الأردن: «تكتيكات» في أضيق مربع: آخر مقترحات بقاء الحكومة… «برلمان يسلم آخر»
تبدو مجدداً محاولة تكتيكية في أضيق المربعات. المتحمسون لبقاء حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز في الأردن لفترة أطول حتى رغم الضجيج الناتج عن مرض كورونا في العالم، يبتكرون قاعدة تقول بأن «مجلس النواب يسلم المجلس الجديد».
معنى هذا الكلام سياسياً وتشريعياً واضح، وهو عدم الحاجة إلى حل البرلمان الحالي بعد انتهاء دورته الأخيرة وعدم إعلان حل البرلمان ثم إجراء انتخابات برلمانية يحصل فيها التسليم دون رحيل أحد. ببساطة، يعني ذلك أيضاً بأن حكومة الرزاز لن ترحل قريباً، لا بل إنه لا يوجد ما يستوجب دستورياً رحيلها، وبإمكانها في النتيجة الترشح أيضاً للإشراف على الانتخابات المقبلة.
تلك المعطيات في قراءة وتحليل المشهد برزت في محاولة للإيحاء مجدداً بأن الحكومة الحالية باقية وتتمدد. الحاجة طبعاً ملحة دوماً إلى إنتاج انطباع بأن الحسم الملكي لملف إجراء الانتخابات لا يعني بالضرورة أن تستعد الحكومة للرحيل وأن تنتهي واحدة من التجارب المثيرة جداً في السنوات الأخيرة بتوقيع رئيس وزراء مختلف مثل الرزاز. مفهوم تماماً هنا بأن المطلوب وبإلحاح إنتاج مساحات وهوامش لا تتطلب بالضرورة رحيل الحكومة على الأقل ما لم يحل البرلمان الحالي، لكنها قصة بكل الأحوال تحتاج إلى ستة أسابيع على الأقل حتى تحسم مرجعياً وسط نمو الانطباع بأن بقية تفصيلات الاستحقاق الانتخابي الأردني تنتظر نتائج الانتخابات الإسرائيلية، ولاحقاً المسار التنفيذي لبقايا ما يسمى بصفقة القرن.
حصل هذا «التلاقح» بالأفكار والمعطيات بعدما استقبل الملك عبد الله الثاني شخصياً منذ عدة أيام رؤساء السلطات وهيئة الإشراف على الانتخابات، ثم أغلق الباب أمام التكهنات بالتأكيد على الاستحقاق الانتخابي الدستوري الصيف المقبل.
من الطبيعي هنا أن يتحسس وزراء الرزاز رؤوسهم، وأن تسري بيهم موجة من التساؤل عن المصير المحتوم بعد الحسم في ملف الانتخابات زمنياً، الأمر الذي يعني عملياً وجود وظيفة لفكرة مجلس يسلم الآخر، وهي الإيحاء ضمناً بأن الحكومة ليست بصدد الرحيل، وبأن أمام الطاقم الوزاري، خصوصاً الشاب الذي يفتقد إلى الخبرة، عدة أشهر على استحقاق رحيل فرصة ما كان يمكن أن تولد أصلاً دون مركب الرئيس الرزاز، الأمر الذي يقود ضمنيا إلى تلك الاستنتاجات التي ترجح تفكير بعض الوزراء، خصوصاً الشباب، بالترشح للانتخابات المقبلة.
هنا حصرياً تزدحم الأجندات مجدداً، ويبدأ بعض الوزراء الشباب مبكراً وبصورة هوسية في ركوب موجة الحفاظ على فرصتهم في المشهد ضمن معطيات الحق المشروع في الحفاظ على الفرصة.
وهو في كل حال ازدحام حيوي على تعدد السيناريوهات، وإن كان الانطباع العام يؤشر إلى أن القصر الملكي لم يحسم بعد لا موعد الانتخابات ولا رحيل الحكومة ولا التكنيك الذي سيرسم اللوحة قبيل الانتخابات المهمة، التي يرى النائب الدكتور إبراهيم البدور، وهو يتحدث لـ»القدس العربي»، أنها من الصعب أن تعقد وتجرى في بداية شهر تموز لأسباب تتعلق بانشغال الجميع بموسم امتحانات الثانوية العامة.
رهان الرزاز دوماً – وهذا من حقه – على عبوره العام الثاني في شهر أيار المقبل من دون الرحيل. ويبقى الرهان هنا من الحقوق السياسية المشروعة، لكن غير المؤكدة. ورهان طاقمه على التوجيه الملكي العلني الذي صدر وأمر السلطتين بالتعاون معاً لإكمال وإنجاز ما تبقى من تشريعات لها علاقة بالإصلاح الاقتصادي وبإكمال مرحلة الحزم الاقتصادية، التي أمر بها القصر الملكي سابقاً وأصدرتها الحكومة.
ويعني ذلك أن المربع الأساسي في الحكومة قرر قراءة التوجيه الملكي على أساس أنه تمهيد لفكرة بقاء المجلس دون حل، واستمرار أعماله العالقة اليوم مع الحكومة إلى أن تجرى انتخابات تحدد موعدها لاحقاً، ويتم تسليم سلطة التشريع لحكومة جديدة.
في الحالة الأخيرة، إذا ما استطاع الرزاز النفاذ فيها يكسب جولة إضافية مهمة جداً، فهو في النهاية لم يحل البرلمان، ويستطيع تشكيل حكومة جديدة تحصل على ثقة البرلمان الجديد نهاية الصيف المقبل، وبالتالي يعبر أيضاً نحو النصف الثاني من سنته الثالثة بالحكم. لا يوجد قرينة قوية تدعم هذا الاتجاه أو الطموح عند الرزاز. ولا توجد قرينة صلبة تقول بأن الرجل سيحظى بما لم يحظ به غيره سابقاً منذ التحول الديمقراطي عام 1989، لكن الرزاز رجل محظوظ بطبيعة الحال، وأصبحت لديه خبرة في إدارة اللعبة.