انتخابات الأردن 2020 بين الثقل العشائري والإسلاميين ومفاجآت “مرشح الاجماع”
“لوحة مفترضة” لسيناريو تركيبة المرشحين في الانتخابات الأردنية المقررة ملكيا الآن بعد الحسم المرجعي الصيف المقبل، من المهام المعقدة مرحليا ليس فقط بسبب تعقيدات الملفات وشغف الشارع بأي تغيير، ولكن أيضا بسبب هوية وملامح القوى التي ينبغي أو يتوقع أن تتصدر قوائم الترشيح ضمن معطيات نظام الانتخاب الحالي نفسه، حيث يتيح القانون لكل مواطن الإدلاء بصوتين الأول لقائمة والثاني لمرشح داخل القائمة.
هو القانون نفسه الذي تم تعريفه قبل أربع سنوات إعلاميا وشعبيا وسياسيا بقانون “الحشوات” في إشارة إلى مرشحين متزاحمين كانت وظيفتهم جمع الأصوات لمرشح واحد قوي يمول القائمة وينفق عليها بتجربة قد تكون نادرة ولا تصلح إلا للحالة الأردنية.
لذلك تبدو مهمة ترسيم وتعريف المرشحين المحتملين الآن ضمن التركيبة الجهوية والعشائرية حصريا صعبة للغاية ومعقدة. لكنها ليست كذلك عندما يتعلق الأمر بالأحزاب السياسية المخضرمة القابلة فقط لتسجيل إختراقات منطقية وعلى رأسها التيار الإسلامي الذي يشارك في الانتخابات بصورة منظمة جدا وضمن تحالفات أوسع تحت لافتة “الإصلاح الوطني” مستثمرا في ثقل العشيرة وفي مقاعد “الأقليات والكوتا النسائية”.
فقط المطبخ الإسلامي قادر على بناء تحالفات تنطوي على مصداقية تستثمر في المجال الحيوي لمقاعد الكوتا والنساء وفي العديد من المدن الكبيرة بصفة حصرية. بدون ذلك يتوقع ان يحاول نحو70 على الأقل من أعضاء البرلمان الحالي “إعادة الكرة” ضمن معطيات الثقل العشائري والجهوي وضمن حالة إحجام مرجحة عن التصويت وفي إطار التحالفات التقليدية.
يحصل ذلك فيما قد تتغير بعض المعطيات التي لا يستهان بها حيث “مخاطر” بالجملة قد تواجه المرشحين الأقوياء جدا أو الذين يعتقدون أنهم أقوياء فعلا في رأي وتقدير الناشط السياسي الدكتور عبد الناصر الخصاونة الذي يتحرك في الفضاء الانتخابي متعمقا بالتفاصيل.
يتفق الخصاونة مع الرأي القائل مبكرا بأن سحر وتألق فكرة “مرشح العشيرة” سيصل إلى مستويات دنيا هذه الأيام بعد “صحوة مرشحي الحشوات” المحتملة حيث لا يخدم إجماع العشيرة أو الجهة المرشح ضمن قائمة منطقية مدروسة بعناية.
تشكيل القوائم القابلة للنجاح فعلا سيحتاج لجهد جبار هذه المرة والانتخابات “قد لا تكون مفيدة أو منتجة وطنيا” إذا لم تنوع في خيارات “حرة فعلا” للمواطنين تعبر عن اتجاهاتهم وخياراتهم في رأي البرلماني المخضرم محمد الحجوج.
بهذا المعنى معاناة المرشحين ستكون صعبة مع اختيار “حشوات” غير منافسة ضمن القوائم مما يتطلب المزيد من الكلف المالية وأعباء الحشد والتصويت، مع أن مسؤولا كبيرا في أروقة القرار أقر أمام “القدس العربي” بأن الأولوية ستكون لإستئصال المال السياسي ومنع تأثيره، والتحدي الأهم على الأرجح سيكون في الوصول إلى نسبة تصويت واقتراع منطقية معقولة.
وهو وضع يدفع القرار السياسي ولأول مرة كما ذكرت “القدس العربي” في وقت سابق، إلى التفكير في إجراء انتخابات في وسط موسم الصيف حصريا بهدف إشراك “القوة التصويتية” لقطاع وشرائح المغتربين الذين يتوقع أن يزيد عدد العائدين منهم مع الصيف المقبل.
الأهم أن بناء تحالفات قوائم سيكون مهمة صعبة للغاية وينجح فيها فقط مرشحون أقوياء ومخضرمون لديهم قواعد شعبية غير قابلة للاختراق لصالح الخصوم، مع المؤشرات التي تفيد أن التيارات التي يتم تشكيلها من العام الماضي على “أساس انتخابي” فرصها في التأثير قليلة جدا خصوصا وأن تيار الموالاة وتيارات الوسط مطلوب منها الآن الاعتماد على نفسها فقط في الميدان تحت يافطة “نزاهة الانتخابات”.
المستجد الذي يمكن رصده بقوة مبكرا أيضا هو وجود “نشاط انتخابي مبكر” على جبهة بعض الوزراء في الحكومة الحالية برئاسة الدكتور عمر الرزاز.
بعض الوزراء أكثروا من زيارة الدواوين في مناطقهم في الأطراف والمحافظات وهي في العادة أدوات أساسية في نطاق الترشح والترشيح لانتخابات بعيدا عن التحالفات السياسية وتلك الديموغرافية في العاصمة عمان أو المدن الكبيرة.
وهنا من الصعب جدا على بعض وزراء الحكومة الحالية إخفاء سعيهم لركوب موجة الانتخابات إذا ما سقطت الحكومة قبل وقتها أو إذا ما رحلت تماما في حال حل البرلمان وتراجع سيناريو برلمان يسلم الآخر.
الجسر الوحيد اليتيم المتاح هو الانتخابات المقبلة، وقد لوحظ في وقت قياسي ومباشرة بعد الحسم الملكي لموسم الانتخابات قبل نهاية الصيف المقبل أن عدة وزراء في طاقم الرزاز يكثرون من الاستعداد للاستثمار في الحقيبة الوزارية عبر العودة من الشباك السياسي كمرشحين أقوياء في الانتخابات المقبلة.
وفي هذه المساحة الضيقة أكثر وزراء طامحون في الترشح من تقديم الخدمات الجهوية وفي بعض الأحيان العشائرية.
ذلك طبعا لا يحصل مجانا أو بدون تخطيط مسبق.