روسيا بعد “مانديلا السوري”: ساعي بريد أم حانوتي؟ و”أطنان ذهب “تتجول على شواطئ المنطقة
لو تعلمت حركات وفصائل التحرر الوطني الفلسطيني قليلا من عميد الأسرى السوريين في سجون الاحتلال أو “مانديلا السوري” – كما يوصف – درس مسقط الرأس الأول، لما دخل الجميع في ماسورة أوسلو، ولما دخلنا نحن الأردنيين في مزراب “اتفاقية وادي عربة”.
الحاج صدقي المقت، والذي تكفلت محطتا “المنار” و”الميادين” حصريا بتعريفنا عليه، يحب دمشق، لكنه يرفض الافراج عنه، شريطة الإقامة فيها. ويريد قريته في الجولان “مجدل شمس”، حتى يتسنى له على الأرجح الاسترخاء قرب شجرة لوز أو تنظيف حواف قبر جده .
هذا النمط من الانتماء لمسقط الرأس يستحق ويستوجب الاحترام، لكن محاولة قناة “الميادين” كانت واضحة لتجيير الموقف لصالح النظام السوري، رغم أن المسألة تتعلق بأسير من رموز الوطنية يحاول تلقين النظام الرسمي العربي برمته درسا باسم مسقط الرأس .
لاحظنا أن قناة موسكو الناطقة باللغة العربية تركب الموجة بدورها فتعيد وتكرر الأنباء عن تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا في قصة “مانديلا السوري”، المناضل والأسير الصلب، وعلى أساس أن الرئيس بشار الأسد طلب هذا التدخل .
روسيا… الحانوتي
ما يثيرني شخصيا – بعد رفع القبعة احتراما – للحاج المقت هو أن روسيا العظيمة بدأت تتحول الى “ساعي بريد” بين محور الممانعة والكيان الإسرائيلي، فالملحق العسكري الروسي في تل أبيب زار الأسير المقت وزميله في عمان أشرف على نقل متعلقات وعظام ورفاة جندي إسرائيلي دفنته الحرب في الأرض السورية .
موسكو هنا أقرب الى دور الحانوتي وساعي البريد وهذا يسجل لصالح النظام السوري، فبدلا من وقف الحرب والتمهيد للصفقة الكبرى، نقل الرسائل حول الأسرى والقتلى وبساطير العسكر الإسرائيليين قد يليق بمقام ما يسميه صديقنا عدنان أبو عودة بالاحتلال الروسي السورية!
لا نملك إلا الأمل بالإفراج عن جميع أسرانا في سجن المحتل الغاصب .
ولا نملك إلا إظهار الامتنان للأسير السوري، مع أن التجار الشطار في دمشق وموسكو يحاولون الاستثمار في المسألة .
ذهب السودان الأسود
وعلى ذكر مسقط الرأس فالفرصة مؤاتيه لإعادة تذكير الجميع بعدم وجود إلا فلسطيني واحد فقط حتى الآن تبرع بمدينة صفد للإسرائيليين، وشقيق عربي له واحد فقط حتى الآن، يحمل الصفة السعودية يجتهد بالتبرع بكل فلسطين!
ما حاولت أن تقوله محطة “الجزيرة” عن الأزمة في السودان في الأثناء بسيط وواضح وملغوم، فحجم التغطية للحدثين السوداني والمصري وصل الأسبوع الماضي الى أدنى المستويات، وتقلص الى حد كبير وملحوظ أيضا .
ورغم محاولة قناة “القاهرة اليوم” المصرية التركيز أكثر على وجود أعداء لمصالح مصر في الشارع السوداني اليوم إلا أن مسؤولا كبيرا سابقا في عهد السودان القديم همس في أذني بمعلومة جديدة – على الأقل على مسامعي – تقول إن الصراع الإقليمي والدولي، الذي يفتك بمستقبل الشعب السوداني ومعادلاته اليوم – ليس على النفوذ، ولا من أجل الديمقراطية، ولا علاقة له بسواحل البحر الأحمر – بقدر ما له علاقة بأطنان عملاقة من كميات الذهب السوداني، والتي يسيطر عليها اليوم بعض الجنرالات والعسكر .
تتجول كميات عملاقة من معدن الذهب الخالص خارج إطار الشرعية اليوم، وتحت ستار الصراع الداخلي وصراعات الأجنحة في المرحلة الانتقالية، ويبدو أن الذهب يتحرك بين الأصابع في مثلث متوازي الأضلاع، يبدأ من جنوب ليبيا الى شواطئ إمارة دبي الى حدود تل أبيب الإسرائيلية وغيرها من مدن الشرق الأوسط .
الذمة هنا مرتبطة بتلك العصفورة وأنا هنا مجرد ناقل لا أكثر .
الأردن يرفع الرواتب
بثت قناة “رؤيا” الأردنية تفاصيل المؤتمر الصحافي الجماعي للحكومة على الهواء مباشرة .
فعل التلفزيون الحكومي الشيء نفسه، ونظم اللقاء على طريقة دافوس، حيث يجلس وزراء ومسؤولون كبار ويدير السؤال والجواب شخص ما مقابل جمهور يطرح الأسئلة ويداخل .
ابتدع هذا الأسلوب لإعلان رفع الرواتب للموظفين ولتحقيق أفضل معدل مشاهدة ممكن وهو أسلوب لطيف وجديد .
لكن يمكن ملاحظة بعض الإشارات، حيث يشاغب وزير العمل على الجميع توضيحا أو تعليقا، وحيث يريد مسؤول ما التحدث، فيبحث عن الميكروفون وحيث يخشى موظفون أقل رتبة الخطأ، ولو برقم أو بكلمة .
وحيث الأهم وهو غياب الخبراء من أصحاب الرأي والمشورة العميقة عن توجيه أسئلة لها علاقة ببرنامج رفع الرواتب وتقييم الأداء .
هي خطوة مباركة ولا نعترض عليها، وبما أن الموظف العام سيحظى برفع للرواتب نتأمل أن لا ترتفع لاحقا أسعار السلع والخدمات الأساسية .
أملنا كبير في أن يخيب تقدير من أسمعهم من خبراء لا ينقصهم الخبث يقدرون مسبقا أن الأسعار سترتفع بنسبة أكبر من معدل رفع الرواتب لاحقا، لأن ذلك معناه ببساطة أن يدفع المواطن بفارق التضخم كل ما لديه بين الباب الشباك.