عندما سألت ريما خلف: أين محور الفساد؟… اختراقات «ملكية» لصالح خطة حماية الاقتصاد الأردني
مجدداً القصر الملكي على الخط ويحاول مساعدة الرزاز
بدت إطلالة خاطفة، لكنها هادفة وتنطوي على قدر من الغموض. شخصية دولية أردنية من وزن الدكتورة ريما خلف، تحضر تقريباً لأول مرة – حسب المعلن – اجتماعاً فنياً برعاية الديوان الملكي، وبحضور رئيس الطاقم الاقتصادي الوزاري، وعلى أساس الاستعداد لبناء خطة جديدة لحماية الاقتصاد الوطني.
الدكتورة خلف، ترأست في حكومة سابقة طاقم الاقتصاد الوزاري، قليلة المشاركة والمزاحمة، وآخر صورة نمطية عنها في المجتمع الأردني هي تلك التي سجلت فيها سابقة الانسحاب من الأمم المتحدة وعلناً في بيروت وبعد ضغط اسرائيلي أمريكي بسبب مواقفها ضد الاحتلال.
بعد ذلك، اختفت الدكتورة خلف واكتفت بشؤونها الخاصة في العاصمة عمان. لكنها ظهرت بين نخبة من الخبراء حاول الديوان الملكي الاستعانة بهم في أحد اجتماعات الخلوات الفنية، أملاً في التوصل إلى وصفة بيروقراطية أو سياسية لحماية الاقتصاد. هنا، مداخلة الدكتورة خلف أمام أركان الديوان والحكومة كانت بسيطة ومختصرة وتستفسر بشأن ملف إدارة الدين العام، وتسأل عن خطة حماية الاقتصاد الجديدة بالصيغة التالية وبكل بساطة: أين محور الفساد؟
القصد بأن تقدير الدكتورة خلف يتعلق بضرورة وضع محور شامل لمواجهة الفساد عندما يتعلق الأمر بوضع خطة حقيقية وعميقة وجوهرية للنهوض بالاقتصاد أو مواجهة تحدياته أو حتى الرغبة في حمايته. لاحقاً، تصاعدت همسة سياسية تقترح على المسؤولين ..»الانتباه جيداً لما يجري في بيروت».
لفت النظر أن الدكتورة خلف تحدثت وقدمت مداخلتها أمام المسؤولين في الاجتماع نفسه، لكنها امتنعت عن التداخل -وفقاً لشهود عيان- عندما حضر الملك عبد الله الثاني شخصياً الجزء الثاني من الاجتماع نفسه وطلب رأي الموجودين.
بكل حال، قد يعني ذلك أن الدكتورة خلف لديها قنوات جانبية لإيصال رأيها للمراجع إذا ما طلب في أي وقت. لكن الحكومة في المقابل لم تبرر للدكتورة خلف أو غيرها عدم تضمن خطتها الطموحة التي أعلنت الأحد الماضي لأي محور يتعلق بمكافحة الفساد. القطاع التجاري مثلاً شعر بالعزلة أيضاً، لأن خطة حماية الاقتصاد تضمنت وبكثافة تحفيزات للمستثمرين في قطاعي الصناعة والإسكان، وتجاهلت القطاع التجاري الذي يقول رموزه بأنه المورد الأضخم للخزينة في بند الضرائب والرسوم.
القطاع الزراعي أيضاً خرج من السكة وقد عبر الناشط والمهندس الزراعي البارز، وهو أيضاً مزارع كبير، المهندس كمال الساري، عن انزعاج الأسرة الزراعية من تجاهلها عندما نشر تغريدة حاول تذكير الحكومة فيها بأن الزراعة ليست حاكورة منزل ولا مناقيش زعتر.
سأل المهندس الساري الحكومة علناً: أين القطاع الزراعي في خطتكم الجديدة؟
وسأل نشطاء آخرون أيضاً علناً: أين الأمن الغذائي ومظاهر الركود في الأسواق وخطة تحفيز التبادل التجاري؟
ثمة في الخطة التي أعلنها الرزاز محور اجتماعي، وآخر له علاقة بقطاع الإسكان والعقارات، وثالث بالمستثمرين والصناعيين، لكن قطاعات مثل السياحة لم يتحدث عنها أحد في الحكومة بعد ولا حتى وزيرة السياحة النشطة جداً مجد شويكة.
خطة الرزاز تبدو طموحة لكنها سياسية وشعبوية قبل أي اعتبار آخر، برأي العديد من المراقبين، وقد لا تكفي لإعادة إنتاج الواقع الاقتصادي رغم المؤشرات الإيجابية التي تنطوي عليها بهدف خلق فرص تشغيل ووظائف والتحريك الاستثماري في بعض القطاعات. طبعاً، وبعد اليوم الرابع من إعلان الخطة بدون تفاصيل وحيثيات تقنع جميع الأطراف، بقي السؤال معلقاً حول الجزء التمويلي للخطة، والذي يعتقد أنه مرتبط على نحو أو آخر بالاختراقات التي تحسب فقط للحراك الملكي على جبهتي السعودية والكويت مؤخراً.
هنا عاد الملك عبد الله الثاني إلى عاصمته بعد لقاء إيجابي ومثمر مع أمير الكويت، واستقبال حافل وملحوظ له وللوفد المرافق في السعودية، وأثر لقاءات مع الملك سلمان وأمير الكويت وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وهي لقاءات واتصالات يراهن عليها صانع القرار الأردني، على أمل التنويع والتجديد في بوصلة الخيارات وتأسيس شراكات تتجاوز الخلافات السياسية، خصوصاً بعدما تناغمت الاتصالات أملاً في احتواء الاحتقانات ليس مع ولي العهد السعودي فقط، بل عبر تواصل حار مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحت عنوان تبادل التهنئة بمقتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي.
التنويع هنا في البوصلة السياسية والمراوحة بين المحاور والعواصم، مع الاحتفاظ بمسافات آمنة بين المحورين السعودي المصري، ثم التركي القطري، هو التكتيك المتاح وقد يكون اليتيم للأردن في هذه المرحلة الصعبة وسط ازدياد الآمال بأن تنجح هذه الجملة التكتيكية في توفير ملاذات آمنة نسبياً أو حتى جزئياً لتأمين الاقتصاد الأردني وحمايته، بمعنى التدخل مجدداً لمساعدة حكومة الرزاز في إنفاذ خطة يبدو أنها منقوصة ومن الصعب التكهن بنجاحها.