بانتظار تفويض رئيس الوزراء الأردني بتعديل وزاري موسع… وترقب لكيفية استغلاله الفرصة
تأخر قليلاً التعديل الوزاري على حكومة الرئيس عمر الرزاز في الأردن. لكنه يُطهى على نار هادئة، ودخل في مستوى الاستحقاق مع منتصف الأسبوع الحالي على الأرجح إذا ما تمكن رئيس الحكومة من إقناع صاحب القرار بإجراء تعديل وزاري موسع يسبق شهر رمضان المبارك الحافل بالأخبار والتطورات.
حتى اللحظة، يمكن اعتبار تمكين الرزاز من إجراء تعديل وزاري «حر تماماً» وبدون قيود تفرضها بقية مراكز القوى في الإدارة العليا للدولة هو الدليل السياسي الأكثر أهمية على صمود وتمدد وبقاء الحكومة على الأقل لما بعد الصيف المقبل.
وكذلك دليل على أن الرزاز لا بدائل عنه في الوقت الراهن، ولا يزال على الأقل في نظر عواصم القرار المالي وسفاراتها في عمان والبنك الدولي رجل المرحلة الذي ينبغي تمكينه، لأن التشخيص الدولي المالي يتضمن الإصرار على أن الأردن يفتقد إلى حكومة حقيقية تمارس صلاحياتها الدستورية بدون تدخل وفي سياق الشفافية.
في مواصفات بعثة صندوق النقد الدولي التي يقول وزير المالية الأسبق عمر ملحس إنها مقيمة في عمان منذ عشر سنوات، فإن التعامل مع الرزاز أوضح وأفضل طوال الوقت.
خوف من «الشخصيات القوية» ومبالغة في الخضوع لبعض النواب
والأخير هو رئيس الحكومة الذي تمكن من إقرار قانون ضريبة جديد بأقل الكلف، الأمر الذي يجعله موثوقاً بالنسبة للجهات الممولة التي «تلاحظ» على أداء الحكومات المتـعاقبة.
بمعنى آخر، تؤشر دلائل متسعة مع اقتراب شهر رمضان بأن الرزاز يبحث عن فرصته في أن يخرج من طاقمه من يشاء من الوزراء ويدخل من يشاء، وبـ «تفويض واسع جداً» قد لا يكون مسبوقاً حتى يستطيع القصر الملكي ثم البرلمان محاسبته على برامج عمل محددة ومعلنة. على الأقل، يتحدث رئيس الحكومة المثير للجدل في الأردن بهذه اللهجة ويقترح على شركاء صناعة القرار المحاسـبة بـالتوازي مع تمـكينه مـن العمـل فعليـاً ومع الطـاقم الـذي يخـتاره.
وهنا يحتفظ الرزاز بأوراق التعديل الوزاري خلف الستارة، ولا يفصح عن نمط الاتجاه، مما يثير حفيظة وزراء عاملين معه يتحدث الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عن مغادرتهم قريباً باعتبارهم المتسببين بترهل الأداء الحكومي.
ويمكن ببساطة هنا ملاحظة مستجدين في غاية الأهمية حصلا لتعزيز مكانة رئاسة الوزراء، فلم تصدر حتى اللحظة تلك العبارات المرجعية التي تنتقد أداء الحكومة أو تطالبها ببذل المزيد من الجهد كما كان يحصل في الماضي.
ويحاول في الأثناء حلفاء للرزاز وأصدقاء لتياره المدني تحريضه على المضي قدماً عبر اللعب على وتر المفارقة ما بين خبراته الذهنية والفكرية والبحثية وقدراته الفعلية على اتخاذ قرارات، حيث وصف الحليف الأقرب سابقاً للرزاز الدكتور مصطفى الحمارنة صديقه الرزاز بأنه مثقف ومفكر لكنه لا يتصرف كـ «قائد».
الرزاز من البداية لم يقل إنه يريد التصرف بصفته قائداً للجميع. وفي جلسة حوارية مع «القدس العربي»، تحدث عن حجم المشكلات وقراءة واقعية ومعمقة، وفي جلسة عامة أخرى طرح مثالاً مثيراً للجدل عندما أعلن أن المطلوب منه «إصلاح عطب طائرة أثناء تحليقها».
في كل حال، لاتزال خطة الرزاز تجنب الغوص في المشكلات والتحديات وانتظار المشكلات عندما تحصل ومواجهتها بهدوء وعمق.
المستجد الثاني يتعلق بتدخل مرجعي على مستوى القرار انتهى بإحالة موظفين أمنيين بارزين على التقاعد بعدما اشتكاهم رئيس الحكومة واتهمهم خلف الكواليس بالعمل ضد حكومته، وهي مسألة أجاد الرزاز توظيفها سياسياً لكي يحصل على أكبر جرعة دعم ملكي محتملة.
لكن بالمقابل، تنظيف الساحة من المتحرشين أو غير المعنيين بتسليك الحكومة ومساعدتها أو حتى من لديهم وجهة نظر أخرى ليس أكثر من «سلاح ذي حدين» لأن جرعة الدعم الملكي الكبيرة ستعقبها رقابة ملكية دقيقة وغياب الحجج والخطاب الذرائعي الذي يستثمر في تبرير إخفاقات الوزراء وفشلهم.
وعندما يتعلق الأمر ببوصلة الاختيار لا يبدو الرزاز بعيداً تماماً عن تجارب نظراء سابقين له، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بآلية اختيار الوزراء من المقربين والمحاسيب والمعروفين لشخص الرئيس ومن الذين تتقاسم ترشيحهم للمنصب الوزاري مؤسسات وشخصيات نافذة.
حصرياً، في هذه المساحة، لا يبدو الرزاز أنه يعرف الكثير. ولا يبدو أنه معني بالمجازفة بوجود شخصيات وطنية أو تكنقراطية «قوية جداً وفعالة» إلى جانبه تساعده في «التمكين واستعادة الولاية العامة».
ومن المرجح أن رئيس الحكومة قد يلجأ للاختيار من شريحة «الغرباء» غير المسيسة التي لا تنقصها الكفاءة بقدر ما تنقصها الخبرة والقدرة الحقيقية على التواصل مع بقية المؤسسات أولاً، ومع المجتمع ثانياً.
إضافة إلى ذلك، يبالغ الرزاز في «مجاملة» النواب بصفة فردية والخضوع لعدد منهم في بعض الأحيان دون تقدير الهتافات والشعارات الشعبية التي قفزت به أصلاً رئيساً للحكومة.
في كل حال، التفويض بتعديل وزاري عميق في طريقه للرزاز.
والسؤال يبقى: كيف سيتم استخدام هذا التفويض وفي أي اتجاه؟