اراء و مقالات

غزة «لاعب حيوي» في أي انتخابات أردنية و«شيطنة الإخوان» حققت نتائج عكسية

ما خفي من أسطر «أهل الهمة»… «انتصاران مهمان» للجماعة

عمان ـ «القدس العربي»: ما يمكن قراءته بين أسطر نتائج الانتخابات الطلابية الأهم التي جرت طوال نهار الثلاثاء وأعلنت نتائجها فجر أمس الأربعاء في أم الجامعات الأردنية، كثير ومتعدد وبدلالات عميقة من الصنف الذي يصعب إسقاطه أولاً من حسابات مزاج المجتمع الأردني العام، وثانياً -وهو الأهم- من حسابات الانتخابات الوشيكة يوم 10 أيلول/سبتمبر المقبل.
لا يتعلق الأمر فقط بما تمكنت من إنجازه قائمة أهل الهمة الطلابية في أضخم جامعة في البلاد فيها نحو 50 ألف طالب، بقدر ما يتعلق بكيفية وآلية وخلفية ما أنجزته هذه الكتلة الطلابية وسط أجواء مشحونة ومعقدة في الشارع الطلابي ضدها.
قالت أرقام نتائج تلك الانتخابات الجامعية الكثير سياسياً، لكن الأهم ما لا تقوله مباشرة تلك النتائج التي أقرت بأن الاتجاه الطلابي الإسلامي الذي يتبع «الإخوان المسلمين» طبعاً، حصل على انتصارين ضخمين لا يستهان بهما، وهما الفوز بـ 9 مقاعد من أصل 18 مقعداً تمثل الاتحاد المركزي للطلاب، وثانياً، توفير دليل مباشر على قدرات الاستقطاب عند التيار الشاب في الحركة الإسلامية وحزبها؛ لأن عدد طلاب «الإخوان المسلمين» لا يمكنه أن يصل في أضخم جامعات البلاد إلى 50 ٪ من 22 ألف طالب شاركوا في الاقتراع. نسبة الاقتراع زادت قليلاً عن 52 ٪ من مجموع طلاب الجامعة، والقائمة الإسلامية حصلت على 50 ٪ من المقاعد والقوة التصويتية.

التصويت لفكرة

يعني ذلك سياسياً، أن رابطاً ما تشكل بين ممثلي التيار في الشارع الطلابي وبين أكثر من عشرة آلاف طالب صوتوا في الصناديق للفكرة وليس للاتجاه الإسلامي؛ لأن أغلبهم ليسوا مسجلين في الحركة الإسلامية وحزبها.
يظهر ذلك قدرات استقطاب كبيرة لدى التيار الإسلامي وسط الجمهور حتى عندما يتعلق الأمر بالتيارات الشابة والحراكات الطلابية التي تهتم بها أعلى مستويات القرار في الدولة بهدف ضمان مستقبل مسار التحديث السياسي الذي حظي بغطاء ملكي ومرجعي.
يحتاج خصوم التيار الإخواني في الأردن بعد هذه النتائج، إلى وقفة عميقة وطويلة للإجابة عن السؤال التالي: كيف ينجح الاتجاه باستقطاب تصويت أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة في معقل أقدم وأهم الجامعات الحكومية، وعلى أي أساس؟
سؤال حرج ومهم، ولا يبدد ضجر انتظار الإجابة الشفافة عليه إلا سؤال أصغر ومختصر: لماذا يحصل ذلك بصورة محددة؟
الثابت المفهوم أن مجلس طلبة الجامعة الأردنية غاب خمس سنوات، فالانتخابات لم تجر منذ خمس سنوات.
وكتلة «قائمة النشامي» المنافس التقليدي للاتجاه الإسلامي، كانت هي المسيطرة في آخر نسخة انتخابية قبل النسخة الأخيرة، ما يعني أن قوة ما على الصعيد التنظيمي وعلى صعيد الخطاب الوطني السياسي هي التي دفعت نصف الناخبين الطلاب من الجنسين لمناكفة الاتجاهات الرسمية عبر التصويت لممثلي الاتجاه الإسلامي الذين كانوا أصلاً على مقاعد الدراسة الثانوية قبل 5 سنوات.
مجدداً، قراءة ما بين الأسطر تؤدي إلى طرح أسئلة صعبة.

