الأردن: مبادلات واستقالات ووزراء حائرون في الحكومة وخطة طموحة لحماية الاقتصاد ينقصها «المال»
انتهى استبعاد وزير التربية والتعليم في الاردن الدكتور وليد المعاني من اللجنة الوزارية التي وضعت وهندست خطة الاقتصاد الوطني الجديدة بشعوره بالتهميش المقصود وبالتالي تقديم استقالته منتصف الاسبوع. قبل ذلك كان مجلس الوزراء يميل الى تحميل مسؤولية التنازلات التي قدمتها الحكومة لنقابة المعلمين الى الوزير المعاني شخصياً خصوصاً أنه بقي لأكثر من 40 يوماً قبل إضراب المعلمين الشهير وفقاً لمصدر وزاري تحدث لـ»القدس العربي» يمتنع عن مقابلة نقابة المعلمين والتفاوض معها رغم إصدار رئيس الوزراء لتوجيهات بالخصوص. وفي كل حال الحكومة الان نقصت وزيراً من الوزن الثقيل ومن الحرس القديم.
والمفاجئ في المسألة ان الرئيس الرزاز قبل الاستقالة فوراً وبدون تردد وفي توقيت متزامن مع ذكرى أحداث البحر الميت التي سبق ان اطاحت بسلف الدكتور المعاني وزير التربية الأسبق الدكتور عزمي المحافظة. الرزاز قرر بدوره تكليف وزير للدولة للشؤون القانونية واحد مهندسي التفاوض مع نقابة المعلمين بملف وزارة التربية والتعليم بالوكالة الى ان يحسم تبادل المقاعد الوزارية بتعديل وزاري ارتفعت اسهمه مجدداً خلال الساعات القليلة الماضية.
وزيران في الطاقم الحكومي برزا بشكل واضح وهما يشرفان على المفاوضات الخاصة باحتواء أشهر وأطول إضراب للمعلمين في الأردن وهما أبو يامين ووزير الصناعة والتجارة النشط والمفاوض العنيد والخبير القانوني الدكتور طارق الحموري. في كل حال كان وزير التربية الاسبق قد تم التأشير اليه على المستوى الداخلي في سياق إبلاغ مجلس الوزراء بأن الوزارة جاهزة تماماً لسيناريو حراك المعلمين ولديها خطط معمقة تبين لاحقاً أنها غير موجودة. وهو أمر دفع باتجاه الانطباع بان الوزير المعاني قرر خصوصاً بعد استبعاده من اللجنة المشار إليها الانسحاب فردياً من الحكومة وقبل مغادرته من خلال تعديل وزاري يترقبه الجميع ويناسب مواصفات ومقاييس الرئيس الرزاز. في المحصلة ساهم المشهد بانسحاب شخصية وزارية كانت تعتقد طوال الوقت بأنها الاجدر بتشكيل حكومة.
في الاثناء برزت وعلى هامش كواليس مجلس الوزراء الأخيرة تلك الاعتبارات المتعلقة باتجاه فرصة كبيرة لانسحاب وزير آخر وبصفة تلقائية من الحكومة. وترددت هنا معطيات ترجح بأن وزير المالية عز الدين كناكريه قدم أيضاً استقالة مبكرة للحكومة أو عبر عن رغبته في الخروج بالتنسيق مع نائب رئيس الوزراء وحليفه القوي الدكتور رجائي المعشر.
خلافاً لما حصل مع الدكتور المعاني لم يمنح الوزير كناكريه فرصة المغادرة في صمت وبقرار شخصي وأغلب التقدير أنه طلب منه التريث حتى يغادر الحكومة من خلال تعديل وزاري بعدما أبلغ ضمنياً بانه يرغب في الانسحاب والاستراحة وفي طريقه لقبول وظيفة في أحد البنوك المحلية الكبيرة.
ثمة ندرة في النخب المؤهلة لشغل حقيبة المالية في العادة ويبدو أن المفاوض المالي والركن المهم في السياسة النقدية عادل شركس من بين الخيارات التي يمكن للرزاز أن يفكر فيها كبديل عن الوزير كناكريه. وفي كل حال يجتهد وزراء وهم تحت وطأة التأزيم الناتج عن شائعات التعديل إما بالانسحاب طوعاً او بالاجتهاد لإظهار التفاعل والبقاء وتجنب سيناريوهات الاستقالة رغم ان مصادر مطلعة سبق ان نفت علناً حصول استقالات بين الوزراء بالرغم من دخول وزراء على خطوط وملفات غيرهم وبصورة ملموسة في المرحلة الأخيرة.
وذلك بكل حال لا يعني أن فرصة التعديل الوزاري ستصمد الى فترة طويلة بين يدي أو في حضن الرئيس الرزاز وان كان الشارع ومعه النخب السياسية والإعلامية يترقبان منذ فترة هوية هذا التعديل باعتباره محطة استحقاق لإعادة انتاج المشهد الوطني بعد واقعة اضراب المعلمين الشهيرة.
وهنا لم يقف الرزاز عند هذه الحدود فقط بل بادر في اتجاه تجديد روح الحكومة وبث جرعة معنوية في أوساط القطاع الخاص وحتى الباحثين عن سكن من خلال الخطة الجديدة التي اعلنها بعنوان حماية الاقتصاد الوطني.
وهي خطة محورها الأساسي إزالة العقبات أمام استثمارات القطاع الخاص المحلي والتشبيك مع رموزه وزيادة الصادرات وخصوصاً الصناعية بالتوازي مع برنامج حزمة اجتماعي له علاقة بذوي الدخول المحدودة،
ووعود بإعفاءات وبتسهيل الاستثمارات وإنتاج المزيد من فرص العمل والتشغيل للأردنيين، الأمر الذي تحدث عنه بتوسع لـ«القدس العربي» في وقت سابق وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد العسعس وباعتباره الأساس الثاني بعد تحفيز النمو الاقتصادي لخطة بديلة عن الصعيد الضريبي قدمتها الحكومة للمؤسسات المالية المانحة الدولية.
الخطة إياها رسمت على السكة وتبدو معقولة ومبشرة وتحاكي شكاوى المستثمرين ورموز القطاع الخاص. لكن ينقصها وبوضوح المظلة المالية وعدم وجود أركان جوهرية فيها تخدم أو تحفز القطاع التجاري مما يبقيها قيد الجدل عملياً.