها، والاعتماد على قدرة الأردنيين فقط على حماية الالتزام الدستوري وتحصين الجبهة الداخلية باعتبارهما خطوتين في الاتجاه اللازم كسلاح ضد مشاريع التسوية التوطينية.
عمليا ثمة أسباب ومبررات ومسوغات دفعت الدكتور المعشر، وهو مفكر سياسي معروف لتقديم هذا الشرح على أمل تخفيف حدة المخاوف الاجتماعية من مكونات في المجتمع الأردني ارتابت بمصطلح الهوية الوطنية الجامعة.
وهي حزمة ارتياب قدر مسبقا وزير التنمية السياسية موسى المعايطة ورئيس اللجنة الفرعية للانتخابات في تحديث المنظومة السياسية خالد البكار وخلال نقاشات مباشرة مع «القدس العربي» بانها ينبغي ان تشرح للأردنيين وتدعو للطمأنينة وليس التوقف عندها مجددا لإعاقة المسيرة وعلى أساس ضرورة تجاوز المخاوف والمضي قدما نحو تحديث حقيقي للمنظومة السياسية.
قبل ذلك فوجئ المعشر نفسه بالمكان الذي ذهبت إليه بعض التعليقات والنقاشات عندما امتدح قليلا تفكير لجنة المنظومة بهوية وطنية جامعة للأردنيين، وأبلغ عضو اللجنة الملكية جميل النمري آنذاك «القدس العربي» بان المرتاب والمشكك ومن يحاول إعاقة المضي قدما لا يقدم بديلا لنا بل يسترسل في عرض المخاوف فقط.
آنذاك وفي نقاش مباشر مع «القدس العربي» قبل إطلالته التلفزيونية الأخيرة عبر المعشر عن استغرابه الشديد وهو يطرح سؤالا: لا أفهم كيف يمكن لأي عقل راشد ان يعتبر الحديث عن هوية جامعة للأردنيين خطوة نحو التوطين أو الوطن البديل؟
بدلا من الجلوس مطولا في مساحة الاستغراب قرر المعشر الاشتباك وبجرأة تحسب له عندما اعتبر بان الهوية الوطنية الجامعة هي السلاح الأمضى والأهم في مواجهة التوطين وليس العكس.
في كل حال حتى تلك التوضيحات قد لا تنجح بأكثر من تقديم رواية مختلفة في الشارع والتشكيكات على الأرجح بأطروحة المعشر وبمخرجات لجنة تحديث المنظومة وبالعبارة نفسها التي تثير الجدل ستتواصل حيث اصطياد إصلاحي في غير مكانه برأي المراقبين. وحيث إخفاق يشعر به بعض النشطاء في تفسير ظروف ولادة المصطلح وسط الغصرار على وجود هوية وطنية متأصلة عند الأردنيين منذ مئة عام على الأقل وعلى ان الحاجة غير ملحة لاصطلاحات جديدة تثير مخاوف المواطنين ومكونات المجتمع الأردني.
المتحمسون لعبارة «هوية وطنية جامعة» يخفقون حتى اللحظة بالمقابل في الإجابة على سؤال يرتاب بالتوقيت والتنميط، فالأزمة الاقتصادية خانقة والإقليم مفتوح على الاحتمالات والمرحلة الإبراهيمية بين إسرائيل وبعض دول الخليج تقلق الشعب الأردني، وثقة الناس باللجنة الملكية ومؤسسات الدولة تتراجع وتكاد تلامس حافة الانهيار والظروف معقدة وأسئلة الفساد معلقة، الأمر الذي يجعل الاصرار على الاصطلاح الجديد مثيرا للريبة في رأي تيار عقلاني راشد موجود في الأردن.
ذلك لا يعني إلا حقيقة واقعية موازية تبدأ بالاستمرار بما فعله المعشر قبل ثلاثة أيام حيث أعضاء اللجنة الملكية والمتحمسون من خارجها لفكرة وعبارة الهوية الوطنية الجامعة يطالبون بالمزيد من الجهد والشرح والاشتباك وتقديم الأدلة والبراهين لا بل الضمانات أيضا للخائفين والقلقين في أوصال المجتمع الأردني وعلى أساس ابتكار صيغة أو معادلة توقف حالة الخلط بين أوراق تحديث المنظومة والإصلاح السياسي وأوراق المشاريع الإبراهيمية التي يشتبه بها الأردنيون بكل مكوناتهم.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى