شرطي يوزع «رغيفاً» وعسكري يحرس «مصرفاً وصيدلية»… ما الذي كشفه كورونا في الأردن؟
«الدمج» الأمني فعال و«تدريب وطني» شامل وصور الجنرالين حواتمة وحنيطي بدلالات
تحاول مديرية الأمن العام الأردنية تذكير الجميع بأن «العمل كالمعتاد» وعلى أساس أن التركيز الشديد على فيروس كورونا ومخالفات حظر التجول ومعايير العزل لا يعني التفريط بمراقبة بقية أصناف الجنح والجرائم والمخالفات.
مساء السبت، وفيما يلفظ حظر التجول الشامل آخر ساعاته، أعلن الأمن العام بأن طاقماً من جهاز الأمن الوقائي ألقى القبض على «فتاتين أوروبيتين» شوهدتا ترقصان في الشارع بملابس فاضحة في عمان العاصمة.
الحديث عن شريط فيديو انتشر لفتاتين بملابس مثيرة جداً وسط العاصمة تم تداوله على نطاق واسع أثناء أزمة فيروس كورونا. وحسب البيان، دقق الأمن الوقائي بالشريط ولاحق الفتاتين وتبين أنهما ناشطتان على التواصل لمنابر تحرض على الإباحية، وسيجرى الاستحقاق القانوني معهما بعد التحقيق. قنوات الأمن الداخلي بقيت «مستيقظة» إزاء مخالفات «جنائية» خفيفة حصلت في ظل حظر التجول، من بينها حالات وفاة، ومشاجرات، وجريمتا قتل، وبعض السرقات، وبعض المصانع التي حاولت التشغيل خارج القانون.
قبل ذلك، وعلى شاشة تلفزيون المملكة، ظهر العميد رامي الدباس مدير العمليات، وهو يطمئن الأردنيين بأن البحث الجنائي والأمن الوقائي في شهر رمضان المبارك في الميدان وبكثافة.
يريد الأردني الاطمئنان الآن بأن الانشغال بتداعيات الأزمة أمنياً يوفر له فرصة دائمة للتمتع ببقية الخدمات الأمنية، خصوصاً مع تعقيدات الوضع الاقتصادي. وهنا، ميدانياً، يقر العميد الدباس بأن وجود «نشامى الأمن والجيش» واستعمال طائرات مسيرة للرقابة في الأزقة وإجراءات أخرى قد ساهمت بدورها في «تقليل وتقليص فرصة الجريمة» في المملكة. وتلك طبعاً من نتائج الحظر والتواجد الأمني المكثف وفوائد الإغلاق التي تشمل أيضاً انخفاضاً أو حتى»انعداماً» لحوادث السير التي تفتك على الأقل سنوياً بنحو 600 أردني وتجرح أكثر من 2000.
عنوان التواجد الأمني الأردني فيه مشاهد غير مسبوقة فعلاً، فقد شاهد المواطن دركياً يحرس مصرفاً، وشرطياً يوزع الخبز ويحرس الرغيف، وضابط دفاع مدنياً يحضر الدواء لسيدة في مخيم، وجندياً في الجيش العربي يحرس المدنيين أو «يحصي» مخزناً للمواد الغذائية للحفاظ على الأمن الغذائي.
مبكراً، قال مديري الأمن العام اللواء حسين حواتمة لـ «القدس العربي» عندما سألته عن الدمج الأمني قبل معركة كورونا بأن مضمون الرؤية الملكية هو «تطوير وتحسين» نوعية الخدمات الأمنية وضمان كل المعطيات الأمنية بدون ضرر أو تراجع، وبأفضل أداء وأقل تكاليف.
الدمج إياه أثبت كفاءة غير متوقعة أو أكثر من التوقع بعدما واجه «مناورة ميدانية» بسبب أزمة كورونا، حيث غرفة عمليات واحدة بقائد واحد تدير مديريات الأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني، وهي ثلاثة أجهزة ضخمة لها دور ضخم جداً في التعاطي مع تداعيات الفيروس.
وعليه، يصبح حديث مسؤول عمليات من وزن العميد الدباس عميقاً وهو يعِد الجميع بأن الأجهزة الأمنية المعنية بخدمات الشارع والمجتمع «تعمل بكامل فعالياتها» وستعمل في شهر رمضان وفي كل الظروف.
قدرات مشروع «الدمج» على التكيف بالميدان كانت فوق التوقعات بإجماع المراقبين.
وساهم في تكيف وتركيز التجربة في تقديم رعاية كاملة للناس وللمناطق ولنشاط الأطقم الطبية ومتابعة المصابين والمخالطين وخدمة المعزولين من المواطنين في المنازل دون أي تساهل في روتين الرقابة الأمنية المعتاد. كل تلك خدمات أمنية قدمها مشروع الدمج في ظل كورونا بالتنسيق هذه المرة مع القوات المسلحة وأطقم الجيش العربي العاملة في الميدان.. ذلك مشهد غير مسبوق أيضاً، وله دلالاته الشعبية والسياسية العميقة بالنسبة للشارع الأردني الذي شاهد بعض أفراده يلقون «الورد والأزهار» على دوريات «مشتركة» بين الأمن العام والدرك والجيش.
ثمة عمليات «تدريب وتأهيل» كشفت «مستوى الأداء والطاقة» بصورة مذهلة.. قالها مسؤول أمني سابق لـ»القدس العربي» دون أن يشرح، ملمحاً إلى أن كلام الملك عبد الله الثاني عن «معدن الأردني» في خطاب شهير إنما يقصد حصرياً بواعث الإنتاجية في إدارة الميدان خلال أزمة كورونا.
عملياً، ثمة «صور» ستبقى عالقة في الوجدان الجمعي، وطنية التلميح، على هامش الأزمة، حيث رئيس الأركان اللواء يوسف حنيطي برفقة رئيس الأمن العام اللواء حواتمة معاً في الميدان يتشاوران من دون كمامات على أحد الأرصفة في العاصمة، ويعمل رجالهما وضباطهما معاً تماماً عبر آلية مبتكرة في مركز الأزمات، وحيث يظهران برفقة ولي العهد الأمير حسين عبد الله على «عشاء تقشفي» مع حراس الأمن المشترك في الشارع العام بالقرب من إحدى الضواحي.
تلك مشاهد يكتشف الأردني فيها «دولته ومؤسساته»، برأي عضو مجلس الأعيان والوزير السابق وجيه عزايزة، وينبغي أن تستثمر وطنياً وأن يكتمل هذا البهاء؛ لأن المشهد وطني وإيجابي وفعال بامتياز.
علاقة الميدان بين الأمني والعسكري في ظل الفيروس توفر سلسلة رسائل غير مسبوقة من الطمأنينة للأردنيين، وهي علاقة يعتقد سياسياً وإعلامياً بأنها وفرت طاقة «صبر» وفرصة صمود عند المواطنين في التعاطي مع «إجراءات حظر وعزل قاسية» يعرف الجميع بأنها لمصلحتهم.