“أمة عربية واحدة” ذات “بنية تحتية قاتلة”: “تزهو بكم المناهل”… وحليمة بولند تتصدر
محطة تلفزيون «رؤيا» الأردنية المحلية شكلت «خلية أزمة» لإدارة تغطية السيول والأمطار قبل العاصفة، والأهم قبل المركز الوطني لإدارة الأزمات، الذي قرر بعد الأزمة تشكيل خلية لإدارتها، رغم أنها انتهت.
على شاشة تلفزيون الحكومة كان المايكروفون يستضيف موظفا إسمه «مدير الطوارئ». صاحبنا لم ينتبه وهو يتحدث إلى أن رئيس الوزراء بالوكالة الدكتور رجائي المعشر وعلى قاعدة «أن تأتي متأخرا أفضل من أن لا تأتي» قرر قبل إنتهاء الدوام الرسمي بنحو ساعتين إعلان العطلة الرسمية بسبب الأحوال الجوية.
عمليا أي موظف سيغلق مكتبه سيحتاج لنهار كامل للوصول إلى بيته.
كل إجراء حكومي أو بيروقراطي في الأردن يحصل في توقيت خاطىء تماما.
«اغماءة الفلاتر»
يتراكم الإحباط في عقل ووجدان المواطن الأردني، كما لم يحصل من قبل والإصرار على نكران وجود أزمة لا تصلح معها خلايا الأزمة الحالية، أصبح متلازمة مرضية.
لا نعرف طريقة يمكن بواسطتها الاستمرار في إدارة المشهد بالأدوات نفسها والطريقة القديمة ونزعم أن المسؤولية الوطنية والأخلاقية للمستوى الأمني تحديدا بعد الآن تتطلب إعلان وفاة قاعدة «الولاء أهم من الكفاءة» في المناصب العليا، لعل البلاد تحد من خسائرها والدولة تحافظ على بقايا رصيدها الشعبي.
غريب جدا أن «الفلاتر» في القرار البيروقراطي في حالة «إغماء» غير مفهومة، ففي الوقت الذي غرقت فيه العاصمة واجتاح الفيضان قلوب الأردنيين تقرر لجنة حكومية رفع سعر المحروقات… مثل هذا الانحدار في الأداء لم يألفه الأردني سابقا وغير معقول الاستمرار في توجيه اللوم إلى«الطليان»!
الإدارة الأردنية العليا اليوم باختصار عنوانها العشوائية والارتجال والاستخفاف بالناس وتبرير تراكم الأخطاء والتخصص في زراعة الاحتقان.
الوضع أصعب بكثير مما يعتقد صانع القرار.
وعليه لا يمكن توجيه اللوم للأردني وهو يشاهد مناهل التصريف الصحي تخفق وتنفجر وتلتهم أمواله من السيارة إلى البضاعة، إذا ما استبدل عبارة «تزهو بكم المناصب» وطورها لتصبح «تزهو بكم المناهل»، التي تصدرت كل التغريدات والتعليقات.
الحاجة حليمة بولند
كالعادة بحثت وسائط التواصل الأردنية في جذور وشروش وأرشيف الكويتية حليمة بولند، التي تعتبر الآن وبعد تكريمها بمبلغ مالي ودرع في عمان العاصمة الشخصية الأكثر شهرة على الإطلاق.
تمكنت من العودة لحلقة مسجلة مع نجمة الاستعراض الاذاعي عبر محطة «العربية» وفيها تسأل المذيعة عن صورتين في الأولى تظهر النجمة بملابس تشبه الملابس الداخلية خلال وجبة رياضية وفي الثانية ترتدي الحجاب ولباس الصلاة.
لماذا تنشرين صورك في الحالتين؟ سألت المذيعة فأجابت حليمة: وما علاقة الجمهور بصوري. للعلم أنا أديت مناسك العمرة 16 مرة، وذهبت للحج ومن الطبيعي أن أرتدي ملابس «مريحة» عند ممارسة الرياضة، وكذلك من الطبيعي أن أرتدي زي الصلاة بعد الوضوء.
طبعا طبيعي لكن ما هو غير طبيعي أن تنشر الحاجة بولند صورها وهي بملابس مريحة للغاية في كل الحالات. مرة أخيرة الدين لله والوطن للجميع .
قطار مصر المحترق
شاهدنا عشرات المرات على ما تبقى من «مباشر الجزيرة»، ذلك المشهد الدامي للمصري المسكين الذي يقفز ملتهبا ونار القطار إياه تشتعل به بين السلالم أملا في النجاة.
لا أعلم ما إذا كان الرجل تمكن من النجاة أم لا .
لكن المشهد مؤلم حتى الفجيعة ويعيد التذكير بثنائية الفساد والاستبداد التي التهمت ما تبقى من كرامة المواطن العربي، خصوصا وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي ظهر «محاضرا» عن الديمقراطية وعن التطرف والارهاب على شاشة «فرانس24» ودون مقدمات.
طار وزير النقل المصري – بالمناسبة لم يحصل ذلك في الأردن- وتبرير البيان الرسمي لخطأ سائق القطار مضحك للغاية، فالحكومة لا توفر وسيلة نقل بديلة عن تلك المتهالكة في السكة الحديد للمواطن الفقير، والحديد مع البنية التحتية بدأ «يقتل الناس ويفتك بهم».
بصراحة تلك حادثة القطار الخامسة على الأقل منذ سقوط نظام مبارك والكلام واضح، سواء في مصر أو لبنان أو الأردن عندما يتعلق الأمر بالبنية التحتية المتهالكة، التي حولها فساد المقاولين إلى ماكينة «قتل متمرسة» تطحن الأشلاء البشرية وتحرق قلوب العائلات.
نعم إنها «أمة عربية واحدة .. ذات بنية تحتية قاتلة». والأدلة مع القرائن بالكوم منذ شاهدنا على فضائية «الجديد» بيروت وهي تسبح بالقمامة مع سيول الأمطار والضاحية الجنوبية، حيث قلعة الصمود ومحور الممانعة بدون كهرباء.
السيول والطرق التهمت قبل ذلك عشرات الأردنيين وفي جدة شاهدنا كيف يخرج السفلي ليصبح هو العلوي.
تعددت الأسباب والموت واحد بالنسبة لرعايا النظام الرسمي العربي، فمن لم يمت بالقطار مات بالكهرباء أو على الطريق أو جرفته المياه والحكومات تتشدق فقط باستثناء «أبو سمرة السوداني الحبيب»، الذي يموت بهراوات ورصاصات الدرك.