بين «تغريدة ملك» وملف «الإخوان في الأردن»: آذان «تصغي» لسيناريو مصري سعودي وافتعال لـ «تأزيم» في البلاد لصالح برنامج إسرائيلي أمريكي
ملكيات وعقارات جمعيات خيرية أسستها الجماعة لأفراد وتحت سيطرة الحكومة أصلاً
لسبب أو لآخر، بدأت تطفو على سطح النقاش في الأردن، وخصوصاً بعد تغريدة ملكية تحفظت على «الأجندات» في إضراب المعلمين الشهير، تلك الهمسات والإشغالات التي تحاول توقع الخطوة التالية للحكومة والسلطة في ملف الإخوان المسلمين.
أطراف عدة خارج الدولة وداخلها تهتم جداً بتأزيم المشهد مع الإخوان المسلمين وشيطنتهم قدر الإمكان. تستفيد هذه الأطراف، وهي تجازف بالعبث بالاستقرار الأهلي والعام، من فتات تسريبات ونظريات تتحدث عن ضغط إماراتي وسعودي مجدداً، يرافقه تقارب مع مصر يخطط للعزلة بين الدولة الأردنية والنسخة المحلية من الإخوان المسلمين. ولا تخفي عواصم مثل القاهرة والرياض وأبوظبي قناعتها خلف الكواليس بأن الحصن الأخير المستقر عملياً لجماعة الإخوان المسلمين في الساحة الأردنية.
ويبدو أن هذه العواصم تجد في عمان بعض الآذان المصغية لسيناريو يسعى للتأزيم داخل الأردن تحت عنوان تفكيك العلاقة الثابتة والمستمرة منذ ستة عقود بين الجماعة ومؤسسات الحركة الإسلامية، وبين المجتمع من جهة ومؤسسات الدولة من جهة أخرى.
بالنسبة إلى الناشط المعارض محمد خلف الحديد، جدد – عبر «القدس العربي»- ما وصفه بمعلومات لديه عن محاولات إماراتية وسعودية للضغط على الإسلاميين وممثلي الإسلام السياسي في بلاده.
الحديد ليس وحده الخائف والقلق من تصاعد ونمو سيناريو يستهدف حافلة الإخوان المسلمين في الأردن بتعطيل مسيرتها وعطب عجلاتها، الأمر الذي يعني أن من لا يريدون ركوب حافلة السلطة والمؤسسات الرسمية في الانتخابات أو النشاطات أو غيرهما سيجدون أنفسهم دون حافلة مستقرة ولديها عناوين وتقاليد عمل.
لا أحد يريد أن يجيب الآن في النخبة الرسمية الأردنية عن السؤال التالي: ما الحكمة من إعطاب حافلة الإخوان المسلمين وعدم التعاون معها وترك كوادرها وجمهورها على الرصيف؟
المجازفة تبدو مكلفة هنا، خصوصاً أن القيادي في الحركة الإسلامية الشيخ مراد العضايلة، يلفت النظر عبر «القدس العربي» إلى أن الرواية التي تفبرك قصة العلاقة بين الإخوان المسلمين وإضراب المعلمين لم تجد من يشتريها في الأسواق.
يساند ناشط إسلامي آخر من خارج الصف الإخواني، هو الأمين العام لمنتدى الوسطية مروان الفاعوري، الرأي القائل بأن مشهد ما حصل مع المعلمين ينبغي أن يقرأ بهدوء ودون اتهامات معلبة وبعيداً عن أي محاولة لتغطية العجز والإخفاق الحكومي، بالحديث عن دور سياسي أو حزبي لأي جماعة أو تيار في حراك شعبي مطلبي واضح وبسيط.
في كل حال، ثمة أجراس تقرع اليوم ومخاوف من أن تراهن المؤسسة الرسمية على تصعيد جديد مع الإخوان المسلمين لصالح ترتيب ما لا يزال غامضاً مع عواصم مصرة على استهداف الإسلام السياسي في الجوار العربي، مع أن الهدف قد يكون الإصرار على إضعاف البنية الداخلية الأردنية بصورة عامة لصالح برنامج يميني إسرائيلي أمريكي يستفيد من إنتاج أزمات في الداخل الأردني.
مسؤولون بالجملة لا يتحمسون للتصعيد مع الإخوان المسلمين، وبين هؤلاء رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، الذي استمع لتقييمات من الشيخ العضايلة وغيره.
لكن الصوت المرتفع خلف الستارة في الحكومة، على الأقل حتى الآن، هو ذلك الذي يحاول تفسير وتبرير خطوات تصعيدية محتملة ضد الإخوان المسلمين في الشارع والمجتمع. ويتحدث ذلك الصوت عن سحب تراخيص والسيطرة على عقارات وملكيات وأموال تتبع مؤسسات خيرية تعمل وسط المجتمع منذ عقود ومسجلة باسم مؤسسات الحركة الإسلامية .
وهو وضع مربك؛ لأن شخصيات وطنية بالجملة تشهد على أن أموال الإخوان المسلمين التي أصلاً لا يسيطرون عليها الآن هي نتاج إما مشاريع استثمارية خيرية أو اقتطاعات المشاركات من الأفراد والكوادر. وقد حضرت «القدس العربي» جلسة سياسية أكدت على هذه المضامين.
في كل حال، تبدو المجازفة هنا كبيرة جداً، ليس لأن ملكيات جماعة الإخوان من مستشفيات وأسهم ومكاتب وأثاث وجمعيات خيرية هي ملكيات فردية في النهاية للمواطنين فقط، ولكن لأن شرائح ومكونات أساسية في المجتمع قد تجد نفسها على الرصيف فعلاً في حال بروز أو حسم مواجهة محتملة لصالح الجناح التأزيمي، حيث دور لا ينكره الجميع في ترشيد وضبط ايقاع شرائح نشطة جداً في المجتمع طوال الوقت، وحيث لا يمكن استعادة العلاقة الدافئة بين مؤسسات الدولة وبنية الموالاة الاجتماعية والعشائرية بواسطة تكنيك قد لا يكون منتجاً يتمأسس على اتهام الإخوان المسلمين وشيطنتهم فقط.
يهمس مراقب عام سابق ومخضرم اعتزل جماعة الإخوان منذ سنوات، في أذن «القدس العربي» قائلاً: الحكومة ومؤسسات السلطة تعرف جيداً الجيل الأول من الإخوان، ولنفترض أنها تعرف الجيل الثاني أيضاً. لكن لا أحد فينا يعرف اليوم أو درس انحيازات واتجاهات وفكر الجيل الثالث في الحركة الإسلامية، فهؤلاء لا تتحدث معهم الدولة أصلاً مثل غيرهم من أجيال الشباب طبعاً. ويسأل الهامس نفسه بالخلاصة: ألا يعني ذلك مجازفة بكل المعاني تخدم احتمالات التشدد والغلو وغموض الاتجاهات؟