أصدقاء جدد و«مهمون» في الأردن لفكرة «تغيير أو إسقاط» النهج القديم وأقطاب الإخوان يبحثون عن «مغادرة الاستعصاء»
اقتراب مخضرم وخبير ومحنك من وزن الأمير الأردني الهاشمي حسن بن طلال، من المساحة الحوارية التي تتحدث عن «نهج جديد في الإدارة العامة» خطوة تعزز الانطباع ببحث أوساط فاعلة في الأردن عن «مقاربات» جديدة لمغادرة منطقة «الأزمة».
طبعاً، الأمير العائد مؤخراً من زيارة رسمية نادرة إلى نيوزيلندا بعد جريمة المسجدين الشهيرة، يتطرق للعديد من التفاصيل ويطرح خلاصته في حوارات معمقة تجري هنا وهناك.
بكل حال، تبدو مفردتان مثل «نهج جديد» مثيرتين لكل أنواع التساؤلات الحرجة في الحالة الأردنية، فالشارع عندما تحرك عدة مرات طالب بإسقاط النهج القديم في إدارة الدولة.
مسار عشائري وآخر تكنوقراطي وأخيراً «إخواني» في السياق
والحركة الإسلامية المعارضة، ممثلة بحزب جبهة العمل الإسلامي وجماعة الأخوان المسلمين، تعود تدريجياً للواجهة الشعبية وتتصدر فتشارك في بعض الفعاليات، ويصدر عنها مبادرة سياسية وطنية ويتحدث قادتها مباشرة لـ»القدس العربي» وغيرها من المنابر، ومنهم الشيخ مراد العضايلة، عن صعوبة الاستمرار أصلاً في النهج القديم، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالانتخابات والإصلاح السياسي.
حتى رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز يقترب من صياغات هادئة ومعترضة يحاول عبرها تكريس حكومته وتجربته باعتبارهما الإشارة الضرورية لتدشين مشاريع تقصي بهدوء وبالتدريج نهج الإدارة القديمة. بالنسبة إلى نخب وأدوات ورموز النهج الذي تطالب عدة أطراف بإخراجه من المعادلة، تلك العبارة مستفزة وتطرح كشعار يمكن أن يحدث خللاً في معادلة الاستقرار السياسي وبلا أدلة أو قرائن.
على مستوى مراكز إدارة القرار في النهج القائم، تبرز الخشونة في التعبير ومستويات الاستفزاز كلما ذكرت عبارة لها علاقة بالحاجة إلى نهج جديد، ليس فقط لأنها حاجة حمالة أوجه سياسية أو عبارة غامضة.
ولكن الأهم لأنها تحولت إلى عبارة تنتقد الحالة وترفع حتى برأي مركز الثقل الأمني من نسبة إشاعة السلبية في أوصال المجتمع وتغفل الإيجابية والانجاز وتكثر من التشكيك. في المقاربة التي يقترحها الشيخ العضايلة، فإن الحاجة ملحة جداً لأنماط إدارة إبداعية قليلاً على مستوى التحديات والمستويات الوطنية.
وعندما يتحدث القطب الإخواني، الشيخ زكي بني رشيد، عن قواعد لعب ومنهجية تناسب حجم المشكل الوطني، يسأل في ندوة عامة عن من يعلق الجرس، ويبدأ تدشين ورشة الاستدراك الوطني والإصلاح سائلاً: كيف نغادر الاستعصاء الحالي؟
قبل ذلك بسنوات، وطوال الوقت، احتفظ لاعب من وزن وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، برؤيته النقدية التي تفترض بأن استمرار إدارة الملفات والقضايا الداخلية والإقليمية بالمنهجية القديمة يقترب من المهمة المستحيلة. وحتى عندما شارك رجل دولة ثقيل الوزن من حجم الرئيس الأسبق أحمد عبيدات في حوار ملكي داخلي مغلق، لمّح إلى الاستعصاء نفسه، وتحدث عن الحاجة إلى أداء وأدوات تناسب حجم التحديات.
الشلل والمجموعات التي تدير الأمور، بعدما خصصت لها مساحة واسعة من نفوذ المناصب والمواقع، من مصلحتها احتكار القرار وإبعاد وعزل وجهة النظر التي تطالب بنهج جديد، ليس حرصاً فقط على مواقعها ومصالحها، ولكن استرسالاً في احتكار الصدارة ولو على حساب احتياجات الدولة والنظام الأساسية في مرحلة صعبة للغاية.
قد تكون العبارة التي صدرت بسرعة ودون تكثيف عن الأمير حسن مؤشراً حيوياً يحاول من خلالها لفت النظر إلى ضرورة الدعوة إلى مقاربة وطنية جديدة لا تشمل فقط الواقع السياسي الداخلي المعقد.
ولكن تشمل أيضاً التأسيس لاتجاه معاكس ومدروس بعمق في المسار الاقتصادي، كما يقدر خبير اقتصادي عميق ومسيس بمستوى نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور محمد الحلايقة.
في المعادلة التي سمعتها «القدس العربي» مباشرة من الحلايقة، ومرات عدة، أثبتت عدم فعالية وكفاءة الاتجاه المتعلق بالإدارة الاقتصادية، الأمر الذي يعني ببساطة شديدة بأن الفرصة ينبغي أن تتاح ليس فقط للمراجعة، ولكن لتحديد اتجاه تخطيط معاكس يقرأ التفاصيل ويعيد إنتاج القدرات المعنية ببناء خط اقتصادي وطني على مستوى الأزمة الحالية.
ليس سراً، في السياق ذاته، أن سلسلة البيانات ذات الطبيعة القبيلة والعشائرية التي صدرت قبل نحو ستة أسابيع، وبالتزامن، باسم قبائل مهمة لم تكن تتحدث فقط عن المطالبة بتغيير النهج، بل والعودة إلى منهجية الحكم الدستوري، على اعتبار أن سقوط نهج إدارة الدولة الحالي يؤدي إلى تراكم المشكلات بدلاً من معالجتها، وعلى اعتبار أن طي صفحة النهج الحالي تحصيل حاصل بكل الأحوال.
وردت عبارات حادة جداً في البنية القبلية والعشائرية عبر تلك البيانات تدين عملياً نمط الإدارة في الدولة، وحصل ذلك في بيانات معارضة ومناكفة صدرت باسم قبائل كبيرة، من بينها حراكات قبلية بني حسن، ومجموعات في بني حميدة وبني عباد، ومن أطلقوا على اسمهم أبناء عجلون.
في تلك البيانات إدانة ضمنية لنمط الإدارة المستمر منذ عشرين عاماً. لكنها أيضاً، وبالتوازي، إدانة بلا نقاش علمي فاصل أو حاسم وبلا أدلة أو قرائن. والأهم أنها بلا بدائل مقترحة، ما يدفع الطرف المتضرر بالقرار الرسمي والإدارة للتحذير من ثقافة تعميم السلبية وكلفة التشكيك بمؤسسات الوطن. وما يهم في المحصلة هو أن كرة الثلج السياسية التي تشاغب على النهج وتطالب بمنهجية جديدة.. تتدحرج.