الأردن دخل «سياسياً» في أعلى حالات الاستعداد لـ «كورونا» باجتماعات «سيادية»
الرزاز يمارس «النقد الذاتي» والاستعانة بالقوات المسلحة واحترازات غير مسبوقة
انتقلت الترتيبات والتحضيرات الأردنية للتعامل مع فيروس كورونا إلى أرفع المستويات السياسية أمس الخميس، واتخذت إجراءات على الأرض معنية بحالة طوارئ تراقب كل المعطيات وتستعد للاشتباك مع التفاصيل. ظهر ذلك ملياً من إعلان وزير الصحة الدكتور سعد جابر تشكيل لجنة طوارئ عليا يعتقد أن رئيسها سيكون رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز. وتم تشكيل غرفة عمليات خاصة جداً لمتابعة كورونا وتداعيات المرض، ليس في الحكومة أو وزارة الصحة هذه المرة، ولكن في مركز الأزمات الذي تديره نخبة خبراء أغلبهم عسكريون ويرتبطون بالديوان الملكي والقوات المسلحة.
تلك خطوة سياسية بامتياز تدل على أن الجانب الأردني بدأ الاستعداد لأسوأ الاحتمالات وأكثر السيناريوهات الطارئة وعبر مؤسسات القمة السيادية. الاجتماعات مكثفة بهذا المعنى بين الخبراء والجهات الرقابية وفي مختلف الاتجاهات، وفي مركز الأزمات تحديداً، باعتباره المؤسسة الوحيدة التي لديها قدرة في أي وقت على التواصل مع جميع المؤسسات في الحكومة والجيش والهيكل الأمني. الإجراء الأول في سياق الاحتياط اتخذته دائرة الغذاء والدواء عندما أصدرت قراراً بمنع تصدير كامل أصناف التجهيزات الطبية من الأردن وعبر القطاعين الخاص والعام.
والهدف هو الحفاظ على المخزون الاستراتيجي الطبي بأطول فترة ممكنة، والاحتياط لوجود مشكلات محتملة في مجال أنظمة الوقاية الطبية. وتم الالتزام فعلاً بمضمون ومنطوق قرار حظر التصدير برفض معاملة تجارية دعمتها إسرائيل وهي تطلب 100 مليون كمامة طبية من السوق الأردنية، حيث قرر مدير الغذاء والدواء الدكتور هايل عبيدات منع تصدير هذه الشحنة للاحتلال الإسرائيلي، ومنع تصدير المنتجات الطبية في كل الأحوال وفي كل الاتجاهات. وقررت لجنة الطوارئ أيضاً توسيع مقرات الحجز الاحتياطي لإجراء الفحوصات والتقييم، وفي الوقت نفسه توسيع قاعات لعزل الحالات التي يشتبه بها.
وخلافاً للمألوف، وجه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز جملة نقدية لإجراءات العزل الصحي، وقال بأنها غير مناسبة حتى الآن، واعتبر أن الإجراءات المتعلقة بفيروس كورونا لا ترضي الحكومة حتى اللحظة، داعياً إلى توعية أكبر وإلى احتياطات عبر الحدود، ومطالباً المواطنين بعدم تداول التسريبات والشائعات. وقال الرزاز ذلك عندما ترأس الاجتماع الأول للجنة الطوارئ التي شكلها في مركز الأزمات.
ولم تتضح بعد الأبعاد التي قصدها الرزاز من وراء إظهار عدم رضاه علناً عن الإجراءات المتخذة حتى الآن رغم أنه يترأس السلطات المعنية بهذه الإجراءات، الأمر الذي يثير تساؤلات وتكهنات بعنوان حاجة رئيس الحكومة إلى مثل هذا الانتقاد الذاتي في مواجهة مرض حساس.
لكن بعيداً عن السؤال السياسي والجانب البيروقراطي، توسعت قاعدة الإجراءات الاحترازية وبصيغة تعيد الجانب الإجرائي إلى المساحة التي حددها الرزاز نفسه عندما قال بأن الحكومة وجميع المؤسسات ينبغي أن تجتهد في إطار التعاطي مع كل السيناريوهات والجاهزية التامة لكل الاعتبارات.
وأقرت منظمة الصحة العالمية بعدم تسجيل أي إصابة من مرض كورونا في الأردن، وهو ما أكده أيضاً الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الاتصال أمجد العضايلة، الذي طالب الأردنيين بعد تبادل الشائعات والتكهنات حول إصابات بفيروس كورونا، مؤكداً بأن الحكومة ستتخذ الخطوات القانونية اللازمة ضد كل من يستخدم ويستعمل وسائل الاتصال والتواصل لنشر الشائعات في هذا الاتجاه. وفي سياق الاحتراز أيضاً، قررت سلطة الطيران المدني تشكيل غرفة طوارئ تتولى التنسيق في برامج الرحلات الجوية وتتلقى الشكاوى والمعلومات لإعادة الأردنيين العالقين في أي مكان في العالم بعد المشكلات التي طالت واعترت خطوط الطيران والرحلات الجوية، وبعد إجراءات الطوارئ في المطارات وعبر الحدود والموانئ. وقبل ذلك، حظرت سلطات الطيران الأردنية الرحلات الجوية المقبلة من إيطاليا، وبدأت غرف العمليات تتابع قضايا مواطنين عالقين في العديد من البلدان، في الوقت الذي تدرس فيه الآن خيارات محددة لها علاقة بوسائل وتقنيات وآليات الحجر والعزل الصحي.
والخيار الأقرب للتطبيق لاحقاً، في حال تفاعل الفوضى التي يتسبب بها الفيروس، هو الاستعانة بالقوات المسلحة وإمكانات الجيش، حيث يدرس مركز الأزمات حالياً نماذج الحجز والعزل التي تقررت عند كثير من الدول الصديقة والشريكة والحليفة، وبصيغة تعزز برامج الوقاية بعد حظر جميع أنماط تصدير الوسائل الطبية، بما في ذلك الكمامات وعلاجات العزل والوقاية ومواد التطهير.