تراكم روايات «الغاز الإسرائيلي»: الإخوان المسلمون إلى الشارع مجدداً وتنديد بـ«العبرية» تحت قبة البرلمان الأردني
سؤال يقفز إلى الواجهة مجدداً: هل رُفض عرضان قطري وجزائري؟
قرر عضو مجلس النواب الأردني غازي هوامله التحدث باللغة «العبرية» ضد اتفاقية الغاز الإسرائيلي، داعياً الأردنيين لإسقاطها مجدداً.
وحمل زميله النائب محمد ظهراوي كتاباً لوالد رئيس الوزراء منيف الرزاز، ضد إسرائيل، والقى خطاباً بعنوان «عار الغاز الإسرائيلي»، رغم أن الكتاب عن الراحل منيف الرزاز، والد رئيس الحكومة الحالي عمر الرزاز، وليس بقلمه.
ويسأل الدكتور عبد الله العكايلة عن «المنحة القطرية»، ويعيد زميله في الكتلة الإسلامية موسى هنطش الحديث عن «دلال مفرط» للغاز الإسرائيلي بعد معلومات لديه عن رفض عرضين للغاز، الأول قطري، والثاني جزائري. وهي حيثيات أكد هنطش شخصياً لـ«القدس العربي» في اتصال سابق معه، بأنه لامسها عندما زار الجزائر والتقى سفيرها.
كل تلك مشاهد صغيرة من مناقشات نواب الأردن لمشروع الميزانية المالية للدولة مع حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز، حيث تجاهلت غالبية النواب الجوانب الفنية والمالية في الميزانية، وبدأ مهرجان الخطابة السياسي في آخر دورة دستورية للبرلمان الحالي وقبل أسابيع فقط من رحيل متوقع للبرلمان والحكومة معاً.
ولذلك سبب بطبيعة الحال له علاقة بقرب الموسم الانتخابي والاستعداد لجولة الانتخاب التالية المتوقعة نهاية الصيف للعام الحالي، حيث الأنباء عن حل للبرلمان في وقت قريب في شهر آذار/مارس المقبل في محاولة لاحتواء صخب الغاز.
يقرر، ضمنياً، النواب وداع حكومة الرزاز بعد رفقة لمدة عامين بخطابات حادة للغاية سياسياً وشعبوياً تتركز في معظمها على صفقة الغاز الإسرائيلي المثيرة للجدل، التي تسقط في اختبار الشعبية العارم.
الضجيج بهذا المعنى يزيد في الأردن بعد ضخ الغاز الإسرائيلي فعلاً في الأنابيب وقطعها لمسافة آمنة شرقي نهر الأردن. والنواب قرروا مسبقاً تحقيق أعلى معدلات الشعبوية بالهجوم حصرياً في نقاشاتهم الأخيرة على تلك الصفقة التي لا تزال غامضة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد تبنى حزب المعارضة الأكبر في البلاد خطاباً مباغتاً يدعو الأردنيين للتحرك في الشارع لإسقاط تلك الاتفاقية.
وظهر الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد عضايلة في شريط فيديو دعائي تحفيزي نادر، يدعو فيه الشعب للتحشد ضد الاتفاقية، في إشارة يفهم منها بأن الحركة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين برسم الجاهزية لقيادة حملة شعبية متأخرة نسبياً ضد الغاز الإسرائيلي.
ذلك بحد ذاته مستجد مهم في الإيقاع الداخلي الأردني. وهو مستجد لا تبدده إلا ذاكرة أعضاء مجلس النواب القصيرة نسبياً، لأن المجلس تبين أنه مرر ميزانية لثلاث سنوات فيها مخصصات لصالح نفقات إقامة أنبوب الغاز الإسرائيلي في الأراضي الأردنية.
وزيرة الطاقة هالة زواتي، كانت قد ذكرت أمام «القدس العربي» بأن الحديث عن أنبوب ناقل للغاز شمالي البلاد بقيمة استراتيجية، وليس من المنصف التركيز على البعد المتعلق بغاز تم الاتفاق عليه مع شركة أمريكية.
خلف الستارة يحكم الغاز أيضاً نقاشات الصالونات السياسية في الوقت نفسه؛ فقد بدأت نخبة من كبار المسؤولين التحدث عن اتفاقية بين شركة أردنية وأخرى أجنبية لا يجوز للبرلمان أصلاً مناقشتها وعن «صناعات ثقيلة» يمكن أن تدار مستقبلاً حول أنبوب الغاز الذي ينتج، حسب الوزيرة زواتي، الكهرباء بكلفة أقل من كلفة استيراد الغاز عبر البحر الأحمر.
على جبهة موازية، تحدث خبراء ومعنيون عن عدم دقة رواية النائب هنطش عن الغاز القطري والجزائري، وتبين أن وزير الطاقة الأسبق إبراهيم سيف، زار الدوحة والجزائر قبل وقت طويل من توقيع شركة الكهرباء صفقة الغاز الإسرائيلي، وطلب التفاوض على الغاز، فطلب منه الذهاب إلى السوق الدولية.
في كل حال، بدأت تتراكم الروايات حول خفايا ملف الغاز الإسرائيلي الذي يعتقد الآن أن الأردن دفع ثمنه المالي والاقتصادي ثم السياسي مجاناً ودون حتى «بدل سياسي»، خصوصاً أن الغاز تم ضخه فعلاً في الأنابيب الأردنية وسط احتفالات بنيامين نتنياهو، فيما العلاقات مع إسرائيل في «أسوأ أحوالها» أو «متوقفة مؤقتاً»، على حد تعبير العاهل الملك عبد الله الثاني.
وكانت احتفالية نتنياهو بتصدير الغاز لدول الجوار وللأردن ومصر تحديداً، قد استفزت مشاعر الشارع الأردني، خصوصاً أن منابر حزب الليكود الإسرائيلي، بالتزامن، تهاجم بقسوة القيادة الأردنية، وتعزف مجدداً على الأوتار القديمة بعنوان «دولة للفلسطينيين» شرقي النهر.
كما يحصل ذلك بالتزامن مع التصريحات المقلقة للسفير الأمريكي في تل أبيب ديفيد فريدمان، حول الاحتلال الأردني للضفة الغربية وضم غربي النهر وأحقية اليهود فيها، فيما لم تتشكل في الأردن بعد حكومة قوية أو برلمان شعبي صلب لمواجهة كل هذه التداعيات التي تقلق المواطن الأردني.