وزارات الأردن دخلت جميعها على خط “كورونا” واستعداد وقائي “سيادي”
استبدلت اللجنة المعنية بالوقاية من الأوبئة في وزارة الصحة الأردنية فكرتها المقترحة نهاية الأسبوع الماضي بإلغاء صلاة الجمعة واستعاضت عنها بدعوة الخطباء والوعاظ إلى تقديم خطبة قصيرة بعد مخاوف متزايدة من التجمعات البشرية بسبب فايروس كورونا.
وزارة الأوقاف دخلت على الخط تماما مع نهاية الأسبوع. حيث قررت تكريس خطبة الجمعة الأخيرة للأحكام والتعاليم في الشريعة الإسلامية بخصوص الوقاية من الأمراض.
قبل ذلك أعلنت وزارة السياحة إلغاء مؤتمر دولي للاستثمار السياحي كان سيعقد في عمان العاصمة.
وفي الأثناء تأجيل مسابقات ومشاركات رياضية ولقاءات لكرة القدم والتايكوندو على المستوى الرياضي وخطوات من عدة اتحادات تخفف قدر الامكان من تجمع المواطنين والمشجعين.
وفي الأثناء أيضا إجراءات باسم هيبة الدولة ضد أي محاولة لاحتكار الوسائل الطبية المعنية بالوقاية، وتعليمات مكثفة لدوريات الشرطة والأمن بالمتابعة والانتباه ومنصات اجتماعية بالجملة تناشد الشعب الأردني إيقاف عادات التقبيل وتبادل الأحضان ترافقها مخاوف متزايدة على المستوى الشعبي كلما ذهبت الحكومة باتجاه إجراء جديد من أي نوع.
يعني ذلك وخصوصا بعد دخول وزارتي الثقافة والسياحة وإلغاء المؤتمرات بأن إجراءات الوقاية من فايروس كورونا في الحالة الأردنية بطريقها نحو التحول إلى ملف سيادي.
كما يعني أن الحكومة وفي إطار قراءتها لخريطة انتشار الفايروس بالإقليم والجوار والعالم تستعد لأسوأ الاحتمالات خصوصا بعدما اتخذت دول مجاورة إجراءات قياسية وقاسية من بينها دولة الاحتلال الإسرائيلي والمملكة العربية السعودية وحتى دول الخليج مثل الكويت والإمارات.
في الوقت نفسه بدأ المستوى السيادي وبالرغم من الإعلان عن حالة إصابة يتيمة فقط بالفايروس يمهد الأرضية لإجراءات محتملة في المستقبل من بينها حظر التجمعات ومنع صلوات الجمعة وإلغاء جميع المؤتمرات في الخارج وتلك التي ينبغي أن تعقد في الربيع المقبل في الداخل.
وتدرس الخيارات بدقة متناهية ضمن معادلات خلية الأزمة التي شكلت في مركز الأزمات الأردني. وفي الوقت الذي زاد فيه معدل القلق بين المواطنين تواصل الحكومة إجراءات الثقة بتعزيز النمط الوقائي بالتلازم مع برنامج وقائي حاسم.
وهنا أعلنت الهيئة التي تراقب الغذاء والدواء تحديد سعر الكمامات الطبية رسميا وتزويد الكمية المتاحة منها في أسواق المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية.
فوق ذلك أعلن رئيس هيئة الغذاء والدوار الدكتور هايل عبيدات بأن الكمامات الطبية والمواد المعقمة ستباع في المؤسسات بناء على دفتر العائلة، الأمر الذي يظهر ضمنيا عدم وجود كميات كافية من هذه الوسائل الطبية في مخزون وزارة الصحة والسعي لضبط وتنظيم السوق الموازي الذي تشكل فورا وأدى لزحام شديد في الأسواق.
ولأغراض إنتاج المزيد من الكمامات الطبية تم تشجيع تشغيل وافتتاح خطين جديدين للإنتاج فيما تختفي بعض الوسائل الطبية من السوق الخاص.
وسبق لعبيدات أن هدد بإغلاق الصيدليات ومراكز الأدوية التي تخالف القانون وأعلن عن برنامج للمتسوق الخفي مما يعني بأن ازمة كورونا قد تنتهي بإعادة ولادة وزارة التموين الأردنية التي تراقب الأسعار والكميات والاحتكار كما كان يحصل في الماضي.
وهو في كل حال دور مناط بوزير الصناعة والتجارة والتموين الدكتور طارق الحموري الذي أبلغ “القدس العربي” بأن الفرق الفنية في وزارته مستعدة لكل الاحتمالات فيما يتوقع بواجبات الوزارة تجاه الخطة الوطنية للوقاية من الفايروس.
وتتصدر وزارة الصحة المشهد تماما في الوقت الذي اكتسبت فيه حراكات الوزير الدكتور سعد جابر إشادة جماهيرية واسعة بسبب جرعة الشفافية في التحدث مع الأردنيين حول التفاصيل وبسبب برامج الوقاية السريعة والفعالة سواء فيما يتعلق بإمكانات الحجر الصحي أو فحص وتفحص المرض أو بإجراءات التعقيم والمتابعة بعد ظهور إصابة واحدة لمواطن عاد من إيطاليا.
في الوقت نفسه وضعت خطة طارئة على مستوى المؤسسات السيادية لتقاسم الواجبات والمتابعات في حال الاضطرار لخطوات إضافية من العزل والوقاية الصحية بالرغم من شح الامكانات وعلى أساس الاستثمار في واردات جميع المؤسسات في حالات الطوارئ.
ومن المرجح أن الوزير الحموري بدأ يحتاط بدوره للتركيز على الأمن الغذائي وأوضاع التجارة الداخلية في حال تراجع الصادرات ووجود مشكلات في المستوردات وفي حركة النقل والشحن بسبب إغلاقات متوقعة في عدة مناطق في العالم خصوصا وأن بعض الدول مثل إيطاليا أغلقت المدارس والجامعات وقد تغلق بعض الموانئ قريبا.
وتأمل حكومة الأردن من وراء هذه الإجراءات إلى تنمية مهاراتها في التفاعل والتعاطي مع أزمة فايروس كورونا التي تشكل في كل حال تحديا لا يستهان به لقدرات إدارة القطاع العام خصوصا في أوقات الأزمة.