ما خفي من أسطر «أهل الهمة»… «انتصاران مهمان» للجماعة

والرابط الوحيد المنطقي هو أن حملة شيطنة «الإخوان المسلمين» في الحالة العامة التي تقررت وأحياناً وجهت مؤخراً من جهات غامضة لأسباب علنية تتعلق بدعمهم للمقاومة في غزة، قد انتهت (نقصد تلك الحملة) بوضع نصف عدد مقاعد اتحاد الطلاب في أهم الجامعات الحكومية بين أحضان «الإخوان المسلمين».
عاقب الناخبون الشباب الفتية هنا بين الجنسين، الاتجاهات الرسمية والحزبية الوسطية التي حاولت صناعة فتنة اسمها «الإخوان المسلمون» وبالتأكيد لدى التيار الإسلامي ميكانيزمات ووسائل وتقنيات تظهر أنه الأكثر خبرة ميدانياً في استغلال واستثمار حملات الشيطنة ضده.
ثمة رابط آخر لم يعد خفياً؛ فبعض الذين نجحوا باسم التيار الإسلامي من الطلاب كان قد خرج للتو من السجون ضمن ما عرف في عمان بسلسلة التوقيفات الإدارية لنشطاء الحراك الشعبي المناصر لغزة والمقاومة. لا بل الناجح الأبرز من قائمة «أهل الهمة» الإسلامية، محمد الخطيب، حصد أصواتاً مرتفعة، فيما كان يوم الاقتراع لا يزال في السجن والتوقيف، حسب منشورات إلكترونية، باعتباره من قادة الحراكات الشعبية المناصرة لغزة في مسألة ينبغي التوقف عندها.
صوت طلاب الجامعة الأردنية لزميل في السجن تمكن من تقديم طلب الترشيح قانونياً وهو خلف القضبان باعتباره بين المعتقلين السياسيين. ذلك قد يضمن، ضمناً، للطالب المشار إليه موقعاً متقدماً في رئاسة اتحاد الطلاب. لكن الأهم هو القناعة السياسية العامة التي اختصرها السياسي مروان الفاعوري وهو يناقش مع «القدس العربي» مؤشرات انتخابات الجامعة الأردنية، عندما لفت النظر إلى أن الشارع الطلابي في بعض المفاصل يصوت أيضاً للاتجاه الذي يدعم غزة والمقاومة، في إشارة جديدة أعقبت نتائج انتخابات رابطة الكتاب التي تقول إن غزة وما يحصل فيها لاعب أساسي ليس في المشهد الوطني الشعبي الطلابي الأردني، لكن في اللعبة الانتخابية أيضاً.

التصويت لغزة والمقاومة

لم يقف الأمر طبعاً عند هذا الحد، فقد أرسل المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» الشيخ مراد العضايلة لـ«القدس العربي» نتائج التصويت قبل اعتمادها وإعلانها رسمياً وبدون أي خلل رقمي، ما يعني تلقائياً ليس فقط أن الجماعة وفرت المظلة لذلك الحضور القوي لممثلي طلابها، بل إن لدى الجماعة قدراً ليس فقط على استقطاب الأصوات ولا الفوز بنصف المقاعد، بل أيضاً على متابعة التفاصيل إجرائياً وفي الميدان وعند صناديق الاقتراع، وأحياناً بصورة أسرع حتى من اللجنة التي أشرفت على الانتخابات.
الأكثر حساسية قد يكون الانطباع العام بأن تمكن الاتجاه الإسلامي الطلابي من السيطرة وليس الاكتساح، ومن نسخ مفهوم معادلة النصف المعطل وشبه المسيطر في أعرق وأقدم جامعة حكومية في البلاد، هو بمثابة البروفة السياسية المسبقة لجاهزية الإسلاميين في التعاطي مع تفاعلات انتخابات نيابية في 10 أيلول المقبل.
التيار الإسلامي جاهز تماماً وبوضوح، والطاقم الذي يقوده الشيخ العضايلة طوال الأشهر التي أعقبت 7 أكتوبر، بقي في الميدان ومع الشباب والموقوفين. وغزة حاضرة بكل حال. وللتذكير، ما دام مفهوم النصف المعطل قد برز، فثمة ورقة في درج العضايلة ورفاقه أعدت مسبقاً، اسمها ليس المغالبة والأغلبية في البرلمان، بل «حكومة ظل» تدفع مسار التحديث السياسي إلى معايير أرقى.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading