نادي «النخبة» الأردني بعد سحب الحراسات: حوار «أطرش» والتقاط بـ «سوء نية» وإخفاق مشروع خطف المايكروفون من «الهتافين»
قرر مدير الأمن العام الأردني الأسبق، الجنرال فاضل علي فهيد، بعد أن ظهر على أكثر من طاولة حوارية وسياسية وبرؤية «ناقدة»، حسم الجدل النخبوي حول «غضب المرجعيات والسلطات» من «مبادرة» كانت تولد للتو باسم 40 شخصية.
اتصل فهيد بأحد كبار المسؤولين الأمنيين مستفسراً ما إذا كانت اجتماعات ضمته مع شخصيات سياسية «وازنة» ومهمة قد أزعجت أو أقلقت أصحاب القرار في الدولة. الهدف كان تجنب التوقعات في المسألة.
جاء الجواب للجنرال فهيد بـ «النفي»، فقد كان وشخصيات أخرى من بينها رئيس الوزراء الأسبق عبد السلام المجالي وقائد الأركان الأسبق محمد ملكاوي وغيرهم، بصدد «جهد سياسي احتوائي» يحاول مساعدة الدولة بالاتجاه المعاكس لانفلات الحراك.. على الأقل هذا ما قيل من جهة المبادرين.
عقدت المجموعة سلسلة اجتماعات تشاورية تم تنسيق فكرتها مع المستوى الأمني من حيث الإبلاغ والمباركة، ومع موظفين كبار في القصر الملكي أيضاً. وعندما تسربت أخبار الاجتماع الأكبر في جمعية الشؤون الدولية ثار «لغط إعلامي» وسياسي ونشرت مقالات تهاجم الشخصيات المجتمعة من قبل أقلام رافقت وفداً ملكياً، مؤخراً، إلى واشنطن، فتشكل الانطباع بأن جهد هذه الشخصيات «غير مرغوب فيه» أو لم يحظ بالإذن المسبق، خلافاً للواقع.
في السياق، حضر أحد اللقاءات المخضرم عبد الرؤوف الروابده، ودعي الرئيس السابق أحمد عبيدات ورفض الحضور بسبب وجود الأب الروحي لاتفاقية وادي عربه الرئيس المجالي. ونصح سياسي خبير وإشكالي من وزن عبد الهادي المجالي شقيقه الدكتور عبد السلام بعقد الاجتماع التالي في مكان مختلف عن جمعية الشؤون الدولية تجنباً لـ»سوء فهم» سيؤدي إلى إغلاق المؤسسة التي تجمع بالعادة متقاعدي السياسة وطبقة رجال الدولة وعواجيز الحرس القديم. وكانت إشارة عبد الهادي الشقيق تنطوي على «مبالغة».
نادي رؤساء الوزارات يحاول «تحريك» الإيقاع لصالح ما يسميه القيادي الإخواني الشيخ مراد عضايلة بـ «الولاء الراشد» بدلاً من «الولاء المتسرع». وهدف التحريك هنا كان علنياً، وهو إظهار سعي طبقة من رجال الدولة السابقين للتحدث ومساعدة الدولة والدفاع عن خياراتها بدلاً من بقاء المايكروفون بحضن «الشتامين» والانفعاليين من أصحاب الحراك الذي يتصاعد سقفه وهتافه.
الملك عبدلله الثاني كان قد تحدث سابقاً وعلناً عن «ديناصورات» يعيقون الإصلاح، ولاحقاً عن خيبة الأمل من صمت النخبة السياسية. وما حاول بعض الساسة قوله بحسن نية لبعضهم وبدونها لعدد قليل منهم أنهم بصدد الاستجابة والاشتباك لمزاحمة أصحاب الصوت المرتفع في حراكات الشارع.
أخفقت المحاولة مبكراً و»قمعت» لعدة أسباب، بعضها له صلة باللهجة «المزدوجة» التي يتحدث فيها بعض المشاركين في هذا الحراك النخبوي، حيث تقال في الاجتماعات الضيقة عبارات تصل للجهات المختصة، ويقال غيرها في الاجتماعات الأوسع.
أما بعضها الآخر فله صلة مرجحة بفشل «الالتقاط» ما بين النخبة السياسية التي تريد أن تتحرك تحت وقع الإحساس بالمسؤولية تجاه الأزمة وما بين موظفين أومستشارين لا يتمتعون بالقدر الكافي من الاحترام لطبقة رجال الدولة.
المهم.. ما حصل مع ممثلين للطبقة السياسية التي طولبت مرات عدة بالتحرك ضد «السلبية» ودفاعاً عن خيارات الدولة والمؤسسة، أنها أخفقت في توجيه الرسالة، أو أن الجهات المعنية بالالتقاط لم تمارس واجبها في إطار توافقي. وبدأت أنماط النميمة تغزو حتى أوساط سياسيين كبار، وبدأ موظفون كبار في مؤسسات القرار من «الجيل الطازج» يقابلون بأسئلة من طراز.. «تعاتبون عندما نصمت وتسيئون فهمنا عندما نتحدث أو نجتمع». السبب في هذا التبادل «الأطرش» عملياً لوجهات النظر هو الانطباع الذي ساد بعد اجتماعات المجالي في جمعية الشؤون الدولية من أن هذه اللقاءات في توقيت سيئ ونتائجها سلبية.
الإاطباع تعزز عندما قرر عشرات الوسطاء والمحترفين لنمط «التأزيم» في الحراك والنخبة إبلاغ السياسيين والجنرالات إياهم بأن الخطاب الملكي الأخير «يقصدهم» عندما يتحدث عن من يحاولون ركوب موجة معاناة الناس لتحقيق أغراض شخصية.
لا يوجد دليل قوي على مثل هذا الاستنتاج، لكنه خلط الأوراق، خصوصاً وأن «الحراسات الأمنية» رفعت في اليوم التالي عن كل من يحمل لقب» رئيس سابق للوزراء».
وبصرف النظر عن صدقية استنتاج من هذا النوع.. يمكن القول إن ما حصل في الإطار العام عندما قرر «نادي النخبة» التحرك يثبت مرة أخرى أن العلاقات بين الخلايا والشبكات النخبوية داخل أروقة المؤسسة ليست في حالة صحية، وتشوبها أجواء «انعدام الثقة»، وإن والمدخلات السلبية فيها أكثر من الإيجابية.
لافت جداً أن ذلك يبرز في ظل «قطيعة» تشكو منها طبقة قدامى الحراس الأساسيين في الدولة. والأهم.. في ظل توقيت مغرق بالحساسية على المستوى الإقليمي والسياسي والأمني والاجتماعي.