لافتة تتكرر في الأردن: «المحل مغلق أو للبيع»… «دلال مفرط» للصناعي وإقصاء للتجاري والأسواق «مكتئبة»
الركود يختبر حزمة إصلاحات الرزاز والأمن الغذائي يخضع للتجاهل
سمع الأردنيون مجدداً خلال الأسبوع الماضي النبأ السيئ نفسه المتكرر بين الحين والآخر وبصورة تختبر مزاعم الطاقم الاقتصادي في الحكومة حول «استقرار ونمو الاقتصاد الوطني»… تاجر كبير «يهرب من مدينة الزرقاء» و»حوت» في السوق يخفق في الصمود فيغادر البلاد أيضاً.
يقسم ابراهيم القيسي وهو تاجر صغير وسط العاصمة عمان بأن زبونين فقط دخلا محله التجاري طوال الشهر الحالي. والقيسي مثل غيره من تجار السوق دخل مرحلة الاكتئاب وبدأ يفكر ببيع المحل أو إغلاقه فتجارته لا تدفع كلفة حتى فاتورة الكهرباء. إعلانات «المحل للبيع» ترافقت مع إعلانات «المحل مغلق» في الأسواق المعتادة وعدد قليل جداً من كبار تجار المواد الاستهلاكية يجازف ويتوسع وحجم الشيكات المرتجعة استناداً إلى خبراء وصل معدلات قياسية.
يبدو تماماً القطاع التجاري الأردني وهو بالمناسبة «دافع كبير جداً للضرائب» للخزينة خارج نطاق بوصلة الاهتمام الحكومي والعديد من المنشآت التجارية الصغيرة او المتوسطة في طريقها للإفلاس وسط حالة ركود تتفاعل ولا تظهر الحكومة بدورها أي اهتمام من أي نوع بها.
خلافاً للقطاع التجاري يحظى القطاع الصناعي بـ»دلال مفرط» في كل أروقة القرار وأصبح مألوفاً أن تجد صناعيين أو ممثلين لقطاعهم يتحلقون حول المسؤولين والوزراء ويطمحون في بركة الحقائب الوزارية او مقاعد مجلس الأعيان بين الحين والآخر لأن الجميع يهتم بالقطاع الصناعي قبل وأكثر من غيره.
يبدو أن السر يكمن في سحر العمل مع الصناعيين بالنسبة لمؤشرات صغيرة توحي ولو من باب الوهم بزيادة مؤشرات النمو الاقتصادي مثل زيادة الصادرات وإعادة النظر بالتصدير وفتح ملفات الاتفاقيات مع دول متعددة. لكنها مؤشرات على أهميتها لا تكفي لتبرير إقصاء وإبعاد ممثلي القطاع التجاري عن «عملية جديدة» باسم «حماية الاقتصاد الوطني» وحيث حسابات «شخصية» تظهر بين الحين والآخر على حساب المصلحة العامة.
يحصل ذلك مع أن ممثلي القطاع التجاري وعلى رأسهم رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق يبذلون كل الجهد للفت نظر السلطة وأصحاب القرار لأن الأسواق تترنح تجارياً ولأن المسألة بات لها علاقة بإستراتيجية «الأمن الغذائي» وبحماية المستهلك الأردني قبل أي اعتبار آخر.
وجد الحاج توفيق ورفاقه أنفسهم وسط «حملة تشويه» منهجية مؤخراً لأنهم ينادون بإنصاف القطاع التجاري ومنحه بعض الاهتمام من جهة الحكومة بسبب تاثيره الحيوي والحساس على معيشة وحياة المواطن الذي قال رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز إنه الهدف النهائي لحزمة الإصلاحات التي قدمتها حكومته مؤخراً.
مؤخراً أيضاً تم «تجييش وتجنيد» بعض الأقلام في المنصات والمواقع في حملة غير مبررة وغير مفهومة لتشويه طبقة التجار ومؤسساتهم الشرعية في عملية لم تكن تشهدها ساحة الفعل الاقتصادي بالماضي.
التنافس هنا لا يخضع لمعايير النزاهة وقوانين الأسواق والتاجر روحي العزام يؤكد أمام «القدس العربي» بأن الإقصاء وصل إلى حدود الاستهداف وكأن الحكومة تمارس الخصومة مع الشريحة التي يتعامل معها المواطن وهو يستهلك قبل غيرها.
لا مانع من الاهتمام بكل القطاعات والشرائح – قال العزام – لكن التاجر في الميدان ينبغي ان يشعر بالإنصاف حيث قرارات بالجملة يومياً تعيق عمله وتجعل الصمود في الميدان بالنسبة له «معجزة» مع حيثيات رقمية تؤكد أن نحو 42% من صغار ومتوسطي التجار يديرون عملية التناول الأولى مع المواطنين والمستهلكين مباشرة.
بالنسبة لممثلي القطاع التجاري الشرعيين فلا تجد هموم وآمال الجهات التجارية موقعها في هرم السلطة وهيكل وزارة الصناعة والتجارة والتموين. أما بالنسبة للوزير المعني طارق الحموري فالحوار مستمر ضمن سياسات الحكومة مع جميع القطاعات والمعنيون لا يقومون بالتواصل كما ينبغي.
سمعت «القدس العربي» مرات عدة الوزير الحموري ينفي ما يتردد عن قصة تجاهل الحكومة للقطاع التجاري ويؤكد أن التفاعل مع جميع الغرف التجارية ناشط وبكل أدوات وزارته.
في المقابل استمعت «القدس العربي» لإيقاع الأسواق التجارية حيث تهميش وتجاهل وصعوبة في التواصل حتى مع مقر رئاسة الوزراء وتجار يشعرون عموماً بأن الوزارة التي تحمل اسمهم تتجاهلهم تماماً خصوصا وان المنتخبين من ممثلي القطاع لا ينافسون ولا يتزاحمون عندما يتعلق الأمر بإمتيازات تقدمها السلطات لأشخاص منتخبين.
في مقايسات الحموري يحظى القطاع التجاري بالعناية اللازمة وصوته مسموع. وفي مقايسات أنشط ممثل منتخب للقطاع على الأقل في العاصمة عمان مثل الحاج توفيق لا بد من توفر أدلة عملية على الإصغاء للصوت ويمكن استبعاد أي مساعٍ لشخصنة العمل العام ولا مبرر للمبالغة في تهميش القطاع ولا بد من التحدث معه وبصراحة وبما يخدم مصلحة جميع الأطراف حيث لا تخاصم ولا أجندات شخصية وملفات تهم المصالح العامة تحتاج لنوايا حسنة دوماً.