أعضاء كنيست عن الليكود في «مطاعم عمان»: مقايضات وابتزاز في ملفي «الباقورة والأغوار» و«العمق» الإسرائيلي «ينقلب»
أزمة عميقة بين عمان وتل أبيب تخفي الكثير من الأسرار
: تلميحات شخصية إسرائيلية من وزن الممثل الدرزي في حكومة إسرائيل «أيوب قرا» بين أردنيين ظهر بينهم مؤخراً في عمان وفي منطقة الأزرق شرقي البلاد تكمل نصاب الانطباع العام بأن العلاقات الأردنية الإسرائيلية انتقلت من مستوى التأزم مع حكومة اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو إلى مستوى الابتزاز والانقلاب تماماً في الأعماق.
المدعو أيوب قرا، بحضور شخصية أردنية غامضة وعضو سابق في البرلمان عن الطائفة الدرزية في الأردن، ظهر علناً مرتين وفي مطعمين مؤخراً في العاصمة عمان.
الحديث، وبحكم خبرة وموقع المسؤول الإسرائيلي عن التعاون الدولي سابقاً لدولة الكيان وعضو الكنيست عن الليكود، تطرق في أكثر من مناسبة لتكتيك إسرائيل الملموس في مواجهة قرار معلن للملك عبد الله الثاني بإنهاء اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر والموقعة كملحق لاتفاقية السلام منذ عام 1994 وبموجب عقد تأجيري لـ 25 عاماً.
قال ملك الأردن علناً، قبل أسابيع عدة، بأنه قرر إنهاء هذه الاتفاقية وعدم تجديد عقدها التأجيري، وبدأ فريق قانوني أردني يستعد للمسألة على هذا الأساس، في الوقت الذي أربك فيه القرار آنذاك مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واعتبر بمثابة خطوة أولى للتصعيد مع الأردن في ظرف إقليمي واقتصادي وسياسي حساس، قوامه ما أقر به أمام «القدس العربي» وزير الخارجية أيمن الصفدي حجب كل المعلومات والمعطيات عن بلاده، عندما يتعلق الأمر بما يسمى صفقة القرن.
الوزير تحدث أيضاً عن أزمة إضافية فرضت على بلاده في مرحلة ما بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهي سعي اليمين الإسرائيلي بالتحالف مع شخصيات يمينية أمريكية لتصفية وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، ما قد يمهد -حسب مخاوف الصفدي- لوقائع قانونية وسياسية على الأرض تحاول إلغاء حالة وصفة اللجوء ودون تفاوض.
في كل حال، يخوض صانع القرار الأردني أكثر من معركة في مواجهة انقلاب إسرائيلي على المملكة بدأ يثير الكثير من الغبار ويؤسس لتحديات مركزية حتى في الداخل الأردني، لأن سياسيين كباراً من وزن عدنان أبو عودة وطاهر المصري، عبروا عدة مرات وأمام «القدس العربي» عن مخاوفهم من محاولات إسرائيلية محتملة لاستغلال الوضع الاقتصادي الأردني والعبث في الداخل وفرض أجندات لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن والأردنيين، مع مطالبة جميع مكونات المجتمع الأردني بالتصلب والحرص على مؤامرة وشيكة في الطريق تحاول ارتداء ثوب السلام الاقتصادي.
قبل ذلك، تقدم نتنياهو برد متأخر على قرار ملك الأردن بخصوص إنهاء عقد تأجير منطقتي الباقورة والغمر، بإظهار الاستعداد لإرسال وفد مفاوض، محاولاً الاستثمار في عبارة ملحقة في اتفاقية التأجير نفسها تحت عنوان «ما لم يتفق الطرفان على عقد جديد». الحكومة الأردنية جهزت ملفاتها جيداً في الإطارين القانوني والسياسي، وتجري حالياً مفاوضات خلف الستارة.
لكن نتنياهو رد مبكراً على ما اعتبره خطوة عدائية من القصر الملكي الأردني بإعلان غريب قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، يتحدث فيه عن ضم مناطق شمالي البحر الأحمر وفرض السيادة الإسرائيلية العسكرية على منطقة الأغوار وعلى مناطق محاذية للمستوطنات في الضفة الغربية. وتحدث المبعوث الإسرائيلي السري أيوب قرا عن وجود ملكيات لإسرائيليين في عدة مناطق ينبغي التفاوض عليها أيضاً إذا ما أصر الأردن على عدم تجديد عقد تأجير أراضي الباقورة والغمر. استمعت شخصيات أردنية للوزير الإسرائيلي المشار إليه، يتحدث عن مناطق ليس شمال بل شرقي البحر الميت، وفي منطقة القويقرة، وعن مواقع أخرى.
.. كانت تلك رسائل عدائية أيضاً، من المرجح أن البرلمانيّ الأردني الدكتور فيصل الأعور على علم بها وقد سمعها. وبكل حال، طوال مرحلة الجدل بعد قرار إنهاء اتفاقيتي الباقورة والغمر، لجأت أوساط القرار الأردني للأصدقاء والحلفاء المعتادين في مؤسسات إسرائيلية عميقة، بعضها في الجيش وبعضها في الأمن وهياكلهما، وعلى أساس التذكير بأن الشراكة لاتفاقية وادي عربة ينبغي أن لا يسمح بالمساس بها لصالح اليمين المتطرف الحاكم في تل أبيب ومسانديه في اليمين الأمريكي والبيت الأبيض.
المثير جداً في المسألة هنا أن الرد الإسرائيلي من جنرالات في الجيش والأمن كان سلبياً ومتهرباً من تقديم إجابات واضحة، ما زاد شعور الأردنيين بأن إسرائيل لا تتخلى عنه فقط، ولكنها تنقلب على الأردن ومصالحه ودولته ونظامه.
وعليه، من المرجح أن مسار الأحداث يصادق على رواية السفير الإسرائيلي إسحق ليفانون، وغيرها من الروايات في صحافة تل أبيب، بعنوان الدعوات لإنقاذ اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل، وهي دعوات تصدر اليوم قبل أيام فقط من الاحتفال بالذكرى 25 لتوقيع اتفاقية وادي عربة.