«انشراح» الأردنية بمعية «جلاجل» المصرية: وزراء «المسيرة» في الـ«ماسورة» والسيسي يرد على «مقاول»
يسألنا المذيع في قناة «اليرموك» على الهواء مباشرة عن ثلاثة وزراء في الحكومة من أبناء الشارع والإصلاح «احتجبوا» فجأة على الأزمة الأخيرة بتوقيع المعلمين.
سأل الزميل: ما الذي يحصل مع رفاقنا وأصدقائنا في الداخل؟ «يقصد الحكومة»!
ضحكت وشعرت أن الأمر يحتاج إلى «تنهيدة»، لأني خرجت للتو من «حوار خاص» مع أحد رموز الدولة، حدثني خلاله عن فكرة اللجوء إلى حكومة الرزاز والرفاق الحراكيين، بعد أحداث «الدوار الرابع» العام الماضي، حيث تبين أن الحل العبقري آنذاك كان بإسقاط حكومة الرئيس هاني الملقي والإتيان ببعض «رموز الحراك والرابع» لتشكيل حكومة.
عبقرية «الأمني» عندما يعبث بالسياسي: تريدون التغيير والإصلاح بالهتاف.. حسنا.. مرحبا بكم.. تعالوا وقودوا «الماسورة» – عفوا المسيرة»، وأنتم الآن الحكومة.
باختصار، ما لم أقله لكاميرا فضائية «اليرموك» ما يلي: نهتف من أجل إصلاح المسيرة، فتسحب أرجل بعض رموزنا إلى «الماسورة»، وهناك في الماسورة الضيقة ثمة امتحان «يخفق فيه المرء أو يُهان» لأن النجاح شبه مستحيل، حيث راتب ومرافق وسيارة وأبهة ومجتمع موغل في النفاق، وهاتف لا يتوقف عن الرنين.
إنها «الماسورة» يا أصدقاء، وهي لحظة الحقيقة حيث عبء مواجهة المسؤولية في الإدارة الشاملة مقابل عبء الخطابة عن بعد.
أزمة المعلم في الواجهة
رغم وجود سلسلة طويلة من الملفات والقضايا الشائكة في «أم الدنيا مصر» إلا أن زميلنا خفيف الظل والدم يوسف حسين، نجم برنامج «جو شو» على محطة «العربي» قرر فتح نافذة أردنية على طريقة «الجزيرة» عندما تقطع اللحظة وتكررها لهدف يمكن توقعه مسبقا.
صاحبنا حسين نجح في إيصال «أزمة المعلمين» بصورة ساخرة إلى الفضاء العربي الإعلامي. هنا يمكن ترديد العبارة الكلاسيكية في المألوف الأردني «زغرتي يا انشراح». وعلى المألوف المصري «فضيحتنا بجلاجل»!
الأخوة المصريون لديهم مليون قضية تثير اهتمامهم، رغم ذلك فإن ثلاثة على الأقل من شاشات المعارضة والمناكفة المصرية تهتم بأزمة المعلمين وما يجذب الكاميرا المصرية هنا حصريا كيفية دخول «كتيبة الدفع السريع» من أقلام الرواية السلطوية على أمل مساعدة الحكومة ضد «معلمي الأجيال».
هؤلاء تحديدا يسألهم المذيع عن «ظروف المعلم البائسة» فيتحدثون عن «الجندي، الذي يحرس حدود الوطن ومؤخرات المواطنين» براتب أقل، مع أن «العلف مثل الرز» في جيوبهم من مال السلطة السياسي ورواتب الحكومة.
ما علينا، الأزمة الأكبر في رأيي من قضية المعلمين هي الأزمة الانشطارية في التصرف الرسمي بإنتاج وتفريخ سلسلة أزمات. لذلك يسمع المذيع يوسف حسين ما تقوله أبواق السلطة الأردنية ويعلن «شفيق يا راجل»!
لكن شفيق في نسخته الأردنية غارق في العسل ومتسلطن في النوم، وكل ما يهتم به «إنكار» وجود أزمة أصلا في ظل نموها.
وعلى سيرة أزمة المعلمين، لاحظت كيف يتحدث المذيع الزميل، الذي حاور رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بالقضية على شاشة الحكومة وسط محاولات محمومة من الزميل للتحدث باسم المناكفين والمعارضين.
أتصور شخصيا أن الرزاز لم يحظ بفرصة تسجيل مقابلة مؤثرة أو عميقة على شاشة الحكومة، التي يترأسها، وقد يكون السبب ما لفت نظري له أحد الخبثاء، حيث مذيع لا يرتدي ربطة عنق وهو يستقبل رئيس رئيس رؤسائه.
ويكثر من استعمال القلم ويلوح بالأصابع بطريقة تحاول التأشير على «الاستقلالية المهنية».
الأمن الأردني وخاشقجي
بكل أناقة ودون تسليط أضواء، زج قارئ نشرة تلخيص الصحافة على محطة «الجزيرة» باسم «الأمن الأردني»، وهو يتحدث عن رواية صحيفة «صباح» التركية المستجدة بخصوص مقتل الراحل جمال خاشقجي – رحمه الله – وبناء على رواية «مصدر مجهول» زار فجأة مقر السفارة التركية في بولندا.
قصة محبوكة لدرجة أنها مضحكة للغاية، ليس لأن المخابرات الأردنية مشغولة فقط بالمحلي واليومي المرهق.
ولكن لأن كل الأجهزة الأمنية كانت أيام مقتل خاشقجي مشغولة برصد المعارك، التي تُثار ضد المملكة من «الذباب الإلكتروني» التابع لـ»سيدي سمو ولي العهد» وللقحطاني ما غيره، نجم أفشل عملية استخبارات في تاريخ العصر الحديث.
لا نحب كل أجهزة الأمن في العالم، لكن العلاقة بين الأردن والعهد السعودي الجديد أيام خاشقجي كانت «مولعة»، والمؤسسة الأمنية الأردنية اكتفت بالرصد والصد والصبر، دون رد، وأشهد شخصيا على ذلك.
هذا لا يعني أن العلاقات الأردنية – السعودية «عال العال»، فهي في أسوأ أحوالها، ولأسباب بات يفهمها الجميع الآن.
السيسي يرد على «المقاول»
لو كنت – لا سمح الله طبعا – مكان أي مستشار للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لما سمحت لأي فضائية مثل «النيل» و«مصر» و«القناة»، وحتى «القاهرة والناس»، وكذلك «أم بي سي مصر» ببث تلك اللقطة، التي يناقش فيها السيد الرئيس بالاسم مقاولا صغيرا أقام الدنيا ولم يقعدها بفضح عالم العطاءات عبر نافذة فيسبوك فقط.
ينبغي كشعوب عربية أن ندخر «السادة الرؤساء» لمهام أجل وأرفع، فهم حماة الديار ويناجزون العدو ويؤسسون للدولة الحديثة، وينبغي أن لا نشغلهم بالقضايا الصغيرة، التي يثيرها مقاول فرعي في الباطن، كان ممثلا رديئا وازدادت نجوميته، لأن السيد الرئيس رد عليه علنا وهو يتحدث للشباب!