سخرية في الشارع الأردني من «مسلسل تصدير الكهرباء» بينما المواطن يدفع فاتورتها المرتفعة
«الصخر الزيتي»… عنوان لإعاقة «أضخم» استثمار «صيني» في الأردن
تعود وزيرة الطاقة الأردنية هالة زواتي إلى الحكاية نفسها التي تتبنى الحديث عن فائض كبير للكهرباء في المملكة ترغب زواتي بتصديره إلى لبنان.
قبل ذلك كانت الوزيرة، التي يصفها رئيسها الدكتور عمر الرزاز في مجالسات خاصة بأنها واحدة من وزيرين لم يخذلانه حتى الآن من فريقه، قد تحدثت عن الاستعداد لتصدير الكهرباء إلى العراق. الرأي العام الأردني لا يعرف ما مقدار جدية خطاب تصدير الكهرباء، خصوصاً بعد وقف تراخيص بعض مشاريع الطاقة البديلة ووجود فائض من الكهرباء يقول الخبراء بصعوبة تخزينه في الأردن قبل أن تبحث حكومته عن سوق محتملة هنا أو هناك.
لا يعرف الأردنيون أيضاً ما إذا كان الحديث عن فائض وتصدير الكهرباء يمكن أن يبرر الارتفاع الكبير في كلفة سلعة الكهرباء على فواتير الأردنيين وسط ضائقة اقتصادية تزيد شراسة، وأسبابها تتراوح ما بين انفلات الفساد والترهل والإخفاق في جذب الاستثمارات وتوطين رأس المال الاستثماري الوطني، وما بين تداعيات التحالف السياسي والإقليمي.
في كل حال، يستقبل الشارع الأردني حديث الوزيرة الأنيقة هالة زواتي عن تصدير الكهرباء بكثير من السخرية اللاذعة والمرة، خصوصاً أن خدمات الكهرباء مرتفعة السعر على المواطنين وتنقطع بين الحين والآخر في ظل عدم توفر بنية ليس فقط لتخزين فائض الطاقة هنا، ولكن أيضاً لتطوير وتحديث شبكات إنتاج الطاقة الحرارية أو غيرها.
«لدينا في ملف الطاقة عناصر مقلقة، بعضها غامض والآخر معلب» .. هذا ما قاله نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي رداً على استفسار من «القدس العربي» في وقت سابق، له علاقة بالجدل المتعاظم في مسألة ملف الطاقة.
ثمة «ألغاز» كبيرة في هذا السياق قد يكون على رأسها، وهو ما لمح إليه الزعبي، الإصرار الحكومي العنيد على أن تتحمل البلاد، ومعها العباد، كلفة سداد ديون شركة الكهرباء الضخمة القديمة، حيث معدات عملاقة وقديمة جداً، وكلفة إنتاج ضخمة للطاقة الكهربائية يمكن البحث عن بدائل لها.
يعتبر ذلك من الأسرار «شبه النووية» عند أي جدل يتعلق بملف الطاقة والكهرباء، خصوصاً أن رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان، الدكتور خير أبو صعليك، يقدر بأن ارتفاع كلفة الكهرباء من بين الأسباب الأساسية التي تعيق تحفيز المستثمرين. وبالرغم من ذلك، تقف الوزيرة الأنيقة زواتي نفسها في مواجهة غامضة الخلفيات ضد مشروع ضخم ونادر له علاقة بإنتاج الطاقة من الصخر الزيتي تحديداً، حيث أنباء عن استثمار صيني عملاق هنا برفقة مستثمرين ماليزيين وغيرهم عبر بصعوبة بالغة وبغطاء سياسي واضح من الصين. لكن زواتي وطاقم الحكومة الحالية يجتهدان لإنتاج عراقيل في وجه هذا الاستثمار.
فكرة إنتاج الطاقة من الصخر الزيتي، الذي يعتبر ثروة كبيرة في الأردن غير مستغلة، هي فكرة قديمة، لكن حكومة الصين التي ترغب في الاقتراب بطبيعة الحال من دول وشعوب المنطقة سجلت سابقة سياسية ومالية عندما ضمنت قروضاً ضخمة من البنوك الصينية لدعم وتمويل مشروع صخر زيتي في الأردن.
المختصون هنا، خصوصاً في لجنة البرلمان الأردني، يتحدثون عن ملياري دولار على الأقل، بمظلة صينية وماليزية وأردنية محلية دفع منها على بنية تحتية عملاقة وسط المناطق في الأطراف ما قيمته مليار ونصف المليار.
«فائض إنتاج» لا تستطيع الدولة تخزينه ووقف الاستثمار في «الطاقة البديلة»
لسبب غامض، قررت الوزيرة زواتي، بغطاء بطبيعة الحال من الطاقم الاقتصادي، تغيير قواعد لعبة أضخم وأبرز وأول استثمار صيني في الأردن، عندما ضغطت في اتجاه إعادة فتح ملف اتفاقية لإقامة الاستثمار في الصخر الزيتي بعد عبورها من كل المحطات القانونية والتشريعية والبيروقراطية، وبهدف إعادة تخفيض الأسعار المتفق عليها بموجب الاتفاقية، وبسبب ضمانات وقعتها حكومة سابقة بشراء كميات الطاقة المنتجة من المشروع الصيني من الصخر الزيتي، وبأسعار متفق عليها مقابل إحياء منطقة نائية بكاملها وتشغيل مئات من الأردنيين.
بالنسبة إلى الجانب الصيني وشركائه في هذا المشروع العملاق، لا يجوز إعادة التسعير؛ لأن معظم الاعتمادات البنكية والتسهيلات المالية صدرت وثائقها أصلاً بموجب الأسعار الموقعة عليها، ما يوحي ضمنياً بأن حسابات سياسية أو غير مفهومة، وقد تكون لها علاقة بضغوط من دول كبرى وحلفاء لها في الإقليم، هي التي تقف وراء محاولة إجهاض أو عرقلة مشروع الصخر الزيتي.
كل من يعمل أو يشتبك مع تفاصيل ملف الطاقة في الأردن يجد نفسه في غابة تقاطعات مملة لها علاقة بحرمان الأردنيين من الاستثمار في أنماط الطاقة والكهرباء البديلة، بما في ذلك الطاقة الناتجة عن الرياح والشمس والمياه، والأخطر والأهم عن الصخر الزيتي.
يوافق برلماني مهتم بالمسألة من وزن صالح العرموطي، وأمام «القدس العربي» على أن التساؤلات التي هي بدون إجابة، عندما يتعلق الأمر بملف الطاقة والكهرباء، تثير حيرة سياسية بصيغة تجعل المراقب ينتهي بأن ما يجري قد يكون إما بضغط أمريكي عدائي، أو بعوامل لها علاقة بإسرائيل التي تجتهد بالتأكيد، في رأي العرموطي وغيره، لتمرير اتفاقية الغاز، وهي اتفاقية وصفها العرموطي علناً، مرات عدة، بأنها اتفاقية احتلال لمستقبل الأردن.