عندما أخفق غالانت في «سرقة أبو عبيدة»: جمع شمل اليهود ثم «حق عودتهم» بعيدا عن «بلاد الهمجيين»
هل سرق الجنرال الإسرائيلي غالانت – الله لا يمسيه بخير – مضمون خطابات «أبو عبيدة» كما سرق كيانه الفلافل والموسيقى والمدرقة خلال 75 عاما من النهب المتواصل؟
خطر السؤال في ذهني وأنا أقرأ «الترجمة الحرفية» على شاشة القناة «14» العبرية، التي نقلت عن غالانت قوله «إذا لم نحسم وننتصر في هذه الحرب لا مكان لنا في هذه المنطقة».
لاحظوا معي ما يلي: المدعو وزير دفاع إسرائيل لا يستعمل مفردة «الوطن، بل يتحدث بكل بساطة عن «منطقة»، بصيغة تسمح بالرحيل عنها.
واضح أن الجنرال الأصفر، مثل غيره من «شعب المحتلين» يواجه «شعب الجبارين»، وهو يحمل «جواز سفر» دولة أخرى جاهز للمغادرة لها من «المنطقة»، التي لا تشكل له وطنا حقيقيا بقدر ما تشكل «خرافة ما».
«أبو عبيدة» ما غيره، وفي الإطلالة الأخيرة، التي بثتها محطة «الجزيرة» حصرا كررها «بعد الجهاد.. نصر أو استشهاد».
لا ذكر إطلاقا لا لـ»منطقة» ولا لرحيل عنها، في قاموس المقاومة، حيث البديل عن «الوطن الفلسطيني» هو «الجنة»، وحيث مراسل حربي شاب في غزة كتب لقناة «الميادين»: «نازحون فقط إلى ألله والسماء».
نازحون إلى الله
«أبو عبيدة» لا يحمل أي جواز سفر أجنبي، وإن حمل «الفلسطيني» لا يستطيع العبور به إلى مطار عربي، وأبناء قطاع غزة الذين يقيمون في بلاد العرب لا يستطيع أي منهم تسجيل، ولو بطاقة هاتف باسمه، رغم أنهم «قوم يدافعون اليوم بالدم عن مستقبل ومصالح الأمة».
ما علينا، معادلة غالانت مفهومة وصريحة، فهو بلا وطن، بل يتولى وزارة دفاع «منطقة ما»، وإذا لم يحسم الحرب سيحمل حقيبته ويغادرها، لكنه «لا يريد أن يموت»، في كل حال، وإن كان مع نتنياهو يزجان بالجنود في معركة عنوانها الإسرائيلي اليميني «التضحية ولو بآخر يهودي».
معنى الكلام بعد الترجمة الحرفية لقناة 14 أن غالانت أخفق حتى في استعارة أو سرقة مضمون خطاب الناطق «أبو عبيده»، يعني «ما عرف يلعبها»، وكلنا مع الملايين شاهدنا الإطلالة التلفزيونية لخبير إسرائيلي وهو يقول عن «شعبنا الفلسطيني» إن «الله عندهم اللاعب الوحيد، والله عنا هو لاعب احتياط»!
حسنا، ما دامت إسرائيل في قاموس وزير دفاعها «منطقة يمكن أن لا يعيش بها القوم إذا خسروا الحرب». وما دام الشعب في غزة «حيوانات بشرية»، وفقا لغالانت نفسه، ولرئيسه نتنياهو «عماليق ينبغي قتل حميرهم أيضا». سألت على شاشة قناة «اليرموك»: ما الذي يفعله هؤلاء «المتحضرون» في «أرضنا»، التي يعيش عليها وفيها مخلوقات أقل من البشر؟ مثلا دولة مثل «ألمانيا» لماذا لا تستعيد «يهودها» من حملة جنسيتها، وتوفر لهم الحماية، بعيدا عن «الحيوانات البشرية»؟!
كذلك فرنسا وبريطانيا والأخوة الرفاق في الدول الغربية والأمريكيتين. لماذا لا يترك «بني الأصفر الممراض» تلك البلاد، التي لا يعتبرونها أصلا وطنا لهم»، ويغادرون للعيش مع «ثقافات تشبههم»، لا بل دول يحملون وثائقها ويتركون «بلاد الشر» لأصحابها غير البشريين على طريقة «الله لا يردهم»؟!
عويل بوريل
لو كنت أوروبيا لتوقفت عن دفع الضرائب لتمويل هذا الجنون، بعد زرع «الكيان» في أرض كل من يجاورها ومن فيها «يختلفون معي بالهوية والعقيدة والسلوك»، ولطالبت جوزيف بوريل، الذي ظهر محتدا الأسبوع الماضي على شاشة «فرانس 24»، وهو يحاول «ترقيع المشهد» ببدء مرحلة ومشروع «عودة اليهود إلى وطنهم الأصلي» ولتترك النسخة التايواني لأصحابها الأصليين في جنين والمواصي.
بوريل، قال على المحطة الفرنسية فجأة بـ«وجوب العمل على وقف إطلاق النار»، ونسي أنه نفسه «كاد يبكي»، وهو يخطب في الكون سابقا بعبارة «إسرائيل لها حق الدفاع عن نفسها»، قبل أن يسأله وزير خارجية الأردن: «معالي الأخ بوريل.. هل يضمن القانون الدولي الإنساني للقوة المحتلة حق الدفاع عن نفسها؟»!
الحقيقة ما أخفته محطة «رؤيا» التلفزيونية في عمان سؤال آخر وجهه أيمن الصفدي لبوريل حصرا، خلف الكاميرات: قل لي.. كم برأيكم ينبغي أن يقتل من أبناء الشعب الفلسطيني، حتى تعتقدوا أن الحرب ينبغي أن تتوقف؟!
يمكن لبوريل وزعماء أوروبا، بدلا من كل «العويل» والمليارات والتعرض لأكشن «الحوثيين والمحور والقسام»، ودفع كلفة تاريخية، تدشين مشروع «لم شمل البيض واليهود الأوروبيين» لمسقط رؤوس «الأجداد» الغربي، حتى تستطيع الولايات المتحدة التمتع بـ»وزير خارجية» لا يزور «منطقة ما» لكي يبكي على قبر جدته في هامبورغ قائلا «جئتكم بصفتي يهوديا».
من حق دافع الضرائب الأمريكي أن يمثله وزير خارجية لا تسبق صفته الدينية التزامات وظيفته لدولة عظمى.
بدلا من تكريس «احتلال فلسطين» وتحمل فاتورة «شعبها العنيد» فليترك هذا الشعب لمصيره «الهمجي»، وليجمع «الأوروبيون الحضاريون» رعايا الكيان مع قططهم وكلابهم في حافلات، سيحرسها القسام، وما يتبقى من الحرس الرئاسي الفلسطيني في إطار ممارسة «جمع الشمل» و»حق عودة» اليهود إلى أوطانهم الأصلية، التي لا توجد فيها صفارات إنذار، ولا حيوانات تحمل بنادق، وفيها الكثير من «الجعة والهامبورغر»، وإن شئتم «شاورما» تستورد من رام الله.