اراء و مقالات

أربعاء جديد ضد « إسلاميي الأردن»: فروع وأصول وأموال وأملاك «الجماعة» تحت الطلب والانقضاض مع «سردية أمتن»

عمان ـ «القدس العربي»: مرحلة ما بعد إعلان حظر جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بدأت فعلياً في الجانب الإعلامي على الأقل صباح أمس الأربعاء.
وهي مرحلة قد لا تقل إثارة وأهمية عن قرار الحظر ذاته وظروفه وبيئته، خصوصاً من حيث التفاصيل التي يبدو أنها ستفاجئ جميع الأطراف في المواجهة بعدما باتت مفتوحة رسمياً، ليس مع تنظيم تقرر حظره علناً، ولكن مع شبكة نفوذه القديمة والعميقة في تفاصيل المجتمع، وحصراً في حركة الأموال والنقابات والعمل الخيري.
ما بعد الحظر مسألة ليست سياسية وإعلامية فحسب، بل دخلت في سياق تدشين مواجهة قانونية مع فروع وأصول الجماعة المحظورة.
وفي عمق الزوايا الاجتماعية وأحياناً الاقتصادية حيث أعلنت اللجنة المكلفة بمصادرة أموال الجماعة المحظورة ظهر الأربعاء، فتح باب ما سمته بـ «تسوية الأوضاع» أمام أي فرد في الجماعة أو من خارجها، لديه مال منقول أو غير منقول، لا بل خاطبت اللجنة بإنذار قانوني لمدة شهر واحد تحت طائلة المساءلة القانونية واستناداً إلى قرارات قضائية الأفراد الذين سجلت بأسمائهم أموال أو نقلت ملكيات.
الإجراء شامل ومتشدد ويستند من جهة وزارة التنمية الاجتماعية إلى قرارات قضائية وقوانين ولوائح وأنظمة محكمة إلى حد ملموس، ومن الصنف الذي يجعل الطعون القضائية خارج السياق.
المواجهة مع الجماعة المحظورة في الأردن بدأت في السياق الأمني بالكشف عن مخطط ما سمي بـ «خلية تصنيع السلاح» ثم انتقلت إلى المسار السياسي بإعلان حظر الجماعة.
ها هي الخطوة الأولى تبرز صباح الأربعاء تحت عنوان هجمة قانونية هدفها على الأرجح تفكيك الإمبراطورية الخيرية والمالية التي كانت تغذي وسط المجتمع حضور الجماعة. الأربعاء قبل الماضي، لم يكن أيضاً يوماً جيداً للإسلاميين؛ فقد أعلنت فيه قرارات الحظر.

رسالة واضحة

الرسالة واضحة في تحديد الجهة التي أعلنت عن شهر الإنذار في المسار المالي، فهي اللجنة المكلفة في زارة التنمية الاجتماعية وليست وزارة الداخلية، وليست أيضاً المنظومة الأمنية.
الرسالة هنا تنسجم مع ما ذكره مسؤول بارز في الهرم البيروقراطي المختص لـ «القدس العربي» سابقاً عندما قال إن كل الإجراءات ستتخذ بموجب القانون وبناء على نصوصه.
بناء سردية قانونية خالية من الثغرات في إنهاء وتصفية جذور الجماعة المحظورة هدف واضح للمؤسسات الرسمية بعد أداء برلماني استعراضي انتهى بنتائج معاكسة وخدم رواية التيار الإسلامي، وبعد الإقرار البيروقراطي الضمني بإخفاق الهجوم الإعلامي الرسمي، والأهم بعد إعادة بناء قانونية ومتينة لشبكة متصلة من المعطيات.
بوضوح شديد، تجتهد الرواية الرسمية في أن تبقى أولاً قانونية ومتينة، وثانياً مقنعة وغير قابلة للتشكيك ولا حتى للتجيير لصالح إجراءات مفترضة اتخذت رداً على محاولات مواطنين أردنيين دعم المقاومة. باتت الرواية الإخوانية تترنح عملياً، متأثرة بإفادات واعترافات بالجملة خلف الستائر. وبقي الآن السياق القانوني، فيما الجزء المتعلق بشبكة مالية الجماعة المحظورة تحديداً فيه معطيات وبيانات وحيثيات تقر أوساط رسمية بأن بعضها كان مفاجئاً للغاية، لا بل فاق بعض التوقعات البيروقراطية؛ لأن الملف المالي حصراً اشتغلت عليه منظومات مالية حرفية طوال الأسابيع الثلاثة الماضية، بما في ذلك لجان تمثل المؤسسات المختصة، من بينها وزارة التنمية الاجتماعية والبنك المركزي وهيئات الفساد، خلافاً للدور البارز للمنظومة الأمنية.

