ما هي تفاصيل «كذبة» كوشنر؟ الأردن ومصر يتفقان على تقديم مشاريع «مضللة» أو قديمة أو ممولة أصلاً في البحرين
إقرار مبكر بفشل وإخفاق «ورشة المنامة» وصفقة القرن في «الثلاجة»
لا يبدو سرًا على الإطلاق ما أعلنه رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري بعنوان فشل وإخفاق مؤتمر البحرين. ولا يبدو في المواصفات الأردنية المرجعية تحديدًا أن ما سمي بورشة عمل البحرين كان أكثر من مناسبة تخللها تضليل وخديعة ومجازفات وكلمات معسولة لالتقاط الصور أمام الكاميرات بين إسرائيليين وما تيسر من الموجودين بأغراض التطبيع.
مباشرة بعد لقاء البحرين، يزور وزير خارجية الكيان الإسرائيلي أبو ظبي، متحدثًا عن التوسع قريبًا في التطبيع، فيما ترسل عمان رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز إلى القاهرة، لكي يلتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويطرح معه ملفات لم يتطرق لها الإعلام الرسمي في البلدين.
محصلة القول بأن قدرة الأردن السياسية على استنباط فشل أو إخفاق لقاء البحرين تجلت في أن الملك عبد الله الثاني قرر المضي قدمًا في إجازته السنوية لأسابيع عدة وبالصورة المعتادة، فيما أدى نائبه، نجله، ولي العهد الأمير حسين بن عبد الله، اليمين الدستورية.
بمعنى آخر، لا توجد أجندة سريعة لها علاقة بنهاية الصيف الحالي على الأقل يمكن أن تنتج عنها قرارات مهمة جدًا من النوع الذي يستدعي إلغاء أو تأجيل الإجازة الملكية السنوية.
تلك هنا -بكل حال- رسالة للداخل والخارج، حاول الاستثمار فيها مخضرم من وزن المصري، عندما أعلن بأن لقاء البحرين أخفق ولم ينتج عنه شيء محدد. والجملة التي صدرت عن المصري في محاضرة ألقاها بالنادي الأرثذوكسي في عمان، قبل ثلاثة أيام، لا تنطلق من فراغ في المعلومات، فحتى خلية العمل التي كلفت بوزارة الخارجية الأردنية بقراءة بيانات ووثائق ورشة العمل المثيرة انتهت إلى قناعة بعدم وجود شيء جديد.
وعلى هذا الأساس، لم تعارض السلطات الأردنية نشاطات الشارع ضد ما يسمى بصفقة القرن أو مؤتمر البحرين، ضمن رسالة مزدوجة تضمنت اعتقال ثلاثة نشطاء بتهمة شتيمة دولة صديقة هي البحرين.
كما تضمنت إسقاط القناعة في التحليل النهائي بأن لقاء البحرين خرج عن سياقه، ولم يكن ناجحًا بكل المعايير.
حتى في التصنيف والتحليل الأردني للمشهد، بعد جولة جاريد كوشنر المثيرة في المنامة، ثمة منطقة مشتركة مع مصر تشكلت مؤخرًا؛ قوامها القناعة بأن كوشنر وطاقمه لم يقدما في الواقع للحلفاء والأصدقاء، مثل مصر والأردن، أدلة أو قرائن مقنعة على وجود ما يمكن تسويقه من برامج.
أغلب التقدير بأن التشبث الأردني بهذا الاستنتاج عن المصري تسبب بوصلة تشاور جديدة بين المملكة ومصر. وأغلب التقدير أن العاصمتين لم تسمعا في المنامة ما يقنعهما في كل الاتجاهات، بما في ذلك المالية والاستثمارية، إذ بات الأردنيون على قناعة وهم يراجعون جدول المشاريع الممولة التي اقترحها كوشنر في المنامة بأنها مشاريع إما قديمة أو مثبتة أصلًا في أوراق قديمة.
في المحصلة، لا يوجد في الأفق عبر طاولة البحرين ماليًا واستثماريًا حتى «ما تلحسه الأصابع المصرية والأردنية»، وهو تعبير استخدم فعلًا في اجتماع مغلق مع المستشارة الأمريكية الجديدة في سفارة واشنطن بعمان.
وعمان هنا أيضًا تبدو متفهمة للاتهام العلني الذي وجهه الرئيس الفلسطيني محمود عباس للأمريكي كوشنر حصريًا بالكذب، وهو الكذب نفسه الذي يلمح إليه المصريون والأردنيون بعد تنقيح العروض والمشاريع التي أحضرها معه ورقيًا كوشنر إلى المنامة، وبدون تحضير درسه، بعدما أصر الجانب الفلسطيني على إبلاغ الأردن ومصر بأن حصة لا يستهان بها من مشاريع كوشنر المقترحة أصلًا مقررة سابقًا لدعم الشعب الفلسطيني، وحصة أخرى لها علاقة ببرامج ممولة أصلًا أو موجودة ورقيًا بدعم من مؤسسات استثمارية أو دولية أو أوروبية، وجزء من مشاريع المنامة تبين في الكذبة الأمريكية الكبرى بأن مخصصاته رصدت في الماضي، أو تخللته مؤتمرات مماثلة لدعم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
لم يجد الأردني هنا أي مصداقية للطرح الأمريكي، حتى عندما يتعلق الأمر بالسلام الاقتصادي أو بالجزء المالي، بمعنى أن الأردن -وفي الخلاصة- يقر الآن بأن إقصاء المسار السياسي عن جدول أعمال لقاء مملكة البحرين لم يحظ حتى ببدل أو بثمن استثماري أو مالي. وذلك طبعًا وفقًا لأرقام وبيانات المستشارين والمحاسبين الماليين، إذ أوفدت القاهرة إلى المنامة خبيرًا تقنيًا ونائب وزير المالية، وأوفدت عمان خبيرًا مماثلًا هو أمين عام وزارة المالية.
بالنتيجة حصل ذلك بدون فائدة تذكر.
وبالتالي، تتوقع عمان اليوم حالة صمت سياسي ووضع مشروع صفقة القرن إياه في الثلاجة لأربعة أشهر على الأقل، حتى مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إلى أن يتمكن أي طرف في معادلة إسرائيل الداخلية من تشكيل حكومة جديدة.