عندما «تمزح» المقاومة مع «النشامى»: «الطوفان» مع «معركة الكرامة» في ميزان «الضفتين»
نبوءة أو «مزحة» أحد القياديين في حركة حماس، بدأت تتحقق بعدما سمعه كاتب هذه السطور يعلق على إصرار الحكومة الأردنية على عدم التحدث مع «المستوى السياسي» في فصائل المقاومة، قائلا «حسنا قد ترغبون بالتحدث مع كتائب القسام».
حتى قناة «سكاي نيوز» تعود للتحدث عن «المخاطر التي تحيق بالأردن» ضمن وصلاتها المتكررة في التركيز على الحالة الشعبية الأردنية.
في عمان طبعا ثمة من يريد ألا يقف عند حدود «الامتناع عن أي تواصل مع المقاومة الفلسطينية» سياسيا، ويميل إلى «شيطنة المقاومة»، التي لم تؤذ تاريخيا، ولو عمود كهرباء في عمان!
لكن ذلك لا يحل لا إشكالية الأردن الرسمي مع «المقاومة والمحور» ولا إشكالية للمقاومة مع «النشامى».
في اختصار وببساطة، فان حرمان الإسلاميين الأردنيين من قناة فضائية «اليرموك»، بعد مداهمتها وإغلاق مكاتبها – بحجج إدارية لا معنى لها – دفع التيار نفسه للاستثمار في الفضاء المفتوح المجاني المتاح لمن أراد وبدون كلفة.
الكرامة والطوفان
كل ما يتطلبه الأمر لإثارة قلق الأردنيين هو استضافة رئيس حركة حماس في «الضفة الغربية» زاهر جبارين لكي يتحدث مباشرة للشعب الأردني، وبدون تكلف أو تكاليف، وعبر تلفزيون حزب جبهة العمل الإسلامي الإلكتروني المصور، وحصرا عن معركتي «الكرامة وطوفان الأقصى».
تخيلوا ما حصل بعد إغلاق قناة «اليرموك»: مسؤول عملياتي في المقاومة، وحصريا عن ساحة الضفة الغربية، يتحدث لشعب النشامى وحكومتهم، عبر النافذة التلفزيونية لحزب معارض، ويجمع «معركة الكرامة» المقدسة في وجدان المؤسسة والشعب الأردنيين بـ»معركة طوفان الأقصى».
حتى في الأحلام، لم يكن من الممكن تخيل ذلك. «إنها بركات 7 أكتوبر/تشرين الأول يا معلم»، هذا ما قاله لي شاب قابلته في إسطنبول مؤخرا».
الأهم هو المضمون الأخطر لمداخلة الجبارين للنشامى، عندما قال ما يردده عمليا اليوم علية القوم من متقاعدين عسكريين وخبراء مدنيين بعنوان «الأمن القومي الأردني يبدأ مع انتصار المقاومة». قال الجنرال فايز دويري مؤخرا عبر «الجزيرة» شيئا مطابقا.
لا أحد حتى في دوائر القرار الرسمي يمكنه الاعتراض على مثل ذلك الاستنتاج، لأن من يقول إن الأمن القومي الأردني مرتبط بانتصار إسرائيل، ولو من باب «التزهزه»، وعلنا بعد احتساء بعض الكحول قد يلاقي مصيرا على طريقة مسلسل «شجرة الدر»، الذي بثته العام الماضي قناة «أم بي سي».
كلمات جبارين على «الهواء الأردني المباشر» حساسة ومهمة، ورسالة من تحت الركام، فكرتها أن «ضم الضفة الغربية هو الخطر المحدق الوشيك على الأردن، شعبا وحكومة».
تلك في الواقع قناعة أردنيين كثر ألتقي بهم في كل الأزقة السياسية في البلاد، واللافت جدا أن الموقف الرسمي لا يقول عكس ذلك إطلاقا، بصرف النظر عن التقرير الذي بثته مؤخرا القناة الإسرائيلية 13 ويتحدث عن ارتفاع ملحوظ في الصادرات الأردنية والمصرية والإماراتية إلى الكيان في وقت المعركة.
طبعا نحن لا نصدق قنوات الكيان ونعرف شغبها، لكن نصدق جبارين، وهو يلفت النظر إلى أن طبيعة المعركة الآن تتطلب فهم الأمور من زاوية أردنية وطنية مختلفة هذا المرة.
مزحة المقاومة
الأهم تلك المزحة، التي جالت في خاطري فجأة، وأنا استذكر تلميح الرفيق في مكتب سياسي بعنوان «الأردن الرسمي لا يريد من المستوى السياسي التحدث للشارع». حسنا «سيتحدث للنشامى إذا المستوى العسكري والعملياتي».
المقاومة تطرح فكرة «الضفتين» في غلاف من الدم الغزاوي الطاهر هذه المرة. هل قرأت عمان الرسالة؟
في انتظار الإجابة على ذلك السؤال الحائر نعود لمشهد رسالة للناطق باسم «سرايا القدس»، وهو يستعمل في لقاء تلفزيوني عبارة «شعبنا في الأردن»، حتى كتائب الجهاد الإسلامي، التي لا يعرف الأردن عنها شيئا تخاطب النشامى، ألا يعني كل ذلك شيئا؟
كمواطن أردني أفهم أن بلادي لا ينبغي لها أن تتحدث إلا مع «الدول والشرعيات».
أستغرب إصرار بعض الأشقاء في مقاومة فلسطين على مخاطبة شعبنا مباشرة بدون اجتماعات «لجان وزارية عليا». طبعا كنت أفضل لو تحدثت حكومتنا مع ممثل سياسي للجهاد الإسلامي، الذي يحارب على «أكتافنا» عدونا، بدلا من تركي للأخ «أبو حمزة».
«النشامى» يشعرون بالإرهاق جراء أصرار «أبو عبيدة وأبو حمزة ولاحقا جبارين» على التحدث معهم مباشرة، وبدون «تكليف ولا تشريف» ورد جماعة التكيف الوحيد حتى الآن الاستعانة بفريق من دوري المظاليم يحمل صفة «كادر سابق في حماس وناقم عليها لسبب غامض»، لكي يتولى مهمة شيطنة المقاومة.
اقتراحي للعقلاء في وزارة التنمية الاجتماعية – الذين أعرف حرصهم الوطني – التدقيق جيدا في ردود فعل «أبناء حي الطفايلة» على قرار تحويلهم إلى النيابة بتهمة «جمع تبرعات غير قانونية لأهل غزة». ثمة ما هو عميق جدا باسم «الشعب الأردني» في تلك الرسائل. الجماهير، التي ضللتها اتفاقية «وادي عربه» استيقظت، بعد يوم مجيد باسم 7 أكتوبر/تشرين الأول. على الجماعة «بتوع الحكومة» أن يفعلوا.