خطوة دراماتيكية

روقبت بحرص وعلى مدار عدة أسابيع كل حركة أو تحويل مالي، وكانت قد ضبطت مستندات ووثائق حاول بعض القادة إتلافها وإحراقها، فيما ساهم على الأرجح اعتقال مسؤولين بارزين في الجماعة المحظورة الملف المالي ضمن مسؤولياتهم في تمكين لجنة التنمية الاجتماعية من بنية معطيات ومعلومات تبرر إعلان الأربعاء، المثير والمهم، ومضمونه المباشر البسيط هو دعوة أي فرد من جماعة الإخوان للتقدم نحو تسوية مالية وقانونية مقابل النجاة الشخصية إذا كان من الشريحة التي نقلت أموالاً أو ملكيات باسمها.
روقبت أيضاً أنماط تحويل أي أموال بموجب تقنيات إلكترونية حديثة وقنوات بنكية أو عبر قطاع مكاتب الصرافة.
تلك خطوة دراماتيكية بدون شك، مؤشرها الحيوي والأساسي أن الجزء الأهم من التحقيقات انتهى، وأن الانقضاض على مالية وملكيات الجماعة التي حظرت وفقاً لنصوص وأحكام القوانين هو مرحلة جديدة بدأت في خطوات لها سياق سياسي ووطني آخر أو مختلف، عنوانه العريض إقناع جميع الأطراف في المشهد الداخلي بأن قصة الجماعة المحظورة انتهت، وبأن الملف مغلق وغير قابل للتراجع، وأن الدولة ستكمل المشوار، خصوصاً بعدما خالف التيار الإسلامي بجزئيات تصنيع الأسلحة وجمع الأموال كل قواعد اللعبة المسموح بها، فيما حاولت أطراف خارجية التدخل وتحويل الأردن عبر كوادر إسلامية إلى «ساحة»..
المؤسسات واللجان التي اشتغلت طوال 3 أسابيع على الملف المالي حصراً فيها خبراء تقنيون وبيروقراطيون، وهو ما يظهر الحرص على التعاطي مع بيانات وأرقام بمهنية وبصياغة لا تقتصر على ما هو سياسي أو أمني فقط.
لذلك، انتهت مرحلة الحظر الذي أصبح واقعاً موضوعياً يقر به حتى كل الإسلاميين ورموزهم، بما في ذلك قيادات من وزن الشيخ حمزة منصور، والشيخ عبد الحميد الذنيبات، وغيرهما، فيما بدأت مرحلة تصفية الخلفيات ومؤسسات الإسناد التي كنت تمنح الجماعة المحظورة قوة إضافية في المجتمع وفي الانتخابات تحديداً.
الضربة للشبكة المالية والاقتصادية موجعة بكل وضوح، حتى وإن انطوت على بعض المغامرة خوفاً من تكدس جديد في منطقة «فقه المحنة» ومظلومية الأفراد.
المواجهة قانونياً مستمرة بعدما انتهت سياسياً.. ذلك مفهوم أكثر بعد «أربعاء الإخوان الجديد» والمثير، لكن العبارة المنقوصة أو التي لا تزال منقوصة هي تلك التي يفترض أن تجيب عن سؤال المستقبل القانوني لحزب الجماعة بعد حظرها؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading