فقط في غزة: شهيد مقابل «إبرة كورتوزون»… ومحاضرة القطامين «أردني من سوريا»
تبدو صورة مفعمة بالوجع، وسط غياب الضمير الإنساني والعربي، وفي الأخص المصري الرسمي.
فقط شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة «يشتري العلاج» بالدم والشهداء.
محطة «الجزيرة» تتفق مع قناة «اليرموك» في زاوية فنية محددة… الشاشتان، وكلما تعرضتا لنبأ في غزة تزرعان خلف الكاميرا صورة لفتى جريح أو شهيد خلال «مسيرات العودة».
نكتشف على الهواء مباشرة، ودون كاميرا مع القيادي في حركة حماس خليل الحية، الهدف العميق لمسيرات العودة، حيث لفت نظر العالم – ليس لتحرير فلسطين – بل لوجود «أزمة صحية» كارثية في القطاع المحاصر.
قالها الحية أمامنا وببساطة: المرضى لا يوجد لهم علاج وإسرائيل توقف جلسات الكيميائي لمصابي السرطان من أهلنا بعد الجرعة الثالثة والشقيق في «السلطة» أوقف تحويلات المرضى.
بالدم والحجارة وطائرات ورقية، اشترى الغزيون فكرة «المستشفى الأمريكي»، الذي قيل إن له بابين على الحدود، يفتح الأول عند العدو والثاني عند شباب المقاومة ليدخل الأطباء الأمريكيون من الأول والمرضى من الثاني.
هل تشعر الأمم المتحدة بأي خجل، وهي تتواطأ على هذا السياق؟
أين الخجل نفسه وجماعة «التنسيق الأمني» يتحدثون عن «قاعدة عسكرية أمريكية» في غزة تنتحل صفة مستشفى؟
الجميع في النظام الرسمي العربي يريدون «اخضاع» حركة حماس بتجويع وحصار وقتل أهل غزة.
نقولها صراحة: لو كنت غزيا – ويشرفني طبعا أن أكون – لتحالفت مع القرد الأسود ضد هذه «الوحشية»!
كم شهيدا قدم شعبنا في غزة مقابل إبرة «كورتوزون» أو حبة علاج لمريض سكري وكم جريحا من أجل حبة «باندول»؟
أردني من سوريا في النمسا
قالها في النمسا في قاعة مليئة بشخصيات غربية وعربية، ودون أن يرمش الزميل الدكتور معن قطامين «محدثكم سوري من الأردن».
تداول الناس في عمان الخطاب المتلفز وبث على قناة أوروبية تدعى «في تي في».
صاحبنا، شرح في سلاسة فكرته عن «بلاد الشام ومنبع الحضارة والعلم والموسيقى»، مقابل الرصاص الذي يهطل على أبناء سوريا الكبرى.
طبعا، توقعنا مسبقا أن يحتفي التلفزيون السوري بالفكرة، وصاحبها ويحاول شطار نظام دمشق الاستثمار فيها.
قد يخرج مصطفى طلاس من قبره رافعا لسانه في سخرية ليقول: ألم أقل لكم ذلك.. الأردن جنوب سوريا.
وعلى الأرجح سيلام صاحبنا في عمان وسيتهمه كثيرون من ضعاف القوم المحترفون للمزاودة الوطنية لكن نصفق له عندما يتحدث خصوصا في الغرب الهادر عن «أبناء الهلال الخصيب». ونضيف إليه تلك الجملة الأخاذة للفنان خلدون الداوود…«نحن أيضا أبناء نهر الأردن العظيم».
لدينا مشكلة صغيرة مع قصة «الرصاص»، الذي يستهدف «السوري»، فمعظمه على الأرجح «سوري أيضا»، وعبر البسطار الروسي، خصوصا عندما يتحول «برميل مفخخ» إلى رصاصة عبقرية مصنعة خصيصا في منشأة تتبع «محور الممانعة والمقاومة». هنا حصريا قد لا تخدم سياسة شد انتباه مثقفي مدينة مثل فيينا.
عمر البشير يحتاج لـ«إصلاح اجتماعي»
الزعيم نفسه والبلد نفسه والشاشة نفسها، لكن سبحان مغير الأحوال.
عامان فقط للوراء كانت كاميرا الفضائية السودانية – أدام الله عزها – تلاحق العصا المزركشة السوداء، التي يلوح بها الرئيس عمر البشير، وهو يهش بها على أغنام الشعب.
اليوم الكاميرا نفسها، وعلى الأرجح المخرج نفسه، والطاقم ينقلون على الهواء مباشرة جلسة النطق بالأحكام ضد «الزعيم نفسه»!
لا تخجل الكاميرا إطلاقا، وهي تتسلط على القاضي، الذي لا يخجل بدوره أيضا، وهو يعلن حكمه العجيب وهو حبس البشير لعامين في مركز متخصص للإصلاح الاجتماعي.
لولا العيب لقررت المحكمة على الطريقة الأمريكية أن يجمع المتهم بعض القمامة من الحارة ويساعد النساء المسنات ويطعم كلاب حديقة عامة أو أيتاما في مركز رعاية اجتماعي .
لكن في الخرطوم لا توجد حديقة عامة حقيقية، لا في عهد البشير ولا في عهد من سبقه، ولا أيضا في مرحلة من انقلب عليه وأطاح به، والأيتام بـ«الكوم»، الله وكيلك، ورعايتهم تحتاج لحكم مماثل يطال كل زعيم عربي .
ما الذي يعنيه الإصلاح الاجتماعي في حالة الرئيس البشير وعمره 75 عاما؟!
فقط في السودان أيضا. عندما يحكم «جنرالات تهريب الذهب» لا تسأل عن السبب وتوقع العجب.
نفضل أن يحاكم كل المسؤولين والزعماء العرب – ليس على «حيازة عملة أجنبية» – بل على عدم وجود حديقة ومسرح وجامعة ومستشفى ومصنع في مهنية رفيعة في بلدانهم!
المال والسياسة
فرنسا دوما مهتمة. كاميرا فضائية «فرانس 24» تواجدت في المكان، حيث أول مؤتمر صحافي للرئيس الجزائري المنتخب الجديد عبد المجيد تبون، وهو يعلن «يدي ممدودة للحراك… ولا ولاية خامسة لعهد بوتفليقة».
ما لفت نظرنا في حديث الرئيس الطازج، هو العبارة التالية «فصل السياسة نهائيا عن المال».
إذا فعلها الرجل لا بد لنا في الأردن من استيراد النموذج باختصار.