«قلقون على الدولة»… إخوان الأردن: «اليمين» يخطف العالم وأفسد سوريا وليبيا والعراق والمستفيد «إسرائيل»
يمكن بسهولة ويسر تلمس حسابات المطبخ المركزي في الحركة الإسلامية الأردنية بخصوص خيارات الاشتباك أو التعاون مع الدولة ومؤسساتها في ظرف إقليمي حساس.
يقر قطب إخواني مسيس من وزن الشيخ زكي بني ارشيد، بأن الأجندة التي تضغط لتصنيف الإخوان المسلمين والإسلام السياسي بالإرهاب، سواء في الولايات المتحدة أو في دول المحور السعودي المصري العربية، كانت دوماً من المؤشرات التي يأخذها التيار الإسلامي الأردني في حساباته.
لا يريد الإخوان المسلمون في الأردن توفير أي «ذريعة» تسمح للقرار المحلي بالصدام معهم أو استهدافهم أكثر.
لذلك، تم ترشيد لغة الاعتراض في الشارع، وأسس الشيخ بني ارشيد ورفاقه مسافة آمنة مع حراكات الشارع الانفعالية وحتى مع حراكات المطالب الخدماتية ليس فقط من باب فهم حساسية الموقف، ولكن من باب عدم تمكين التيار المناهض للإسلاميين في أجهزة الدولة من ذخيرة يمكن أن تؤدي إلى انقلاب صادم وجذري في الموقف الرسمي.
أمام «القدس العربي»، قال بني ارشيد بإن أبواب الحوار الوطني ينبغي دائماً أن تفتح، والحجة تقام على من يغلقها.
وسط الخطاب والحيثيات يمكن فهم أن الرشد السياسي عند قيادات الحركة الإسلامية الأردنية لا يريد استغلال الظرف الاقتصادي والإقليمي للضغط على النظام والدولة، بمعنى لا يريد الصدام؛ لأن نتائج الصدام قد تكون وخيمة على الطرفين، ولأن القرار المركزي المرجعي يسجل نقطة لا بد من تقديرها واحترامها، وهو يرفض الإقرار بما تخطط له الإدارة الأمريكية بخصوص إصدار قوانين تصنف الإخوان المسلمين بالإرهاب.
قاوم ملك الأردن عبد الله الثاني بوضوح هذا السيناريو، وحتى أمام الرئيس دونالد ترامب، وبصورة دفعت إسلامياً مغربياً كبيراً من وزن عبد الإله بن كيران لأن يبلغ مرة زواراً له، بينهم أردنيون، بأن أقرانه من إخوان المملكة لو علموا بما يفعله الملك بالخصوص لـ «قبلوا يديه».
لا يريد الإسلاميون إدانة أنفسهم للوصول إلى مرحلة تقبيل الأيادي، لكنهم يناورون ويحاورون ويمنحون السلطة في الأردن الانطباع الذي تريده تماماً في جزئية التباين بين خطابهم وأولوياتهم في النسخة الأردنية عن التنظيم الدولي أو التجربة المصرية تحديداً.
لا أحد وسط قيادات الحركة الإسلامية في الأردن يدافع عن أخطاء النسخة الإخوانية المصرية قبل الانقلاب.
ولا أحد يفترض بأن التيار الإسلامي يطالب بأكثر من إطلاق إصلاح سياسي حقيقي وقواعد لعب نظيفة وحوار وطني بناء، وهو ما قاله، في لقاء خاص علني حضرته «القدس العربي»، المراقب العام الحالي للإخوان عبد الحميد ذنيبات.
تقدم حزب جبهة العمل الإسلامي بمبادرات ووثائق سياسية في الآونة الأخيرة تحت عنوان الشراكة والمصالحة والبناء والإصلاح.
على مقربة من انكفاء التعبير الإخواني علناً قليلاً ونسبياً لصالح اشتباك بمزاج معتدل وحراك يقوده حزب جبهة العمل الإسلامي.. ثمة عملية طبخ فكرية سياسية لا يمكن اتهامها بعدم الوطنية.
«نحن قلقون على الدولة»… قالها قطب بارز في الحركة الإسلامية وساندها الشيخ مراد العضايلة الأمين العام للجبهة بوضوح وعلى هامش نقاش حيوي وتفصيلي، حاولت فيه «القدس العربي» تلمس بوصلة وأولويات وملامح مطبخ الحركة الإسلامية وكيفية تفكيرها.
ما هي المسوغات؟ لماذا يقلق الإسلاميون اليوم على الدولة؟
يبدو سؤالاً وجيهاً في محاولة للرد على علبة الاتهامات التي توزع أفقياً وعمودياً ضد الإسلاميين بين الحين والآخر. لكن في النقاش تستطيع «القدس العربي» تلمس بعض الملامح الأساسية.
في مقايسات المطبخ الإسلامي الأردني لا خلاف على الدولة حتى عندما يزداد الخلاف معها، والوضع -خصوصاً الحالي الإقليمي والدولي، وإلى حد ما الداخلي والاقتصادي- لا يقبل المجازفة بالمؤسسات الأردنية.
والقرار الاستراتيجي لمؤسسات الحركة الإسلامية بالمقابل بعنوان «لا صدام» ولا محاولات استغلال، بل دعوة للحوار والإصلاح من أجل شراكات منتجة.
ثمة تفسير لاستراتيجية الإسلاميين المتعلقة بالنزول إلى الشارع بمقدار محسوب وبدقة له علاقة بالقلق الفعلي على الدولة، فهي إلى حد ما الآن بلا حلفاء ولا أصدقاء، واليمين الأمريكي يتحالف مع الإسرائيلي وسيخطف العالم في كثير من البلدان في السقف الزمني المنظور وضمن سلسلة من المغامرات والمجازفات الشوفينية البغيضة.
باختصار، يقولها العمق الإخواني خلف الأبواب والنوافذ: «اليمين الإسرائيلي والأمريكي عبث بالعراق وسوريا وليبيا، ويعبث في مصر، وبالتأكيد لا نريد تمكينه من العبث في الأردن».
الأهم في التفكير الإخواني ما يلي.. وعليه، الدولة الأردنية ليست محوراً للخلاف أصلاً وأي مساس بها -لا سمح الله- سيؤدي إلى ثغرة لصالح المشروع الإسرائيلي حصرياً وبعدما خطفت موجة اليمين أمريكا وفي طريقها لخطف أوروبا.
هذه أدبيات تسمعها «القدس العربي» داخل أركان الحركة الإسلامية الأردنية وتشكل إطاراً واعياً يقرأ التحولات الدراماتيكية في المنطقة.