الأردن: الإخوان في انتظار “الخطوة التالية” ضدهم وسط “ضغط سعودي-إماراتي”
لا يرغب الإخوان المسلمون في الأردن في التعليق على مسار وبوصلة الأحداث خصوصا بعد انتهاء اضراب المعلمين الذي اتهمتهم أوساط إعلامية وبيروقراطية وفي بعض المفاصل أمنية، بإنتاجه ودعمه والإشراف عليه.
لا شكوك لدى السلطة على الأقل وهذا ما سمعته “القدس العربي “من وزير مختص في الحكومة بمشاركة الجزء التابع لجماعة الإخوان في نقابة المعلمين في سيناريو الاعتصام والاضراب وتنفيذهما.
ولا شكوك حتى عند بعض الإسلاميين أنفسهم بأن ذلك حصل ليس فقط لأن المعلم الذي ينتخب الأخ المسلم أو ينتمي للإخوان المسلمين هو فقط جزء وشريحة مثل غيره من مؤسسة مدنية تمثل الشريحة الأكبر من موظفي القطاع العام، المعلمين.
ولكن لأن هذه الشريحة الإسلامية أو الإخوانية أو غيرها ليست في موقع الصدارة والتحكم فقط وليست من النوع الذي يمكن ان تدار الأمور معه بصيغة “أمر تنظيمي” وفقا للتعبير الذي استخدمه الشيخ مراد العضايلة الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي وهو يحاول شرح ميكانيزم عمل الحركة الإسلامية في النقابات المهنية عموما.
الجماعة والحزب والمؤسسات فيهما، حسب العضايلة، لا يمكنها التدخل حتى بالأخ المسلم النقابي، فالتقليد المتبع هو عدم تدخل التنظيم أو الحزب وأن يترك تقدير الموقف للميدان والظروف والاعتبارات في كل نقابة.
طبعا جهة ما في دوائر القرار لا تشتري هذه الرواية إطلاقا. فقناعة وزير الداخلية مثلا سلامة حماد تتكثف في أن حركة المعلمين كانت أقرب إلى أجندة سياسية في الوقت الذي يؤشر فيه الشيخ العضايلة وغيره على أن الرواية الأخرى التي حاولت أخونة حراك المعلمين في المقابل لم يشترها الشعب الأردني بخمسة قروش.
السؤال هو وفقا لهذه السيناريوهات، ما هي الرواية الحقيقية؟
الإجابة طبعا غير متاحة الآن، لكن بناء روايات ينطلق أصلا من كل الأجندات في كل الحالات والجميع يصفق اليوم لانتهاء اضراب المعلمين على النحو الذي انتهى إليه بتوجيه ومباركة من القيادة والمرجعيات. كما فهمت “القدس العربي” أيضا أن وزير الدولة للشؤون القانونية المشرف على المفاوضات في أكثر من جولة مبارك أبو يامين.
الحكومة من جهتها لا ترى التوقف الآن عند هذه التفاصيل لا بل رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز يدعم المنطق الوطني الإيجابي الذي يقترحه نائب في البرلمان من وزن خميس عطية وهو يقول: ليس مهما من هو المسؤول، الأهم أن يكسب الوطن وان تطوى الصفحة ويستأنف العام الدراسي ويمكن لجميع الأطراف لاحقا أن تعيد قراءة الدرس.
النائب عطية طوال الوقت وقد راقبته “القدس العربي” ثلاث مرات على الأقل خلال شهر اضراب المعلمين كان مهتما جدا بحراك مبادراتي إيجابي يحاصر مسألة التلاوم التي لا طائل منها.
لكن على جبهة موازية دخل الإخوان المسلمون بعد انتهاء حفلة المعلمين بكل تفصيلاتها مجددا في مزاج الكمون التكتيكي وهو مزاج يعلم الخبراء فقط متى ولماذا يقرر الإسلاميون الدخول فيه ذاتيا.
بالقياس هنا يمكن اعتبار مرحلة الكمون التكتيكي والامتناع عن التعليق بعد الزهد في دعم اضراب المعلمين أو دعم إيقافه لاحقا، يحاول ترقب الخطوة التالية في خطاب تحريضي داخل أروقة القرار والدولة، يتهامس به موظفون ومسؤولون كبار وتحاول حكومة الرئيس الرزاز بدورها ان تتجاهله على أساس أنها غير متفرغة لملفات اعتباراتها أو تصنيفاتها “أمنية ” وليست حكومية.
قد لا تجد حكومة الرزاز نفسها صامدة إلى وقت أطول إذا ما تقررت خطوات تحت عناوين تقليم أظافر مؤسسات الإخوان المسلمين. لكن الخيار الأسلم والزاحف ببطء يتحدث عن “الخضوع للقضاء”. والسبب ببساطة ان الحكومة هي التي ينبغي ان تخذ قرارات وإجراءات ثم تتحمل المسؤوليات أمام الشارع والواقع وبقية مؤسسات الظل وبالتالي الحماس لعدم الاشتباك مع الإخوان المسلمين مثل عكسه تماما بالنسبة لوزارة الرزاز عندما يتعلق الأمر بتداعيات محتملة.
في الأفق هنا حديث من الصعب تجاهله عن محاولات للتجاوب مع ضغط سعودي وإماراتي وراء الستارة والكواليس لفتح ملف الاشتباك مع الإخوان المسلمين في الأردن وهو أمر عاد مرتين على الأقل الناشط محمد خلف الحديد للتحدث عنه مع “القدس العربي”. وفي الأفق حديث محتمل عن اعتقالات وتهامس باحترازات ضد الأجنحة المقربة ضد حماس في الحركة الإسلامية الأردنية. وفي الأفق تصعيد محتمل وملفات وقضايا لها علاقة برخصة وترخيص وملكيات وعقارات جماعة الإخوان المسلمين تقول حكومة الرزاز أنها بين يدي سلطة القضاء المستقل.
وفي المشهد نفسه تحذيرات وأجراس إنذار يقرعها الإسلاميون أنفسهم وهم يحاولون التحذير من كلف أي مغامرات قد تنتج عن إجراءات قد تهدف للتغطية على فشل ذريع ليس من الممكن إطلاقا انكاره في إدارة ليس فقط أزمة المعلمين ولكن كل الملفات.