«كورونا» في الأردن: عزل المئات في الفنادق… والجيش والدرك في الشوارع لأول مرة
حتى ظهر أمس الاثنين لم يخطر في ذهن مئات الأردنيين العائدين من الخارج بأن السلطات ستعزلهم لأسباب صحية قسراً، حيث رصدت بعد ظهر الاثنين مظاهر ومؤشرات الفوضى في مطار عمان الدولي بعد عودة مئات الأردنيين.
مؤشر التخبط في القرار الحكومي بدا ملتبساً أكثر عندما أعلن الناطق الرسمي وزير الاتصال صباح الإثنين، بأن جميع الأردنيين الذين سيحضرون للبلاد قبل إغلاق المجال الجوي أمام الرحلات المدنية صباح الثلاثاء سيتعرضون للحجز التحفظي وسيمنع استقبالهم.
الهدف من الإجراء المباغت كان الحد من انتشار فيروس ومرض كورونا، بعد وصول الحالات إلى 17 حالة في غضون ثلاثين ساعة فقط بعد أن بقيت المملكة في إطار تسجيل إصابة واحدة يتيمة لأكثر من ثلاثة أسابيع. مستوى التخبط الإداري ظهر عندما أعلنت الحكومة، السبت، أنها ستغلق المجال أمام الطيران المدني صباح الثلاثاء.
بالتالي، اندفع مئات الأردنيين للعودة إلى بلادهم يوم أمس الاثنين، وفوجئوا جميعاً بالإجراءات السيادية الخشنة في مطار عمان. وحسب الأكاديمي وشاهد العيان الدكتور فداء التميمي، تم وضع جميع المسافرين دون استثناء في حافلات بحراسة أمنية، ونقلهم إلى فنادق البحر الميت ودون أي تدقيق صحي أو طبي أو إجراء فحوصات.
وكما فهمت «القدس العربي» من الدكتور التميمي، منع استقبال المواطنين وكانت المفاجأة في الحجر الصحي بهذه الطريقة كبيرة ومباغتة وسط شكوك بسلامة هذا الإجراء أو الأسباب التي دفعت السلطات باتخاذه. بهذا المعنى، ووفقاً لما حصل ظهر الاثنين ما بين مطار عمان ومنطقة البحر الميت، ظهرت لأول مرة الحافلات العسكرية التي تنقل مئات الأردنيين العائدين إلى بلدهم.
وعلى الأقل في أحد الفنادق السياحية، توثقت «القدس العربي» من وجود طبيب واحد فقط أخفق في التعامل وحيداً مع الحالة بعد وصول عشر حافلات مليئة بالعائدين من الأردنيين والأجانب، حيث يستقبل هؤلاء طاقم الاستقبال من موظفي الفندق، وحيث لا يوجد وسائل متابعة صحية أو تعقيم أو تلك الاعتبارات المتلازمة.
ويبدو أن السلطات الأمنية والعسكرية تعاملت مع أمر تنفيذي مباشر اتخذه رئيس الوزراء، حيث ظهور عناصر القوات المسلحة ولأول مرة ضمن التفاصيل والمعطيات المتعلقة بالاحتياطات ذات الصلة بفيروس كورونا.
حصل ذلك بالتزامن مع أعلى معدل تصله الإصابات المؤكدة، وهو17 حالة جديدة في غضون ساعات فقط، الأمر الذي يوحي ضمناً بأن السلطات تستعد لسيناريو أسوأ، وقد تكون مضطرة لإقامة مراكز للعزل الطبي لآلاف الأشخاص، وهو ما لمّح إليه وزير الصحة الدكتور سعد جابر، أمس الأول، في الوقت الذي بدأ فيه المحتجزون صحياً يتعاملون مع منصات التواصل وتلتقط مشكلاتهم وسائل الإعلام في تحد بارز قد ينتج عنه تشكيك بطبيعة النظام الصحي أو إعاقة له ولمعطياته وفي توقيت حساس.
ويبدو أن الاستدراك والقرارات المهمة التي بدأت بإغلاق الرحلات المدنية جواً ثم بحجز جميع الأردنيين العائدين كانت متأخرة إلى حد ما. لكنها برزت إلى السطح بعد توفير الوسائل والتقنيات اللازمة وبكمية معقولة؛ أولاً لإجراء الفحص أصلاً، وثانياً للوقاية التي تتيحها منظمة الصحة العالمية.
بمعنى آخر، ظهور حافلات الجيش في الميدان وتوفير الحراسة الأمنية لا بل العسكرية أحياناً لمراكز العزل الطبي هي من التقنيات التي أصبحت إلزامية وتمثل خياراً وحيداً أمام السلطة والحكومة في ظل الإمكانات المتوفرة حقاً للسيطرة على الوضع العام وسط هدف مركزي يتردد في عمق مركز الأزمات الوطني بعنوان الاحتواء والحد من انتشار الفيروس قبل توفير سبل العلاج.
ويعني ذلك ضمنياً أن بروز المظاهر السيادية في الشارع مقدمة حقيقية لضرب النمط الاجتماعي والعادات والسلوكيات التي تعيق الحكومة أو تربكها، في مؤشر إضافي يعزز القناعة بأن الفرصة متاحة اليوم فعلاً لمزيد من إجراءات الطوارئ التي قد تتخذ بعد أيام قليلة، إذا ما زاد معدل الإصابات، شكل استثمار القانون وهيبة السلطة لتخفيف الاحتكاك في الشارع وبين الجمهور ووسط جميع الشرائح والمكونات الاجتماعية.
لذلك تقول الحكومة علناً بأنها تتوقع من الأردنيين إظهار قدر من المرونة والصبر على بعض الإجراءات القاسية اللاحقة، وبصيغة تؤدي إلى تمكين الحكومة من القيام بواجبها وجهودها وفقاً للتعبيرات التي يستخدمها الناطق الرسمي الوزير أمجد العضايلة.