في الأردن ظهور «إعلام دبدوب»: «قرد» أمريكا يعبث ب «طحين» إيران
خاب أملي طوال الوقت وأنا أتابع شبكات التلفزة المحلية الأردنية في صنفيها الإعلامي المركوب والمرعوب، ومعها «الدبدوب»، أملا في التقاط ولو «صوت واحد» لخبير حقيقي يعتد به يقنعنا كمشاهدين أن نصوص قانون الجرائم الإلكترونية المعدل الجديد، يمكنها أن «تحقق فعلا» الأهداف التي تعلنها الحكومة في «الأسباب الموجبة».
للعلم والتذكير «المرعوب» تعبير قديم لأحد المخضرمين. وأضاف له «ناقد سابق تحول إلى مسؤول غير ديمقراطي لاحقا، مفردة «مركوب».
وسجالات القانون الجديد أفرزت ظاهرة «الإعلام الدبدوب» عبر المرئيات والتلفزيونات.
وهو حصرا يمثل شريحة خاصة اليوم تحاول إقناع الناس أن السلطة عندما تبصق في وجههم، تمنحهم رذاذ مطر وطني استثنائي يعمل لصالحهم ويخفف عن وجوههم تجاعيد الزمن.
الإعلام الدبدوب بطيء. متمهل. متذاكي بامتياز. يخاطب الغرائز.
يظهر نمطنا الإعلامي المستجد، مثل دبدوب «الفالنتاين»، وفجأة على طريقة «أبو عنتر» في «أم بي سي» لإقناع الشعب أن المطالبة بكرامته وحريته وحقوقه أقرب إلى مؤامرة لصالح نتنياهو.
ما علينا. لا يوجد «مداح واحد مقنع» للقانون، حتى اللحظة، رغم أن محطة قناة «المملكة» شبه الرسمية اجتهدت وحاولت، والتلفزيون الرسمي أخفق تماما في «استضافة»، ولو شخصية واحدة، تحلل وتقرأ النصوص ولا تقف عند حدود «التشكيك بنوايا الإسلاميين ومعارضي القانون»، ولعن «سنسفيل» أبو الشعب، الذي لا يفهم مصالحه!
على شاشة قناة «رؤيا» حذر النائب المسؤول عن قانونية النواب من موضة التشكيك.
صوتان فقط ظهرا على شاشات التلفزة، وأمام الميكروفون في سياق «الدفاع عن القانون»، نزعم أنهما حققا معدلات مدهشة في خدمة الحملة المضادة للقانون، وأغضبا الشارع واستفزا مجلس الأعيان ودفعاه لتخفيف وطأة النصوص.
على قناة «رؤيا» معارض وحراكي سابقا، أصبح موظفا لاحقا، لجأ إلى التشكيك في كل من يتعامل مع لجنة تنسيقية تعارض القانون.
زميلنا الفاضل عضو البرلمان عمر عياصرة وأمام الكاميرا اخترع إطارا عبقريا لتحليله، رابطا بين «الحركة الإسلامية» وشعبويتها المفترضة وبين المستفيدين من الحملة ضد الجرائم الإلكترونية.
الشيوعي والإخواني
نحترم العياصرة، وسبق لنا الظهور معا محاورا وضيفا عدة مرات في برنامجه التلفزيوني، الذي بدأ فيه وحمله للجمهور على شاشة فضائية «اليرموك»، التابعة للإسلاميين، قبل التحول إلى نجم متألق على شاشة «الجزيرة» للتحليل، ثم القفزة الموفقة لقبة البرلمان.
نفترض إذا خصمنا الطموح السياسي، أن العياصرة يعلم يقينا أن القانون الجديد «أسوأ بكثير مما تقوله الحكومة»، وأن نصوصه مطاطة وغير محكمة.
طبعا يستطيع زميلنا التصويت ضد أو مع القانون بقناعاته.
لكن قصة «شعبوية موقف الإسلاميين»، فليعذرني «لا تخرط مشط» طفلة في الصف الخامس الابتدائي، لأن بعض أعتى من يعارضون القانون الآن من «أشد خصوم» التيار الإسلامي، لا بل من بؤرة وحضن الدولة.
قيس زيادين، ممثل التيار المدني وابن مؤسس الحزب الشيوعي الأردني اعتلى سيارة «البيك آب» الملحقة بالاعتصام، وخطب ضد القانون وباسم التيار المدني، كما لم يفعل أي إسلامي، ومعه رولا الحروب وجميل النمري ومعن قطامين، ولاحقا سمير الحباشنة وبسام حدادين وخالد كلالدة وخالد رمضان.
هؤلاء جميعا وغيرهم من الذوات، خصوم تاريخيون في الأيديولوجيا للإسلاميين، وهم من يقودون الحملة ضد القانون الآن.
بصراحة لم يبق كادر ماركسي أو ينتمي لجماعة لينين، وأعرفه شخصا في عمان، إلا وعارض القانون، بما في ذلك اليسار المستمتع بأحضان الدولة والمؤسسات.
أقله رفاقنا في الإعلام «الدبدوب» التوقف عن قول ربع ونصف الحقائق حرصا على الحكومة.
قرد أمريكا وطحين إيران
لسبب غير مفهوم استدعيت – وأنا أتابع شبكة «أن بي سي» الأمريكية، وهي تتحدث عن «دور مسيرات إيران في الحرب ضد أوكرانيا» – مقولة جارتنا – رحمها الله – «أم ملوح» عن «قرد قيل له إنه سيسخط»!
صاحبنا طعبا – أقصد القرد – رد على المقولة إياها بإشارة ساخرة يعرفها كل أهل قرى حوض نهر الأردن.
الشبكة الأمريكية، اهتمت بعرض الدلائل والبراهين على «تورط إيران في دعم روسيا بتقديم مسيرات تقصف أوكرانيا».
طهران لا تنفي بحماس، وهي قيد الاستهداف منذ عقود، وتحت التهديد والحصار، و»الكيان» إياه يهدد بقصفها ليلا نهارا. أين المشكلة في أن تقف طهران مع روسيا، لأن العالم الغربي برمته يقف مع أوكرانيا ويزودها جهارا نهارا بالأسلحة؟!
إيران لا يوجد ما تخسره، لأنها «تخسر فعلا ومنذ عقود» والغرب لا يقدم لها «أي رشوة سياسية»، حتى تتوقف عن تزويد روسيا بمسيرات.
وضع إيران تماما مثل قرد خالتي «أم ملوح»، وعليه نقترح على الشباب في شبكة «أن بي سي» ما اقترحه اللص الشهير في فيلم أكثر شهرة، بثته نتفليكس مجددا مؤخرا اسمه «الطريقة الإيطالية» بعبارة «أوقفوا العبث».
للعلم، ثمة علاقة تراثية، أنا لا أفهمها بين القرد والطحين، والواضح لي مرة أخرى كمشاهد أن القرد الأمريكي، وهو «من فصيلة غوريلا على الأرجح»، مصر على العبث بطحين إيران، ومجانا، وعلى قاعدة «رغيف لا تقسم وكل حتى تشبع»!