الأعصاب «مشدودة» مجدداً في الأردن عشية «حراكات رمضان» وحوار صاخب في عمق «جماعة الإخوان»
تبدو الصورة ضبابية إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بشغف النخب السياسية الأردنية برسم سيناريو يخص شهر رمضان المبارك المقبل وما يمكن أن يحصل فيه تحت عنوان «الحراك الشعبي تحديداً».
أسباب الحراك الشعبي لا تزال مستمرة، فتطبيقات قانون الضريبة الجديد أرهقت المؤسسات والأفراد، والمصالح التجارية تضررت بإعلان وقف الاستيراد من سوريا، والإخفاق في تكريسه تجارياً مع الضفة الغربية، وبطء استراتيجية تفعيل الحدود المفتوحة مع العراق، وعدم فعالية خطة التحرك للحصول على مساعدات إضافية من السعودية والخليج.
فوبيا «الدوار الرابع» تعود ومقترحات «صاعقة» بجرعة تخدير قوية للشارع
يمكن في الحالة الأردنية ببساطة إضافة صفقة القرن وشقيقاتها إلى الأسباب الموجبة للتجمهر والتحشد في الشارع الأردني إذا ما تعلق الأمر بهتاف وشعار على أسس سياسية إلى جانب تلك المعيشية والاقتصادية.
ورغم الاحتياطات الطارئة وبعض الأفكار الإبداعية للحكومة في احتواء سهرات رمضانية معارضة قدر الإمكان إلا أن الأوساط السياسية الخبيرة تبدو مؤمنة بوجود الاستعصاء السياسي وضعف هوامش المناورة وصعوبة إقناع المواطنين بتجنب تحويل مساءات شهر رمضان الوشيك إلى سهرات شعبية حراكية تهتف بإسقاط النهج وليس الحكومة فقط.
داخل أروقة صناعة القرار يزداد القلق، والشغل الشاغل لمؤسسات الدولة هو تجنب مناخ ربيع عربي في شهر رمضان القريب، ومستوى التفاؤل حتى اللحظة يتقلص لكن المبادرات متفاعلة مع كل الأطراف.
ويبدو لافتاً إلى أن الأجهزة السياسية والأمنية المختصة لديها تصورات، لكنها ليست حاسمة بعد عندما يتعلق الأمر بمفاجآت محتملة على مستوى الحراك الشعبي في شهر رمضان، حيث برنامج أشغال واحتفالات اجتماعي في الأطراف والمحافظات.
وحيث قرارات حكومية سريعة لتخفيف احتقان الأسعار والتضخم، من بينها تخفيض أسعار 81 سلعة، والتدخل حكومياً لدى البنوك لإعفاء المواطنين من أقساطهم لشهر واحد، وتفكير جدي بعدم رفع أسعار المحروقات. في السياق أيضاً، مخاطبات في الجملة من جهة الحكومة والسلطة ومع كل أطياف وأطراف المجتمع تحت لافتة الاحتواء قدر الإمكان.
الدكتور ممدوح العبادي يسأل أمام «القدس العربي» عن السيناريو المحتمل في ظل بطء وزحف الإجراءات الحكومية وضعف أواصر التواصل والحوار الحكومي مع الناس. ويتقدم القيادي في الحركة الإسلامية الشيخ زكي بني أرشيد، في ندوة عامة، ليؤكد مجدداً سؤال من يقرع الجرس لتجنب مزالق تأزيم شعبي في توقيت حرج للغاية.
الجبهة الساخنة الأهم عشية شهر رمضان هي تلك المتعلقة بحراكات أبناء العشائر والقبائل وبياناتهم التي كررت أمس الأول دعوة الأردنيين للاحتشاد في الشارع بمناسبة يوم الأرض الأردني في الثالث من شهر أيار/مايو، في إطار التوطئة والتجهيز لتحويل منطقة الدوار الرابع في عمق العاصمة عمان، حيث مقر رئاسة الوزراء، إلى ساحة اعتصام ليلية مفتوحة. داخل الأطر الضيقة في قنوات القرار يطرح أحد المسؤولين البارزين فكرة لها علاقة بتجنب المنعطف التالي شعبياً بمبادرة سياسية صاعقة تنطوي على تخدير للشارع تحتاجه الدولة ظرفياً ومرحلياً لمواجهة تداعيات صفقة القرن، التي قالت الإدارة الأمريكية إنها ستعلنها بعد شهر رمضان.
الجرعة المقترحة هنا كما علمت «القدس العربي»، مباشرة، تتحدث عن تكثيف شديد في نشاطات شعبية تحت عنوان الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، حتى يصبح الحراك الشعبي المعيشي مسألة ليست ذات أولوية على مستوى الجمهور، وضمن سياق يستعين هنا ببوصلة الإخوان المسلمين تحديداً.
والجرعة نفسها تطرح استفساراً عن إمكانية توجيه ضربة صاعقة بإقالة الحكومة وحل البرلمان معاً، تمهيداً لانتخابات مبكرة وبصورة تفتدي الأزمة وتزيل الاحتقان الشعبي وتعد الأردنيين ببرلمان جديد.
وهي فكرة لم تنضج بعد، لكن تستطيع «القدس العربي» أن ترجح أنها قيلت وطرحت في قنوات ضيقة، وإن كانت تنطوي على مجازفة، لأن الإطاحة بالبرلمان والحكومة معاً قد لا يخففان من الشعارات الداعية إلى إسقاط النهج وإن خدما في المجال الحيوي لتخفيف الاحتقان الشعبي وحدة أي اعتصامات.
في كل حال، الأعصاب مشدودة قبل خمسة أيام من شهر رمضان المبارك، سياسياً وأمنياً، وغرفة القرار غير متفقة بعد على تشخيص أو سيناريو موحد. والتصعيد في الجانب الخدماتي أو المتعلق بالنهج – وليس الحكومة والنواب فقط – مرهون عملياً بمسألة في غاية الأهمية تحت إطار التسييس المنتج بعيداً عن الانفعال والصراخ الحراكي. الأمر هنا مرهون بما يقرره مطبخ الحركة الإسلامية بعد سلسلة من المصافحات الملكية مع مؤسساته ورموزه.
الإسلاميون أمام خيارين لا ثالث لهما؛ أولهما النزول للشارع والضغط على الدولة والاستثمار في حراكات شهر رمضان، وهو ما تؤيده عملياً قواعد حزب جبهة العمل الإسلامي، ويميل إليه إلى حد ما بسبب ضغط القواعد الأمين العام للحزب الشيخ مراد العضايلة.
وثانيهما، ضمن حوار صاخب في البيت الإخواني، ويرجحه المراقب العام الحالي لجماعة الإخوان الشيخ عبد الحميد الذنيبات، ويقضي ببيع الدولة سياسياً صفقة الصمت المؤقت وتجنب النزول للشارع وإكمال الحوارات الناضجة التي بدأت عبر مؤسسة القصر الملكي.