اراء و مقالات

الأردن بين «شبحين»: الوباء و«ضم الضفة الغربية»… والجغرافيا السياسية تضرب مجدداً

«الأمور لن تعود كما كانت»… قالها الرزاز وهو يتحدث عن «فرصة تاريخية»

مسألتان يعتقد اليوم وعلى نطاق واسع أنهما تشغلان صانع القرار الأردني عندما يتعلق الأمر بترسيم وتحديد ملفات محددة من بينها الانتخابات المقبلة وبقاء أو رحيل الحكومة الحالية مع البرلمان.
والأهم الفضاء الإقليمي لـ Aالدور المحتمل» في ضوء ليس فقط معطيات صفقة القرن التي تطل برأسها من جديد. لكن أيضاً في ضوء المستجدات والتحديات التي نتجت عن فيروس كورونا والتي دفعت رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز للظهور مجدداً ضمن منتدى الإستراتيجيات الذي نقله أصلاً لرئاسة الحكومة بعبارة «الأمور لن تعود كما كانت وثمة فرصة تاريخية».

«الأمور لن تعود كما كانت»… قالها الرزاز وهو يتحدث عن «فرصة تاريخية»

كالعادة لم يدخل الرزاز في التفاصيل… على الأرجح لأنه لا يعرفها كلها. ولأن المسألة الأولى هي تلك التي تتعلق بملف «عابر للحكومة وأحياناً لما هو أكبر منها» حيث ملامح مشروع إسرائيلي باسم «خطوات عملية لضم الضفة الغربية» على أجنحة أزمة كورونا وبصورة تجعل بلداً كالأردن في حالة «استنفار سياسي وأمني» يرافق ضعف القدرة على التأثير في المجريات.
أما المسألة الثانية فهي بالتأكيد طبيعة الوضع الاقتصادي في البلاد بعد عبور الموجة الأولى من أزمة كورونا. لسبب أو لآخر يشاء قدر الأردنيين السياسي ان ترتبط المسألتان معاً، الأمر الذي يرجح أنه مستقر في ذهن رئيس الوزراء وهو يعلن بأن «الأمور لن تعود كما كانت» لا سياسياً ولا اقتصادياً على الأرجح قبل أن يعلن عن «فرصة تاريخية» يتحدث عنها الجميع في عمان من القمة للقاعدة لكن بوضوح لا أحد يسميها أو يحاول تعريفها.
مبكراً قال خبير اقتصادي وصناعي مثل الدكتور لؤي سحويل وعبر «القدس العربي» أن الأزمة ينبغي أن تتحول إلى فرصة. ومبكراً في المسار الاقتصادي قال نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور محمد الخلايلة بأن القراءة الواعية العميقة للمشهد أساسية لتحويل المحنة إلى منحة بعدما أظهرت المؤسسات السيادية مرونة في القدرة على التفاعل مع حمى فيروس كورونا التي أشعلت وشغلت العالم. إلا أن السؤال بقي عالقاً: عن أي فرصة يتحدث الأردنيون بعد نجاحهم بيروقراطياً وأمنياً في احتواء موجة كورونا الأولى؟
هنا حصرياً وعند محاولة الإجابة يغرق الجميع في التفاصيل وبدون جواب حاسم وإن كان المشهد تختصره عبارة سمعتها مبكراً «القدس العربي» من أحد أبرز رجالات الدولة وهو يقول أن طبيعة التحالفات الإقليمية والدولية لا تقبل «الفراغ» وأن الدول ينبغي أن يشعر الآخرون دوماً بأهمية «دورها».
عند الاستيضاح تضاف العبارة التالية: عندما تفقد دورك لأي سبب تبدأ فوراً في البحث عن دور في سياق «الجغرافيا السياسية».
وعليه ينشغل الساسة في عمق دوائر القرار مبكراً بقراءة الاحتمالات والمواقف والتداعيات إذا ما تسارع تحول «ضم الضفة الغربية» إلى أقرب لـ «قدر سياسي» يتوجب على الأردن التعامل معه بالتوازي أيضاً مع تقييم «احتياجاته الملحة جداً» على الصعيد الاقتصادي حيث فيروس كورونا مرهق جداً للمالية الأردنية وكشف كالبرد الكثير من «العلل» وسيضع البلاد أمام «تحديات مهمة» اقتصادياً كما يرجح رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري وهو يستعرض في معية «القدس العربي» الأسبوع الماضي السيناريوهات.
طوال الوقت يصر المصري على عدم إسقاط «أطماع وإيذاء» المشروع الإسرائيلي في تصفية القضية الفلسطينية حتى وقت الهوس الانشغالي بالفيروس ويبدو متأكداً من أن الإسرائيلي طبعاً سيستغل الفيروس وتداعياته ويسعى لركوب الموجة.
يحصل ذلك ولا أحد في مستويات القرار لديه شرح مفصل أو «وصفة مدروسة» معدة مسبقاً للاشتباك والمواجهة وكل ما يفعله حتى اللحظة رئيس الحكومة تقليب الخيارات ووضع خطط وتشكيل لجان والتحدث عن «مصفوفات» تعالج المشكلات.
وكل ما يتسرب حتى اللحظة له علاقة بضرورة الاستعداد لمرحلة صعبة ومعقدة مرتبطة باحتمالات الخوض في تحدي ضم الضفة الغربية وفي ظل وضع اقتصادي حرج للغاية وجداً يضعف هوامش المناورة أمام الأردني وسيستغله الإسرائيلي بكل الأحوال.
وعليه من نافلة القول الإشارة إلى أن «تركيب» صورة المؤسسات والنخب المحلية لأغراض أجندة الأشهر القليلة المقبلة ستحسمه ليس اعتبارات الشارع ولا الإيمان بشخص أو مؤسسة أو طريقة بقدر ما يحسمه بقدر ما سيحسم لصالح «الوصفة الأفضل» لاحتواء التداعيات ليس فقط في نطاق كورونا الاقتصادي .
ولكن أيضاً في سياق الجغرافيا السياسية وما تعيد إنتاجه في وجه الأردني مرحلياً وأهم دلالاته بعهد فوضى الحواس السياسية بعد الفيروس من تحديات بعضها «وجودي» سياسياً بمعنى له علاقة بـ»الدور والوظيفة». وبعضها الآخر عملي وواقعي ومرتبط بحبل مشدود للغاية بالملف الاقتصادي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال ممتع ولكن محمد الحلايقه وليس الخلايله
    تحياتي لكم

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: