اراء و مقالات

«بركة البيبسي» في الرصيفة أم طوكيو؟ و«خرزة زرقاء» في عين «حساد» الأردن واليابان

بركة البيبسي» وين؟

لسبب غامض أشعر بوخزة ما، كلما سمعت مسؤولا أو وزيرا في الأردن يتحدث عن «مشروع النهضة».
ساعات فقط فصلت بين التقرير الإبداعي، الذي بثته قناة «الجزيرة» حول خطط اليابان ومشكلاتها تحت عنوان زيادة الإنفاق العسكري وبين تصريح غريب جدا لوزيرة الثقافة الأردنية يفهم منه أن الكرة الأرضية برمتها تحسد اليابان والأردن.
لو كنت معاونا للوزيرة لأحضرت معي خرزة زرقاء، ما دمت سأشطح قليلا، وأصل الى مثل هذا المنحنى، حيث أكدت – بدون أن ترمش – وجود شبه كبير بين اليابان وبلادنا و»لكل منا مشروع نهضة».
وخزني قلبي فورا، واستذكرت حكومة «النهضة» في عمان، وشعرت أن الواجب المهني كان يقتضي أن تقرأ الوزيرة، قبل هذا التصريح العرمرمي، الواقع غير المفيد والأنباء أولا.

بركة البيبسي» وين؟

النبأ الأول، هو تقرير صادر عن مجلس الوزراء الأردني يحتفل بـ» تراجع نسبة البطالة 3 درجات، مع أنها لا تزال فوق 22 في المئة، فيما «الجزيرة» تلعلع، وتقول في النبأ الثاني إن مشكلة الجيش الياباني الأساسية عدم وجود مجندين، لأن نسبة البطالة تزيد قليلا عن 2 في المئة، بينما يبلغنا صديق ووزير سابق أن سلطة المياه في عمان أعلنت عن وظيفة إدارية بشروط شبه تعجيزية، فتقدم لها 25 ألفا من المواطنين!
لو كنت – لا سمح الله مستشارا للوزيرة – ما دامت معنية بالثقافة والتثقيف لتواضعت قليلا، وأنا أقارن نفسي باليابان، فالحديث عن معالجة مشكلة بركة البيبسي، شرقي العاصمة عمان، وقرب مدينة الرصيفة، قد يكون أنفع وأجدى، بعد ربع قرن من اللجان الوزارية والزيارات الميدانية لرؤساء الحكومات!
يجوز أني أقترح قدرا من التواضع في إطلاق التصريحات والتحدث عن معالجة مشكلة «الكلاب الضالة»، ففي طوكيو لا يوجد بيبسي أصلا، حتى تكون له بركة تعجز الحكومات المتعاقبة عن معالجة مشكلتها، وأفترض جدلا عدم وجود كلاب ضالة في جزر الإمبراطورية اليابانية.
أحدهم في البرلمان صرح أن شعوب العالم تحسد الأردن.
قبل ذلك لم تشاهد وزيرة الثقافة تقرير «الجزيرة» عن اليابان، ولا تقرير فضائية «المملكة» عن زيارة رئيس الوزراء وطاقم مواكب لبركة البيبسي.
حسنا، لا تحتاج الحكومة الى أعداء من الخارج إزاء مثل هذه التصريحات لبعض رموزها.

فضائية فرنسية

وعلى ذكر الرموز يمكن إظهار قدر من الحفاوة بالتوصية، التي تبناها كرام مجلس الأعيان الأردني، وهم يناقشون الميزانية المالية للدولة والقائلة بضرورة إنشاء فضائية جديدة تلفزيونية، تقدم برامج ناطقة باللغة الإنكليزية وأخرى بالفرنسية وثالثة بالعبرية.
توصية مقدرة وتستنسخ الأفكار الإمبراطورية اليابانية أيضا، وإن كنت أجزم أن الأولوية بدلا من مخاطبة الناطقين بالفرنسية إعادة تلفزيون «المملكة» الى مساره المهني، وتوسيع نفوذه وسط الجمهور، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من التلفزيون الرسمي الحكومي اليتيم، والغارق في المشكلات.
ذلك أولى، ولو من باب التدرج، فـ»دم الثوار تعرفه فرنسا»، والنطق بالعبرية اختبره الدم الفلسطيني، ويمكننا التركيز على إصلاح قنواتنا الموجودة، قبل الانتقال برسالة النهضة الى العالم الخارجي.

«حلوة يا دنيا»

حسنا فعل طاقم برنامج «حلوة يا دنيا» على تلفزيون «رؤيا» الأردني، وهو يستضيف في الإستوديو «كلبا مؤدبا» لتعريف المواطنين أن الكلاب «صديقة للوطن والمواطن»، ولا ينبغي أن يستعر العداء تجاهها، رغم أن منصات الأردنيين مشتعلة بالحوادث الناتجة عن اعتداءات وعقر أطفال من جهة كلاب «بلدية وجعارية ضالة»، تتوحش بسبب منافسة المواطن لها على «بقايا ونفايات الطعام».
مختصة تشبه «مريم نور»، وهي تقول «بصل.. فجل.. طبيعة»، ظهرت أيضا على شاشة «المملكة»، وحاولت إبلاغنا أن «المواطن ظالم والكلاب على حق» ضمنيا، وقصة «الكلاب» أصبحت الشغل الشاغل للفضائيات الأردنية.
وتلفزيون «البغدادية» العراقي يسلط الضوء على مواطن يطعم الكلاب، رغم أنه عاطل عن العمل.
في فضائية عراقية أخرى كان المذيع يصرخ ويكاد «يعوي» حماسا بزميلة له، قالت على الهواء مباشرة إنها تتمنى لحظة ترى فيها «الرئيس الكلب»، الذي لا ينهب ولا يسرق ويأكل من البقايا، ولا يتحالف مع الأمريكيين ولا الإيرانيين؟!
أحد الظرفاء في عمان شغل الدنيا والناس، وهو يصرخ في وجه «كلبة بلدية كسولة» ويهددها إذا عضت أيا من أولاده، وبعد تقريعه والصراخ به على المنصات عاد حاملا هدية لمصالحة الكلبة نفسها، واعتذر منها على الكاميرا، مع عبوة «تونة» وبعض «الشيبس».
عموما، خيل إلي الأسبوع الماضي – من فرط الاهتمام بظاهرة الكلاب عبر شاشات التلفزيون في مصر والعراق والأردن وسورية – أن الكون «ينبح حولنا»، وأن الشاشات تقول بصوت واحد «هو.. هو» أو»عو..عو»!
عموما، اقتراحي أن نحضر جميعا إلى «كلمة سواء»، مضمونها أن لا نقتل الكلاب ولا تعضنا. كيف يمكن الوصول إلى تفاهم مع «كلابنا»؟
ممكن حقا نتفاهم، إذا استطعنا تفسير العبارة التالية، التي أصرت عليها محطة «سي أن أن»، وهي تنقل عن بيان أوروبي» نستهجن الهجمات العشوائية للمستوطنين». يعني إذا لم تكن عشوائية، يمكن أن لا نستهجنها!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى