اراء و مقالات

الأردن في اليوم التالي لـ«تعديل الوزارة»: راقبوا وزيرة الاستثمار حصراً وحقيبة العمل قريباً «باي باي»

عمان – «القدس العربي»: لعل الإشكالية السياسية الأبرز التي ستلاحق وزيرة الاستثمار الجديدة في الحكومة الأردنية بعد التعديل الوزاري الخميس، الدكتورة خلود السقاف، هي تلك الإشكالية التي تطرح أو يطرح عدد كبير من كبار خبراء الأردن ورجالاته في جذرها وبطنها السؤال التالي: كيف ستدير الحكومة في ظل وجود السقاف ملف ديونها لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي؟
طبيعي جداً أن يلاحق هذا السؤال السقاف التي تتولى حقيبة وزارية لأول مرة عملياً، وهي حقيبة وزارة الدولة لشؤون الاستثمار، وبالضرورة واحدة من أكثر الحقائب الوزارية تعقيداً في السنوات القليلة الماضية، بعد الإخفاق الواضح لمستشار مستورد من الخارج كلف من أشهر فقط بحقيبة الاستثمار.
في كل حال، يراقب جميع خبراء الشأن الاقتصادي، وممثلو قطاعات العمال، ومؤخراً قادة حزب العمال الجديد حصراً، أداء وزيرة الاستثمار الجديدة ليس لسبب له علاقة بملف الاستثمار نفسه، لكن لأنها الشخصية التي تقلدت وزارة الاستثمار مباشرة بعدما قادت لسنوات الشعبة التي تدير استثمارات مؤسسة الضمان الاجتماعي العامة، وهي المؤسسة التي فيها أموال طائلة تعود ملكيتها للمواطنين والموظفين والعمال الأردنيين. والسبب في عملية تسليط الأضواء هنا على السقاف هو ما يشير إليه البعض أحياناً من دورها في تكريس قاعدة التوسع بالسماح للحكومة باستدانة المزيد من القروض من مؤسسة الضمان الاجتماعي حصراً.
وهي مسألة كان أبرز آخر المتحدثين عنها والمحذرين من نتائجها الوخيمة رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، في محاضرة ساخنة ألقاها مؤخراً بضيافة حزب الشراكة والإنقاذ. عبيدات استغرب من ارتفاع فاتورة ديون الحكومة على مؤسسة الضمان الاجتماعي حصراً إلى نسبة مئوية كبيرة قياساً بموجودات تلك المؤسسة، وأشار إلى أن موجودات المؤسسة تبلغ نحو 15 مليار دينار، فيما ديونها على الخزينة بدأت تقترب من 10 مليارات دولار. وهي معادلة قدر العبيدات أنها مقلقة ومخيفة، لأن المسألة تتعلق اليوم بسهولة إقراض الحكومة، وبالنتيجة في ظل وضع دقيق وحساس، وبنسبة عالية من الموجودات والأصول.
تلك ملاحظات في كل حال، ستؤدي إلى جعل وزيرة الاستثمار الجديدة السقاف، وبحكم دورها الذي مارسته بقناعة تكنوقراطية سابقاً تحت عنوان الاستمرار في منح الديون والقروض للحكومة والدولة وليس للشركات والأفراد، هي الهدف للعديد من الأضواء. وهذه واحدة من تداعيات التعديل الوزاري في نسخته الخامسة على حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصــاونة.
لكن الملاحظات في اليوم التالي، سياسياً وتكنوقراطياً، على تشكيل التركيبة الجدية بعد التعديل الوزاري قد لا تقف عند هذه الحدود، فالحيوية مفترضة وتحظى بالأولوية في المربع المتعلق بالتأسيس لعلاقة متكافئة وندية ومهنية بعد الآن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، بدلالة أن الرئيس الخصاونة اختار أحد المخضرمين جداً في وزارته، وهو الوزير وجيه العزايزة؛ لتولي حقيبة الشؤون السياسية والبرلمانية، وهي حقيبة يفترض أن يديرها اليوم العزايزة بخبرته العميقة في وصلته السياسية ضمن الفريق السياسي، وعلى أساس الاستعداد لمرحلة تعاون إيجابية بعد الآن مع البرلمان بمناسبة انعقاد دورته العادية يوم 13 من الشهر الجاري.
دون ذلك، يوحي التعديل في بعض جوانبه التكنوقراطية بعد قراءة التفاصيل وفي اليوم التالي والحفر في بعض الأعماق، بأن الحكومة في طريقها لتنفيذ توصية لجنة إصلاح القطاع العام بإلغاء وزارة العمل، بدلالة دمج وزارة العمل، وهي وزارة ضخمة جداً، بوزارة أضخم، وتكليف الوزير يوسف الشمالي فيهما.
ومن ثم، أصبح الشمالي مسؤولاً عن حقيبتي الصناعة والتجارة والعمل، وهي خطوة -حسب تفسير بعض المصادر- تمهد لحكومة لاحقة خالية من وزارة العمل هذه المرة والتي ستتحول إلى عده مديريات موزعة ومقسمة بين الوزارات المتنوعة ضمن توصيات القطاع العام، مما دفع وزيراً مختصاً للقول «وزارة العمل قريباً.. باي باي». طبعاً، التفاضل العددي للنساء في الحكومة أصبح مظهراً لافتاً لجميع الأطراف، والخصاونة أعلن ترحيبه بالعناصر النسائية الجديدة التي انضمت للحكومة في وزارات أساسية، من بينها التخطيط والشؤون القانونية والاستثمار.
وعليه، فالحصة النسائية أصبحت تقترب من 5 حقائب مع وجود وزيرتي التنمية الاجتماعية والثقافة، وهي سابقة تحدث في تاريخ تشكيل الوزارات الأردنية تقريباً لأول مرة. مجدداً، وفي الخلاصة، عادت وزارة التربية والتعليم إلى وزيرها الأسبق المخضرم الدكتور عزمي المحافظة، وانضم للفريق في وزارتين ضخمتين معاً هما الأشغال والنقل الوزير السابق ماهر أبو السمن، وغابت تماماً تلك الوزارة التي لا يحفظ الأردنيون اسمها بغياب وزيرها نواف التل، وتكليف نائب رئيس الوزراء الجديد للشؤون الاقتصادية بحقيبة وزير دولة لشؤون القطاع العام. دون ذلك، ابتعد التعديل الخامس عن السياق السياسي، وبقي في سياق التجاذب والمناقلات والمحاصصات الجغرافية والتكنوقراطية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى